مثلت تجربة معالجة الألم بتونس تجربة متميزة انطلقت من مدينة القيروان لمعالجة الالم بشكل بديل عن العمليات الجراحية التي كثيرا ما تكون لها مضاعفات جانبية الى جانب قهر الألم المزمن الذي يستعصي علاجه بالأدوية أو بالجراحة. يقول المثل اليوناني «إزالة الألم عمل رحماني». وفي هذا الصدد يسعى عدد من العلماء والأطباء الى مجابهة الألم الحاد والمزمن نظرا لتأثيره في صحة الإنسان وبالتالي تأثيره السلبي في حياته سواء من حيث انخراط الإنسان في الحياة الاجتماعية او من حيث تكلفة العلاج وتحولها الى عبء ثقيل على العائلة وعبء مالي على المجتمع. وقد مثل ذلك دافعا قويا لحث الأطباء على تطوير البحث العلمي لمحاولة إيجاد الأدوية المناسبة والأجهزة والطرق العلاجية المتقدمة للتخفيف من غطرسة الألم ووطأته. أخيرا وصلت ويشرف على هذا العلاج الطبي البارز الدكتور عبد اللطيف غرس الله أخصائي في التخدير والإنعاش. الذي التقته «الشروق» للحديث عن التقنيات الجديدة لمداواة الآلام المزمنة التي يعرفها على كونها لا تجد علاجا بالأدوية والعمليات الجراحية. والتي تمكن المريض من بلوغ الفرج من خلال أساليب جديدة. وقال ان هذه التقنية الجديدة المتطورة موجودة في العالم اجمع لكنها لم تدخل إلى تونس سوى عن طريق القيروان وتحديدا مصحة حمدة العواني من خلال اتصال الدكتور غرس الله بطبيب تونسي يعمل بمستشفى الرياض بالسعودية وهو الدكتور كمال الرمضاني. تحدث الدكتور عبد اللطيف غرس الله ان هذه الطريقة العلاجية ناجعة وناجحة وتنهي الآلام وتوقف المعاناة بمجرد إجراء العملية. وشبه الطريقة العلاجية الجديدة ودخولها إلى تونس بالديمقراطية الموجودة في العالم لكنها لم تدخل تونس سوى متأخرة. وكان اول من استعملها الانقليز والالمان ثم وصلت الى العالم العربي. وشبه وصولها بالديمقراطية التي أتتنا متأخرة. الاكتشاف الطبي الذي دخل تونس عبر القيروان انتقل مؤخرا من المرحلة النظرية ومن التعريف به في الندوات (ندوة يوم 16 جويلية في سوسة) الى العمل الفعلي والميداني او الكلينيكي. حيث تم التدخل بواسطة عملية جراحية لإزالة الآلام المستعصية لفائدة مريضين وقد كللت العملية بالنجاح. واشرف على العملية البروفيسور كمال رمضان وهو دكتور بالمستشفى العسكري بالرياض وهو الطبيب العربي الوحيد بالمستشفى. وقد انتفع بالعملية سيدة تعاني من مرض مزمن حرمها من ممارسة حياتها الزوجية ورجل يعاني من التصاق غضروفي ولم تجد معه العمليات الجراحية التقليدية نفعا. وداعا للآلام المزمنة ويقول الدكتور غرس الله ان هذه العملية تجرى لأول مرة في تونس. وبين انها تجربة للتعريف بهذه العمليات الجراحية التي تعتمد تقنيات طبية جدية بالنسبة إلى المؤسسات الاستشفائية التونسية العمومية والخاصة. رغم انها معروفة في الخارج. وبين ان هذه التقنية تفيد مرضى الشقيقة والانزلاق الغضروفي للظهر والعصب الخامس (في الخدين) والصداع المزمن وأمراض الأعصاب والآلام السرطانية وأمراض الظهر والرقبة والمخ وألم الأطراف وغيرها من الآلام الحادة والمزمنة التي عجزت العمليات الجراحية على إسكاتها. وتعتمد هذه التقنية العلاجية، حسب الدكتور غرس الله على استخدام الموجات فوق الصوتية لتحديد المناطق المتسببة في الالم ثم في مرحلة ثانية معالجتها بذبذبات عالية التردد عن طريق إبرة تصل مباشرة الى العصب المعني بالألم ويتم تسخينه من اجل قتله. ومن المنتظر ان يتم تنظيم دورات تكوينية وورشات عمل بتونسوالقيروان. كما ينتظر ان يتم وضع برنامج لتدريس هذه التقنيات بكليات الطب بتونس من اجل تعميم هذه التقنية. والملاحظ ان العملية الجراحية حسب الدكتور غرس الله غير مكلفة بالنظر الى نجاعتها ويمكن ان تتكفل بتغطيتها «الكنام».