غدا أول عودة مدرسية بعد الثورة، أول يوم لرحلة الاولياء في مرافقة أبنائهم الى مقاعد الدراسة تصحبها تخوّفات وهواجس من عودة الانفلات الى الشارع وبالتالي تشتت تفكير الولي بين العمل والمراقبة. عودة مدرسية الى الكتب والبرامج دون إلزام التلميذ بدراسة الجمعيات الخيرية فلا «سيدة» ولا «بسمة» ولا صندوق (26 26). عودة مرفوقة بحذر شديد من الأولياء لحماية أبنائهم قدر المستطاع من الانسياق وراء الاحداث أو ربما مسيرات قد تؤدي بهم الى الاختناق بالغاز واللاكريموجان. «الشروق» تحدثت الى عدد من الأولياء السعداء بالعودة والحالمون بعام دراسي متكامل لا متقطع مثلما حدث في الموسم الفارط. حائرة السيدة روضة مبارك أم لطفلين كانت داخل احدى المكتبات بصدد اقتناء بعض الكراسات تحدثت عن العودة الا أنها لم تخف حيرتها وخوفها من العودة المدرسية ككل في خضم وضع أمني غير مستقر اذ تقول: «صراحة خلال العطلة كان أطفالنا محميون داخل البيت، لكن أثناء الدراسة ما يخيفني حقا كأم هو انسياق أحد أبنائي وراء مسيرة أو تظاهرة أو أي تحرك آخر دون أن يدري مثلما حدث خلال الموسم الفارط. فالوضع الأمني غير مستقر، أعلم أن الهدوء موجود لكن لا أحد يدري ما قد يحدث يوما ما، فكل شيء لا يمكن حسبانه مسبقا. أبدا، لذلك أجدني كأم حائرة في هذه العودة ولا خيار الا المحضنة التي من واجبها أن تتعهد بحماية أطفالنا بعد مغادرة المدرسة والاعدادية في غياب الاولياء داخل مقرات العمل. الحذر واجب السيد بوجعفر المولدي أب لثلاثة أطفال كبيرهم في السنة التاسعة بدا هو الآخر غير مرتاح البال الا أنه متفائل نوعا ما، مؤكدا أن ما يقلق فعلا هو اقتراب موعد الانتخابات الذي يتمنى أن يمر في أمان وأن لا تحدث أشياء تعكر صفوها، ويضيف السيد بوجعفر «ما أتمناه هو أن لا يقع استغلال أطفالنا وأبنائنا في تحركات هم لا يفقهون فيها شيئا، لأنهم فعلا مازالوا صغارا ولا يفهمون اللعبة كل ما أريده كوليّ أن يمر العام الدراسي كاملا فمستقبل تونس هو في تعليم أبنائها». عودة حذرة ولكن! «عودة حذرة لكن الحذر أكثر واجب» هكذا علقت السيدة وريدة الرحموني على الموضوع وهي ترافق احدى بناتها لاقتناء المنديل المدرسي معبرة عن تخوفها الحقيقي من عودة الانفلات الأمني محملة المسؤولية كاملة للحكومة الحالية لتأمين العودة المدرسية والجامعية تقول السيدة «وريدة» :«لدي ابن هذا العام هو عامه الأول في الجامعة وأنا جد خائفة من أن ينساق وهو صغير السن (18 عاما) وراء الأحداث أو وراء مسيرة ما وبالتالي من الممكن أن يتأذى أريده فقط أن يدرس لقد تعبت كثيرا حتى يحصل على الباكالوريا ولست مستعدة لأن يخسر مسقبله العلمي وسط فوضى سياسية هو لا يفهمها. لذلك صراحة هذه العودة هي عودة خاصة جدا لم يعشها من قبل للأسف وهي تجربة أولى بعد الثورة نتمنى أن تكون عودة ناجحة لأن العلم هو السلاح الوحيد لمجابهة الحياة والمستقبل. وضع لا نراهن عليه نفس الموقف عبرت عنه السيدة نزيهة وهي صاحبة محل تجاري مختص في بيع المواد المدرسية والتي أكدت أن كل الأولياء والحرفاء كانوا فعلا متخوفين من العودة لا لشيء سوى لأن الوضع الراهن لا يمكن بأي حال من الأحوال المراهنة عليه خاصة أن المناطق الداخلية شهدت مؤخرا أكثر من انفلات أمني. وتضيف السيدة نزيهة «أنا شخصيا لدي عائلتي في احدى الولايات التي شهدت الانفلات وصرت خائفة فلو عاد الانفلات الى الشارع فإنه سيؤثر سلبا ومن جديد على التلاميذ والأولياء أولا من ناحية الخوف وثانيا حتى على مستوى التنقل وكل ما نتمناه أن يكون العام الدراسي الحالي هادئا حتى ينعم أطفالنا بالتعلم دون خوف من قبل الأولياء وهو ما قد يؤثر على الأطفال أيضا. مليونا تلميذ وأكدت وزارة التربية أن يوم غد الخميس سيشهد عودة نحو مليوني تلميذ إلى مقاعد الدراسة حيث سيؤطرهم حوالي 57 ألف معلم و 76 ألف أستاذ. العودة المدرسية غدا عودة مميزة جدا عودة أولى لموسم دراسي أول بعد الثورة في نصوص دراسة بلا صور للرئيس ولا جمعيات لحرمه عودة يمكن استغلالها لتكون خطوة أولى نحو تحرير التعليم من براثن السياسة لننشئ جيلا متكاملا هو عماد مستقبل تونس.