شرع الغرب في رسم خارطة طريق ليبيا ما بعد القذافي مع بروز مؤشرات قوية على تهاوي النظام الليبي و استحالة نهوض سلطة العقيد و عائلته من جديد و قد عمل فريق دولي تقوده كل من بريطانيا و الولاياتالمتحدة و ايطاليا و الدنمارك و تركيا و استراليا و كندا على تحديد ملامح ليبيا الجديدة. وأوصى الفريق الدولي الذي تقوده بريطانيا بداية بعدم المساس بجزء كبير من قوات الأمن التابعة للزعيم الليبي في حال انتصار المعارضة الليبية المسلحة، لتجنب الخطإ الذي ارتكبته واشنطنولندن بعد حرب العراق و قد أمضى الفريق الدولي أسابيع عدة في بنغازي، معقل المعارضة، لتقييم احتياجات ليبيا بمجرد انتهاء الحرب والذي أعد تقريرا أرسل إلى المجلس الوطني الانتقالي وتم عرضه أيضا على «مجموعة الاتصال الدولية حول ليبيا»، كما أرسل التقرير إلى الأممالمتحدة. تسوية سياسية وعالج التقرير مسألة تحقيق تسوية سياسية شاملة للأطراف والأمن والعدالة وتوفير الخدمات الأساسية واستئناف النشاط الاقتصادي، ولا يقدر التقرير تكلفة إعادة البناء ولا المدى الذي ستستغرقه عودة صناعة النفط الليبية إلى العمل بشكل عادي. أما الولاياتالمتحدة، فقد وصفت التقرير البريطاني «بالوثيقة المفيدة». وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية «مارك تونر» إن التقرير الجديد هو «تقييم للوضع في ليبيا»، مشيرا إلى أن من شأن هذا التقرير أن يساعدنا على المضي قدما في دعم المجلس الوطني الانتقالي والشعب الليبي. وأضاف تونر، في تصريحات صحفية، أن هناك عملا جادا لنقل ليبيا بعد مغادرة القذافي إلى الديمقراطية وهو الشيء الذي يجب على الشعب الليبى القيام به، موضحا: «لا يوجد شيء مفروض علينا ولكننا هنا لنؤدي دورا داعما». و يعتبر التقرير البريطاني بمثابة خارطة طريق ترسم لما بعد نظام العقيد معمر القذافي، بالتزامن مع كشف صحيفة «ديلي ميل» أن لندن ستنفق 20 مليار جنيه إسترليني، أى ما يعادل نحو 32 مليار دولار، لمساندة ليبيا بعد رحيل القذافي لتجنب أخطاء الحرب في العراق. وأضافت الصحيفة أن ديبلوماسيين بريطانيين وخبراء في شؤون المساعدات تولوا مسؤولية التخطيط لمرحلة ما بعد الحرب في ليبيا، كما تم إرسال دليل تعليمات حول كيفية إدارة البلاد وضعه مسؤولون بريطانيون في بنغازي إلى زعماء المعارضة الليبية. وأشارت إلى أن دليل التعليمات «يضع خطة من 5 نقاط لوضع ليبيا على قدميها بعد رحيل القذافي، تقوم بموجبها بريطانيا والولاياتالمتحدة بتولي مسؤولية تنشيط الاقتصاد وإعادة بناء البنية التحتية للبلاد. ويكمن مصير القذافي كما ذكرت صحيفة «التليغراف» البريطانية في أيدي الجماعات القبلية الليبية التي تختلف عن بعضها البعض بحكم موقعها وتكوينها وعلاقاتها التاريخية مع النظام الليبى غير أنهم جميعا يحتفظون بالقدرة ذاتها على تعطيل - أو استقرار - النواحي السياسية والأمنية في ليبيا وبناء على ذلك يجب أخذ تأثيرها على محمل الجد.. وأوضحت الصحيفة أن القذافي استغل ممارسة اللعبة القبلية من خلال تقديم مزايا اقتصادية وإثارة الخصومات التنافسية داخل كل قبيلة حتى يضمن ولاءهم ويخلق شبكة اجتماعية ترتكز على المحاباة والمحسوبية كما تكفل أيضا بأن تكون الجماعات القبلية المتنافسة داخل الجيش وبذلك يحتفظ بسيطرته الكاملة عليها في وقت مكنته عائدات النفط من توزيع الثروة بين هذه القبائل لضمان تأييد زعمائها. وتعد أكبر القبائل الليبية التي تحولت لدعم الجماعات الثورية المعادية للحكومة هي قبيلة ورفلة التي تتكون من مليون فرد وتهيمن على مدن ليبيا الشمالية «بنى وليد وطرابلس وبنغازى» وحذت حذوها قبيلة ترهونة التي يتبعها مئات الآلاف في طرابلس في الوقوف بجانب المحتجين.بالإضافة إلى قبائل أخرى ذات نفوذ انشقت عن النظام الليبى بما في ذلك قبيلة الزاوية التي هددت بقطع تدفق النفط إلى الدول الغربية ما لم يتم التوقف عن عمليات القمع التي يمارسها النظام بالإضافة إلى قبيلتى الزنتان وبنى وليد وقبيلة عبيدات التي ينتمى إليها عبد الفتاح يونس وزير الداخلية السابق الذي أعلن انضمامه للثوار و تم اغتياله لاحقا في عملية لا تزال غامضة الى الآن. من هنا يمكن القول إن زعماء هذه القبائل المختلفة لعبوا بالفعل دورا مؤثرا في الثورة من خلال تشجيع أبنائهم على التخلي والانشقاق عن قوات الأمن ورفض أوامرهم بمهاجمة المتظاهرين وبذلك أصبحت المنطقة الشرقية الغنية بالنفط في ليبيا منطقة يسيطر عليها الثوار. ويشير المحللون إلى إمكانية الاستفادة الكاملة من هذه القبائل عن طريق إعادة تشكيل المجلس القبلي الذي يضم حتى الآن 30 قبيلة ذات فعالية وكفاءة كبيرة من خلال إستراتيجية لإعادة عملية إعمار ليبيا في مرحلة ما بعد العقيد معمر القذافي ويرى أغلب المحللين أن معظم هذه السيناريوهات قد تبددت بعد سيطرة الثوار على الكثير من المناطق في طرابلس وهذا الذي يقلب الموازين فإن ليبيا قبل «الثورة» وبعد «الثورة» تحتاج إلى سنوات لإعادة بناء أسس دولة قانون ومؤسسات.. واقتصاد.. فباطن الأرض الليبية يحتوى على احتياطات نفطية تبلغ حوالي 65 مليار برميل نفط بما يصل قيمته إلى حوالي 6.5 تريليونات دولار وهو مبلغ يعادل نصف حجم الاحتياطي الأمريكي.