هي أحياء ذات ثقل ديمغرافي كبير لكنها تعيش على هامش المجتمع فافتقارها الى المرافق الأساسية وغياب التنمية ينبّئ بانفجارها... رغم ان الثورة قامت لأجلهم لكن الحلم لم يتحقق. رغم انتمائها الإداري الى المنطقة البلدية بمدينة القيروان فإن أحياء كثيرة مثل حي المنشية وحي النور و«زيتون الحمامي» و«الجهينات» والملاجئ و«البورجي» وبأولاد مناعي، وهي أحياء ذات ثقل ديمغرافي كبير، فإنها تشكو من التهميش وعدم إدراجها في برامج التنمية التي يحتاج اليها الشباب المهمش والعاطل والحالم. هي أحياء شعبية، موقعها في حزام المدينة وفي الأحياء الناشئة وغير المهيأة وكثافتها السكانية وفقرها الملحوظان، جعلها تسقط لعقود من اهتمامات السلط الجهوية والبلدية ومن حساباتها. فهي لم ترتق يوما الى منزلة الاهتمام البلدي سوى في فرض معاليم الأداء البلدي وفي بعض الخدمات التقليدية مثل رفع الفضلات أحيانا او صيانة مصباح عمومي. هناك قواسم مشتركة سلبية كثيرة تجمع بين هذه الأحياء المتلاصقة. وسواء تعلق الأمر بوفرة أكداس القمامة وغياب المساحات الخضراء وكثرة تردد المواشي وغياب حاويات جمع النفايات فان الأمر بلغ مرحلة متقدمة من الإخلال تحتاج الى تدخل عاجل من البلدية والسلط الجهوية والجمعيات البيئية وادارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية قصد تحسين الوضع. ومن منطلق ان التنمية الشاملة تنطلق من التنمية البشرية، فان هذه الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية (حي المنشية مثلا يفوق 30 الف ساكن) تتضخم فيها نسب العائلات الفقيرة الى حد المعاناة. وتنشط فيها البطالة الى حد العجز. والبطالة هنا كانت حكرا على الكهول. لكنها أصبحت لا تفرق بين الشبان والكهول ولا بين الجنسين. تنمية غائبة تفتقر هذه الاحياء الى نواد شبابية والى فضاءات للترفيه فلا يجد الشبان سوى المقاهي وقاعات الألعاب سبيلا بينما يجد آخرون متعة محاذاة الجدران والأرصفة حتى يستغرب زائر الأحياء هذه الظاهرة وربما يتوجس خيفة من اهلها والحال ان البطالة هي السبب. ربما لا يصح الحديث عن غياب المؤسسات المشغلة هنا. لعدة أسباب. بل لا توجد هنا اية إدارات ولا مؤسسات عمومية سوى بعض المؤسسات التعليمية ومركز للصحة الأساسية. ولم تقدر هذه المؤسسات على الإشعاع على المحيط بالشكل المطلوب لغياب برامج واضحة ولو في مجال البيئة والمحيط. وفشلت بعض البرامج الارتجالية والانتهازية. الحاجة الى الحلم وتحتاج الى هذه الأحياء الى تنمية مندمجة والى مراكز اجتماعية والى تدخلات عاجلة وشاملة من اجل الإحاطة بالعائلات المعوزة والعائلات ذات الاحتياجات الخصوصية وبالشبان العاطلين ولمزيد تحسين ظروف العيش وتحسين المرافق وإخراج هذه الأحياء من الظلمات الى النور وانتشالها من التهميش وإنقاذ الشبان من الانحراف. لان معظم رواد السجون هم أبناؤها ومعظم العاطلين هم أبناؤها ومعظم الحالمين بالعيش الكريم هم أبناؤها. ربما من شاهد تحرك هذه الأحياء يوم 13 جانفي كان سيدرك حجم ما تحتاج اليه هذه الأحياء.