الجميع كان يرفض أي تبريرات للفشل سواء من ناحية الطقس الذي كان يتراوح بين 25 و29 درجة أو ظروف الاستقبال والاقامة التي كانت جيّدة جدّا... وهو ما فرض سؤالا يقول: ماذا سيفعل سامي الطرابلسي وأبناؤه على أرض المالاوي؟ و الجواب جاءنا من خلال التشكيلة التي اختارها المدرب الوطني باعتماد مجموعة تحمل النزعة الهجومية بتواجد عصام جمعة وسامي العلاقي وزهير الذوادي مع مساعدة مستمرة من عادل الشاذلي ومع وضع مسّاكين هما مجدي تراوي وحسين الراقد... وبالنظر الى هذه المجموعة على الورق طبعا يمكن الاقتناع أن سامي الطرابلسي جاء الى المالاوي راغبا في الفوز، لكن هل كان هذا الاختيار البشري صائبا في غياب الاختيار التكتيكي وفي غياب دفاع صلب يطمئن المهاجمين ولاعبي الوسط ليكتفوا بأدوارهم ولا يعاضدون غيرهم وهو ما كان يحصل على امتداد فترات الشوط الأول الذي تاه فيه منتخبنا في فترات متباعدة بما صنع للمنافس أجنحة كاد يطير بها نحو الانتصار لولا ألطاف اللّه وبراعة الحارس البلبولي ولعلّ الملاحظة البارزة خلال هذه الفترة تقودنا حتما الى الأداء الدفاعي الباهت واعتماده خاصة على «رمي» الكرة نحو الهجوم دون بناء ودون المرور عبر منطقة الوسط. ملاحظات أخرى سلبية تخص تغيير المراكز بين جمعة والعلاقي والذوادي وهو تغيير لم يأت بأي جديد، بل حدّ من خطورة هذا الثالوث أمام المرمى والدليل أننا لم نشاهد أي عملية خطيرة داخل المنطقة الحمراء في وقت تحرّر فيه لاعبو المالاوي من كل ضغط وحاولوا من اليمين واليسار جلب الخطر كما حاولوا التصويب من كل المسافات وهو ما يقيم الدليل على أنهم درسوا طريقة لعبنا جيّدا خاصة لمّا نعلم أن منتخبنا لعب دون صانع ألعاب حقيقي بما أن الشاذلي وجد نفسه أكثر من مرة «مدافعا» لينتهي الشوط الأول على بياض. دقائق ساخنة دق6: هجوم معاكس من الذوادي الى العلاقي وتوزيعة نحو جمعة وتدخل الحارس في اللحظة الحاسمة. دق11: عملية جماعية من اليسار الى اليمين انتهى بتصويبة من البوسعايدي فوق المرمى. دق21: هفوة من الجمل كلفتنا ركنية انتهت بضربة رأسية من «راسال» انهالت على العارضة الأفقية للبلبولي وأبعدها الهيشري. دق23: هفوة ثانية من الجمل كادت تكلفنا هدفا لولا مرور الكرة بجانب المرمى. دق24: هجوم آخر للمالاوي والدفاع يتدخل في آخر لحظة. دق26: بهتة دفاعية وتبادل كروي بين لاعبي المالاوي انتهى بصاروخ من «غامبي» حوّله البلبولي الى ركنية. د32: سامي العلاقي «يشق» الدفاع المالاوي ويسدّد بعدما أخذ جمعة معه بعض المدافعين، لكن الحارس تصدى للكرة. دق37: عصام جمعة يباغت الحارس بصاروخ انهال على العارضة وكان انذارا جديدا للدفاع المنافس. دق43: صاروخ على الطائر من «يوندو»، لكن البلبولي موجود في نفس موقع الكرة فأبدع في إخراجها. ولم يتغيّر شيء الشوط الثاني رغم بدايته الحيّة، إلا أنه كان باهتا من البداية الى النهاية رغم بعض المحاولات الهجومية وأكد من خلاله منتخبنا أنه يحتاج الى مراجعة جذرية وقرارات ثورية خاصة أن الغياب عن نهائيات أمم افريقيا داخل مجموعة أقل ما يُقال عنها أنها ضعيفة وفي المتناول على الورق لا يمكن أن يمر مرور الكرام ولا يمكن أن نغض عنه الطرف لأنه سيبقى وصمة عار كبيرة ولطخة أسى في تاريخ المنتخب الذي ظننا (وبعض الظن إثم) أنه سيجاري بقية الرياضات التي انتفضت بعد الثورة الشعبية ونالت ألقابا اقليمية وقارية ودولية، لكن منتخب الكرة مرة أخرى يخيّب ظن الجميع بحصوله على نقطة لم ولن تنفعه في الحسابات النهائية أمام منافس أقنعنا مرة أخرى أنه «صغير»، لكنه يستحق العبور مع بوتسوانا الى النهائيات لأنه كان أفضل منّا على الأقل من ناحية العقلية التي كانت تفرض علينا المجازفة خارج الديار طالما ذهبنا أساسا لجلب نقاط الانتصار. صحيح أن سامي الطرابلسي أخطأ الحساب الفني في التعامل مع اللقاء، لكن يقيننا أكبر بأن بعض إن لم نقل أغلب اللاعبين لا يستحقون تمثيل تونس والدفاع عن حظوظ المنتخب بعد أن «ماتت» بداخلهم روح العطاء وصارت حساباتهم البنكية أكبر من واجباتهم الوطنية. وهنا مربض الفرس خاصة لمّا نعلم أننا لا نملك أصلا لاعبين كبارا... فما بالك بأنصاف اللاعبين الذين نفخنا في صورتهم وصار لزاما علينا أن نوقف هذا النزيف ونمسك بلجام التهور حتى لا تندثر كرتنا. دقائق ساخنة دق53: مجهود بدني فردي من زهير الذوادي الذي صوّب بقوة والحارس يتصدى. دق60: مخالفة مباشرة «موازس» كاد يغالط البلبولي الذي تدخل في الوقت المناسب. دق64: جمعة يتوغل والمدافع يتدخل ويسقطه والحكم لا يعلن ركلة جزاء. دق73: الشهودي لا يستغل فرصة أتيحت له بعد توصيبة من جمعة. الخلاصة مازالت جولة داخل هذه المجموعة... ومازال الحساب يمنحنا أملا ضئيلا في العبور... لكن مشكلتنا الأساسية أننا مرة أخرى نمنح غيرنا حق تقرير مصيرنا.. ولو أن قناعة التونسيين.. كل التونسيين تأكدت بأن هذا المنتخب الذي لم يجلب لنا غير التعب لا يستحق العبور إلاّ إلى... مزبلة التاريخ.