معتمدية وادي مليز الفتية التي أحدثت في أواخر تسعينات القرن الماضي يعد واقعها صعبا وتنقصها عديد المرافق الأساسية وهي نقائص خلقت معاناة صعبة للمتساكنين وتنقلا متواصلا من أجل قضاء الشؤون بالمدن المجاورة (جندوبةغار الدماء) وهو واقع أقلق كثيرا المتساكنين وسبّب حالة من التذمر والاستنكار. ما يميز المشهد اليومي للمدينة هو تزايد حاجات المواطنين للخدمات الإدارية حاجات تصطدم بالرفض نتيجة انعدام تواجد المؤسسات الإدارية المخصصة للغرض من ذلك غياب قباضة مالية ومركز فرعي لل«كنام» ومؤسسات بنكية ومحكمة وغيرها من الإدارات الخدماتية بما يقود الى القول بأن المدينة تحتاج تطورا وتدخلات في مجال البنية الأساسية حتى يتمتع أكثر من 20 ألف ساكن تابعين للمعتمدية بخدمات إدارية في ظروف طيبة خاصة وقد قضوا سنوات طوالا ومنذ الاستقلال على نفس الوضع والواقع رغم عراقة المدينة وتأصلها والتي انطلقت منها الشرارة الأولى لأحداث 09 أفريل 1934 (04 أفريل 1934 أول شرارة بوادي مليز وأول شهيد للثورة آنذاك) ولكنها رغم ذلك لم تنل من حظ التنمية سوى السراب والوعود الزائفة. النقائص هذه والمتعلقة بغياب شبه كلي للمؤسسات الإدارية باستثناء مركز للبريد ومقر البلدية جعلت المتساكنين يتكبدون مشاق السفر والمصاريف الإضافية من أجل تحصيل الخدمات والسفرة هذه تكون إما إلى مدينة غار الدماء 12 كلم أو إلى مدينة جندوبة 22 كلم وينفق المواطن من أجل استخراج وثيقة لا تتجاوز بعض المليمات بعض الدنانير من قوته اليومي إضافة إلى مضيعة الوقت في ذلك وإمكانية تأجيل الإنجاز إلى يوم آخر .فصول المعاناة هذه أكدها ل«الشروق» عدد من أهالي معتمدية وادي مليز حين أكدوا أنهم ملوا الوعود بإنجاز الإدارات وتعبوا ماديا وجسديا من جراء هذا الوضع الذي لم تظهر بوادر الإنفراج وقد أكد فلاح من الجهة أنه ظل يتنقل إلى مدينة غار الدماء لمدة شهر من أجل حوالة صابة القمح من أحد البنوك وهو ما جعل أمام تأخر حضورها يصرف ما يزيد على مائة دينار . وأمثال هذه الوضعيات كثير وكلها تصب في خانة النقائص وما تسببه من معاناة. ميزانية متواضعة تواضع البنية التحتية بجهة وادي مليز لم يشفع لها بالتمتع بميزانية تنمية وميزانية دعم من المجلس الجهوي قادرة على تحسين واقعها ولعله من المفارقات الغريبة أن المعتمدية نالت في المدة الأخيرة حظا أقل من ميزانية التنمية مقارنة بباقي معتمديات الجهة المخصصة من طرف الحكومة الإنتقالية للمناطق الداخلية حيث نالت معتمدية وادي مليز 03 مليارات أكد أهاليها أنها لا تكفي لإنجاز جسر على نهر مجردة تحتاجه المدينة كي تفك عزلة الأرياف فما بالك ببقية النقائص وخاصة الإدارية. ويعتبر تزويد المدينة بالإدارات ضروريا فهي تقرب الخدمات وتحد من معاناة التنقل أولا وهي كذلك فرصة لتوفير مواطن شغل بالجهة من خلال انتداب موظفين وعملة إضافة الى إسهام هذه الإدارات والمؤسسات في تنشيط الدورة الاقتصادية في المدينة والإسهام كذلك في توفير مناخ الاستقرار بالجهة. نقائص عديدة بالمدينة تشمل الكثير من المجالات فتجاوزها يساهم في وضع حد للمعاناة وتواصلها يعمّقها وينتج مناخا تسوده عدم الثقة والتوتر ظهرت بعض معالمه بين الحين والآخر بواسطة الاعتصامات والوقفات الاحتجاجية للمطالبة بتغييرات وتحسينات تشمل وجه المدينة ومؤسساتها المتواجدة والمفقودة تتراوح بين تطلعات «الشعب يريد» وواقع البلاد الاقتصادي والاجتماعي.