يتضمن "تنازلات".. تفاصيل مقترح الإحتلال لوقف الحرب    اكتشاف أحد أقدم النجوم خارج مجرة درب التبانة    ليبيا ضمن أخطر دول العالم لسنة 2024    بمشاركة ليبية.. افتتاح مهرجان الشعر والفروسية بتطاوين    جماهير الترجي : فرحتنا لن تكتمل إلاّ بهزم الأهلي ورفع اللقب    كلوب يعلق على المشادة الكلامية مع محمد صلاح    وزارة السياحة أعطت إشارة انطلاق اعداد دراسة استراتيجية لتأهيل المحطة السياحية المندمجة بمرسى القنطاوي -بلحسين-    وزير الخارجية يواصل سلسلة لقاءاته مع مسؤولين بالكامرون    عمار يدعو في ختام اشغال اللجنة المشتركة التونسية الكاميرونية الى اهمية متابعة مخرجات هذه الدورة وتفعيل القرارات المنبثقة عنها    رئيس البرلمان يحذّر من مخاطر الاستعمال المفرط وغير السليم للذكاء الاصطناعي    سجنان: للمطالبة بتسوية وضعية النواب خارج الاتفاقية ... نقابة الأساسي تحتجّ وتهدّد بمقاطعة الامتحانات والعمل    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية للمنتجات الغذائية    الرابطة 2: نتائج الدفعة الأولى من مباريات الجولة 20    الترجي الرياضي يفوز على الزمالك المصري. 30-25 ويتوج باللقب القاري للمرة الرابعة    بطولة مدريد للماسترز: أنس جابر تتأهل الى الدور ثمن النهائي    زيادة ب 4.5 ٪ في إيرادات الخطوط التونسية    إمضاء اتفاقية توأمة في مجال التراث بين تونس وإيطاليا    وزير الثقافة الإيطالي: "نريد بناء علاقات مثمرة مع تونس في مجال الثقافة والتراث    توزر: الندوة الفكرية آليات حماية التراث من خلال النصوص والمواثيق الدولية تخلص الى وجود فراغ تشريعي وضرورة مراجعة مجلة حماية التراث    تعاون مشترك مع بريطانيا    سوسة: القبض على 5 أشخاص يشتبه في ارتكابهم جريمة قتل    تامر حسني يعتذر من فنانة    بن عروس: حجز 214 كلغ من اللحوم الحمراء غير مطابقة لشروط النقل والحفظ والسلامة الصحية    الرابطة الثانية : نتائج الدفعة الأولى لمباريات الجولة السابعة إياب    في اليوم العالمي للفلسفة..مدينة الثقافة تحتضن ندوة بعنوان "نحو تفكرٍ فلسفي عربي جديد"    برنامج الدورة 28 لأيام الابداع الادبي بزغوان    اعتماد خطة عمل مشتركة تونسية بريطانية في مجال التعليم العالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو إلى تنظيم تظاهرات طلابية تضامنًا مع الشعب الفلسطيني    رئيس الجمهورية يستقبل وزير الثقافة الإيطالي    الإتحاد العام لطلبة تونس يدعو مناضليه إلى تنظيم تظاهرات تضامنا مع الشعب الفلسطيني    صادم/ العثور على جثة كهل متحللة باحدى الضيعات الفلاحية..وهذه التفاصيل..    عاجل/ عالم الزلازل الهولندي يحذر من نشاط زلزالي خلال يومين القادمين..    رئيس الاتحاد المحلي للفلاحة ببوعرقوب يوجه نداء عاجل بسبب الحشرة القرمزية..    خط تمويل ب10 مليون دينار من البنك التونسي للتضامن لديوان الأعلاف    القطب المالي ينظر في اكبر ملف تحيل على البنوك وهذه التفاصيل ..    سيدي حسين : قدم له يد المساعدة فاستل سكينا وسلبه !!    8 شهداء وعشرات الجرحى في قصف لقوات الاحتلال على النصيرات    البطولة الوطنية: النقل التلفزي لمباريات الجولتين الخامسة و السادسة من مرحلة التتويج على قناة الكأس القطرية    مدنين: وزير الصحة يؤكد دعم الوزارة لبرامج التّكوين والعلاج والوقاية من الاعتلالات القلبية    طقس السبت: ضباب محلي ودواوير رملية بهذه المناطق    كيف نتعامل مع الضغوطات النفسية التي تظهر في فترة الامتحانات؟    ابتكرتها د. إيمان التركي المهري .. تقنية تونسية جديدة لعلاج الذقن المزدوجة    القواعد الخمس التي اعتمدُها …فتحي الجموسي    وزير الخارجية يعلن عن فتح خط جوي مباشر بين تونس و دوالا الكاميرونية    طقس اللّيلة: الحرارة تصل 20 درجة مع ظهور ضباب محلي بهذه المناطق    وزير الفلاحة: "القطيع متاعنا تعب" [فيديو]    بنسبة خيالية.. السودان تتصدر الدول العربية من حيث ارتفاع نسبة التصخم !    تألق تونسي جديد في مجال البحث العلمي في اختصاص أمراض وجراحة الأذن والحنجرة والرّقبة    منوبة: تفكيك شبكة دعارة والإحتفاظ ب5 فتيات    قفصة: ضبط الاستعدادات لحماية المحاصيل الزراعية من الحرائق خلال الصّيف    تونس : أنس جابر تتعرّف على منافستها في الدّور السادس عشر لبطولة مدريد للتنس    مقتل 13 شخصا وإصابة 354 آخرين في حوادث مختلفة خلال ال 24 ساعة الأخيرة    عميرة يؤكّد تواصل نقص الأدوية في الصيدليات    خطبة الجمعة .. أخطار التحرش والاغتصاب على الفرد والمجتمع    منبر الجمعة .. التراحم أمر رباني... من أجل التضامن الإنساني    أولا وأخيرا...هم أزرق غامق    انطلاق أشغال بعثة اقتصادية تقودها كونكت في معرض "اكسبو نواكشوط للبناء والأشغال العامة"    ألفة يوسف : إن غدا لناظره قريب...والعدل أساس العمران...وقد خاب من حمل ظلما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تهميش.. وغياب الحد الأدنى من مقومات العيش الكريم
"الأسبوعي" في المناطق المحرومة ببنزرت وصفاقس والمهدية
نشر في الصباح يوم 30 - 05 - 2011

مرة أخرى تحط "الأسبوعي" رحالها في بعض المناطق المحرومة حيث زارت اكثرمن جهة تعاني من وضعيات اجتماعية وخدماتية صعبة، لا تتوفر فيها أدنى المقومات الحياتية.
فكانت المشاهد مأساوية بجرزونة التي ظلت فقيرة رغم ثقلها الصناعي وتعدد المؤسسات على رقعتها الجغرافية. أما في اللوزة فلم يكن الحال مختلفا إذ بدت مخلفات ورواسب التهميش واضحة للعيان ولا تحتاج الى تاكيد أو أدلة باعتبارأن الصورة أكبر برهان على الحرمان والظلم والاستبداد الذي تعرضت إليه هذه المناطق .

جرزونة:فقر وحرمان رغم تعدد المؤسسات الإقتصادية بالبلاد !!
الحرمان الذي عاشته الكثير من مناطق البلاد و ماتزال تعيشه لا يقتصر على غياب المرافق والمستلزمات الحضارية الأساسية كما يرويه الواقع المرّ لمناطق الظل، بل يشمل كذلك كل مظاهر الإقصاء و التهميش و اعتماد سياسة القمع و العسف و التنكيل و ما يترتب عن كل ذلك من تدمير من الداخل للقوى الشبابية المتطلعة إلى الأفضل، و للقيم الأصيلة و انتشار للفقر و الإحباط و الانحراف و الجريمة، و لعل أحسن مثال يمكن أن نضربه على ذلك هو معتمدية جرزونة.
حدائق بنزرت صارت حزاما أحمر
يقول العارفون أنه عندما دمّرت آلة الحرب العالمية الثانية عددا كبيرا من مباني بنزرت، فكّر شارل ديغول في إعادة بناء المدينة ولكن بجرزونة، وأكد ذلك بوضع حجرالأساس هناك بما يعرف الآن بحومة « المرشي» لكن المعمرين عارضوا الفكرة. كانت جرزونة حسب ما يرويه العارفون وكبار السنّ أرضا خضراء، حقولا و بساتين مما جعل المستعمرين الفرنسيين يسمونها حدائق بنزرت.
يقول الأستاذ المتقاعد بلقاسم الماجري:» مأساة جرزونة اليوم هي نتيجة سياسية مسؤوليها السابقين الذين حولوها إلى أحياء ريفية وغضوا الطرف عن البناء الفوضوي بها والحال أن مساحتها الجملية لا تتجاوز 3 كلم طولا و 3 كلم عرضا، مما استنفد الرصيد العقاري بها أو كاد. فقد كانت غاية أولئك تكثير عدد الأحياء و تكثيف السكان لتكثير الشعب التجمعية لغايات سياسية وانتهازية معروفة ومفضوحة. فتضاعف عدد سكانها سريعا وأصبح يناهز 40 ألفا، أي قرابة عدد سكان منزل عبد الرحمان و منزل جميل مجتمعين، تكدسوا في تلك المساحة الضيقة يشكون الفقروالبطالة محرومين من الحدائق ومن مراكز الترفيه، لذلك لا أبالغ إن قلت لك إن جرزونة التي كانت تسمى بحدائق بنزرت أصبحت حزاما أحمر لها».
أفقر معتمدية!!
يقول صالح الزاهي وهو متقاعد:» من المفارقات التي نعيشها اليوم وهي من نتائج سياسة النظام البائد الجائرة أن جرزونة تعد حسب العارفين ثاني أغنى معتمدية في البلاد بالنظر إلى المؤسسات الاقتصادية بها مثل شركة «ستير» و «سوتيليب» و «عجيل غاز» و الشركة التونسية لتوزيع البيترول، وسوق الجملة للخضر والأسماك و مصنع الخزف «ديرافيت» وشركة الصناعات العامة و غيرها. و لكن جرزونة لا تتمتع بإسهامات هذه المؤسسات المالية الا فيما قل وندر لأنها ليست بلدية مستقلة، بل ما تزال إلى الآن دائرة بلدية فقط!!!
منزل عبد الرحمان التي لا يمثل عدد سكانها إلا نصف سكان جرزونة هي بلدية مستقلة رغم أنها ليست معتمدية. وكذلك عدد سكان منزل جميل. فلم تحرم جرزونة من أن تكون بلدية مستقلة وهو ما جعل منها أغنى معتمدية وأفقرها في ذات الوقت؟.»
ومن المفارقات الأخرى بجرزونة أنه لما تقرر بناء معهد بها اختير له مكان ملائم قرب أحد الأحياء وهو حومة الدروج، لكن وبسبب تواطؤ مسؤولي الجهة بني معهد «القنال» بأطراف المدينة أي بالخلاء وأصبحت اليوم تابعة لمنزل عبد الحمان، وأقيم على الأرض التي كانت مخصصة للمعهد مصنع كبير مجاور للحي السكني!!!
مأساة حي أنجب عالما «بالنازا»
أما قصة «حومة الدروج» فهي قصة يرويها لك أبناؤها بلوعة وحرقة و بعد تنهدات عميقة. يقول عبد المجيد البجاوي :»وين حومة الدروج ؟ مشات على روحها». هذه العبارة تلخص التحول السلبي الكبيرالذي شهده ذلك الحي بعدما دمر الجنرال المخلوع أهله من الداخل تدميرا يتطلب تجاوزه الكثير.هو حي بسيط تسكنه حوالي 100 عائلة. أهلها طيبون ككل التونسيين ربوا أبناءهم على الاجتهاد في الدراسة وحب العمل، وكان نجاح البعض حافزا للصغار على الاقتداء بهم، سافر بعضهم إلى الخارج على غرارعامر بن سعادة والد اللاعب الدولي شوقي بن سعادة، وتمسك آخرون بالدراسة فتخرج منهم الطبيب والمدرس و الأستاذ الجامعي و الإطارات العليا المختلفة، ومنهم من أكمل دراسته بالولايات المتحدة الأمريكية وأصبح عالما «بالنازا» وهو رضا قموع. يتحدث عنه أبناء الحي باعتزازويقولون إنه عندما يأتي لزيارة والده يكون مرفوقا بحراسة مشددة تأكيدا لمكانته الكبرى هناك. هذا الحي الذي كان أهله يفتخرون بنجاحات أبنائه تعرض إلى ضربة قاصمة من الجنرال المخلوع. 14 عائلة أو أكثر من نفس الحومة عانت الويلات عند ملاحقة النظام البائد أبناءها وسجنهم والتنكيل بهم في إطار مطاردته لعناصر»النهضة» مثل العربي العربي ومحمد قموع وبلقاسم الهمامي و شريف العوني وفتحي بن حريد ومنصف بوخريص والصحبي بن قايد حسين وزوجته محجوبة بوخريص ومحمد علي العياري ورضا والأزهر السعيداني و الأديب بوثلجة وصالح الغرسلي والتجاني ساسي و خالد الذوادي و إدريس العوني. وأما عبد الرؤوف الماجري فقد استطاع الهروب إلى الخارج ليصبح فيما بعد المديرالإداري للمنظمة الدولية للمهجرين التونسيين.»
أغلب الأحكام كانت بين 5 سنوات و 18 سنة سجنا. تحدثوا جميعهم عن التعذيب الذي تعرضوا له داخل السجن، فقد ذكر فتحي بن حريد أحد الجلادين و عصاه عروسية، و تحدث محمد قموع عن عذاب التعليق و كشف رضا السعيداني عما تعرض له من ضرب حتى الإغماء، والمنصف بوخريص أنه كاد يفقد عينه بسبب التعذيب بينما أكد الصحبي بن قايد حسين أنه أصيب بمرض السل في السجن، وأدى سجن زوجته المحكوم عليها 7 سنوات بتهمة الانتماء و جمع التبرعات لإعانة بعض عائلات المساجين، وكان إيقافها يوم 12/11/1996 إلى ترك أطفالهما الأربعة قسرا وقهرا. يقول الصحبي: «هذه الحادثة النادرة هزت ضمير كل سكان جرزونة... ونظرا لهذه الظروف فقد أصيبت ابنتي سارة بمرض السكري والأمعاء ،وفي غياب والديها ساءت حالتها وتعطل نموها حتى غادرت الحياة في 20/5/2010 و هي تزن حوالي 30 كلغ فقط وعمرها 22 سنة وهي ضحية النظام البائد و هذا قليل مما أكتمه.»
ولم تقتصر المعاناة على السجناء إذ تعدتهم إلى عائلاتهم : يعدد محسن النجار بعضها وخاصة محنة عائلته التي زارته في سجن بيلاريجا لكنها فوجئت بأنه نقل إلى قرمبالية دون إعلامها مسبقا، كذلك كان الشأن بالنسبة إلى الأزهر السعيداني الذي زارته عائلته بسجن المسعدين فتبين أنه نقل إلى سجن مدنين، و الأمثلة كثيرة...
تفشي البطالة رغم كثرة المصانع
ومما أسهم في تعقيد الوضع الاجتماعي بجرزونة تفشي ظاهرة البطالة بها بشكل لافت للنظررغم كثرة المصانع والمؤسسات الاقتصادية بها. مؤسسات تشغل الآلاف ليس لأبناء جرزونة منهم إلا النزرالقليل. يؤكد الجرازنية أن الهواء الذي يتنفسونه ملوث بدخان المصانع المحيطة بهم والروائح الكريهة المنبعثة منها، و أن من حقهم أن تكون لهم الأولوية في العمل بها ماداموا يدفعون الثمن من صحتهم و صحة أبنائهم. ومن حقهم أن تهيئ لهم تلك المؤسسات الاقتصادية مناطق خضراء ومؤسسات ثقافية وترفيهية تحمي أبناءهم من خطرالشارع. و فعلا فجرزونة تشكو غياب هذه الفضاءات مما جعل حديقة رصيف خالد بن الوليد المجاورة للقنال الذي يفصلها عن بنزرت المتنفس الوحيد للأهالي الذين يفدون عليها من الأحياء البعيدة وخاصة في فصل الصيف، ومع ذلك جادت عبقرية بعض أصحاب المؤسسات بالتبرع لجرزونة بملعب للكرة الحديدية قريب من الجسرالمتحرك يقولون إن كلفته بلغت 40 ألف ديناروقد علق بعضهم :» ما خص المشنوق كان ماكلة الحلوى». بأطراف جرزونة عند ما يعرف بجبل بوحجرة مازالت منطقة خضراء وحيدة يمكن أن تكون متنفسا للمدينة ضمت شركة ستير بعضها وتسعى إلى ضم الباقي. فهل ستحرص هذه الشركة على جعلها منتزها ليكون متنفسا حقيقيا للمدينة ؟؟
وفي إطار الحديث عن البطالة يقول أحد البحارة:» نحن نستمد قوت أهلنا من الصيد بالقنال على هذه القوارب الصغيرة ولكن الطقس ليس ملائما دائما كما أننا لا نعمل خلال فترة الراحة البيولوجية وقد خصصت لنا الوزارة منحة تعويضية، سمعت بها ولم أرها إلى يوم الناس هذا . أين تذهب؟ من ينتفع بها ؟ لست أدري. أنشأنا نقابة تضم 80 بحارا للدفاع عن حقوقنا والتمسك بمطالبنا المشروعة ومانزال ننتظر.
ظروف اجتماعية صعبة
غير بعيد عن أحد مداخل شركة الستير زارت الأسبوعي ما يشبه المنزل لأسرة معوزة. شقيقتان في الأربعين من عمرهما «حياة و حبيبة» إحداهما مطلقة و الأخرى عانس تكفلان في بيت متواضع يخلو من جل المرافق طفلتين تدرسان بالإبتدائي، هما ابنتا شقيقهما بعدما توفي و تزوجت أمهما من جديد. ما يسمى بغرفة النوم اكتسحتها الرطوبة كما نرى في الصورة؛ والسورالخارجي تحطم جزء منه، ولا مورد لهما إلا ما تحصل عليه إحدى الشقيقتين من العمل بالمنازل بينما تسهرالأخرى على رعاية الطفلتين. مأساة حقيقية ولكنها ليست الوحيدة إذ حدثنا بعض الأهالي عن ظروف اجتماعية صعبة تعيشها عائلات أخرى ببعض الأحياء مثل «حومة الحبش «أو» أوزينة الرصاص».
منصور غرسلي

العجانقة بجبنيانة: بنية تحتية هشة... تصحر ثقافي ووضعيات اجتماعية مزرية
عانت منطقة «العجانقة» التي تعتبرمن أهم المناطق في ربوع جبنيانة و أكبرها مساحة وأكثرها سكانا كغيرها من مناطق الجهة من الحرمان و الظلم و التهميش. فماذا عن واقعها ؟ وماهي طموحاتها و تطلعاتها ؟
تمسح قرية العجانقة والمناطق التابعة لها 5000 هكتارا أراضي سيالين وعزيزة عثمانة . هذه الوضعية العقارية المعقدة والشائكة عطلت بشكل لافت مسيرة التنمية وأصبحت شاغلا يؤرق المتساكنين و يعيق مصالحهم الاجتماعية والاقتصادية و يجعلهم عاجزين عن الانتفاع بالقروض و التعامل مع البنوك بكل أريحية لبعث مشاريع تنموية تساهم في تنشيط سوق الشغل.
فالتدخل الفوري لتصحيح الوضعية العقارية يعتبرحلما يراود المتساكنين و مطلبا يرنو الجميع الى تحقيقه .
بنية تحتية مهمشة
تشكو القرية والمناطق المجاورة لها من هشاشة بنيتها التحتية ، فالطريق التي تربطها بمركز المعتمدية و البالغ طولها حوالي 12كلم تزخر بالحفر و النتوءات نتيجة الاهمال و غياب حملات التعهد و الصيانة الفورية مما أثر سلبا على وسائل النقل و أقلق مستعمليها. و عليه فان تعهدها أمر تحتمه الحاجة مساهمة في المحافظة على المكتسبات الوطنية و تيسير حركة الجولان . أما طريق العجانقة -المصيفة- الخضارة التي تمتد على طول 5 كلم فقد هجرتها وسائل النقل العمومي تاركة متساكني الخضارة في حيرة من أمرهم يذوقون الأمرين و خاصة تلامذتها الذين يزاولون دراستهم الابتدائية والاعدادية بالعجانقة متحملين الويلات في سبيل ذلك . كما أن طريق» الجبارنة -القلالجة» البالغ طولها قرابة 3 كلم و طريق العجانقة أولاد جاب الله التي تمتد على 2 كلم ظلتا غير معبدتين في حين بقي مدخل» البروق» الذي يمتد على 300 متر ومدخل «الأعياف 1 و «2 البالغ طوله 500 متر فهومن أبرز النقاط السوداء لما يسببانه من قلق وازعاج للمتساكنين باعتبارهما يتحولان الى برك في فصل الأمطار. فتنمية هذه الشرايين الحيويةهي من أهم المطالب التي يحرص المتساكنون على تحقيقها في اطار تكريس التنمية الجهوية. وتعهد المسالك الفلاحية وصيانتها بصفة منتظمة و مسترسلة أمرأكيد و متأكد حتى تكون مؤهلة للقيام بدورها الاجتماعي و الاقتصادي في ظروف طيبة .
نقص في الأدوية وانعدام قاعات علاج
إن المتأمل في هذا المجال يلاحظ دون شك أن مستوصف القرية ما يزال في حاجة الى تدعيم عياداته الأسبوعية نظرا لتزايد عدد رواده من أولاد حميدة وأولاد جابالله و الخضارة و الغراسة الى جانب النقص الفادح في الأدوية و خاصة المتعلقة بالأمراض المزمنة.كما أن الحالات المرضية العرضية تهدد صحة المتساكنين و سلامتهم في ظل غياب قاعات علاج في مختلف المناطق الآهلة بالسكان. و يؤكد المتساكنون على إحداثها لتوفير الإسعافات الأولية الضرورية خاصة في فصل الصيف الذي تكثر فيه الحشرات السامة و برمجة اعادة النظر في الخارطة الصحية المحلية ببعث مستوصفات بكل من أولاد حميدة و أولاد جاب الله و الخضارة تجسيدا لمبدا شعار» صحة للجميع «.
نقائص تعيق تطور الفلاحة السقوية
في اطارالارتقاء بالمجال الفلاحي و تعصيره شهدت المنطقة احداث يئر عميقة و منطقة سقوية تمسح قرابة 110 هكتارا و لئن انطلقت بتدفق 50 لترا في الثانية فان هذه النسبة تراجعت خلال السنوات الأخيرة الى حوالي 20 لترا. ولئن تعددت الآراء حول أسبابها و مسبباتها و الصعوبات التي يعاني منها الفلاحون لذلك فان الجميع يؤكد على فتح ملف البئر و اتخاذ القرارات العملية قي شأنها في اطار المحافظة على المكتسبات العامة و مزيد تأطير الفلاحين والعناية بمشاغلهم والإسراع بتجديد هيئة الجمعية المائية مساهمة في الارتقاء بالمسيرة الفلاحية وتوفير ظروف عمل طيبة .
رحلة العطش
لئن شهدت شبكة الماء الصالح للشراب توسعا محمودا فانها عجزت عن الوصول الى منطقة «السكاريت» وأولاد الحاج صالح و»وادي المعزة» التي تضم 120 عائلة بسبب التشتت السكاني وارتفاع الكلفة وهو ما يحتم على الساهرين على القطاع مساعدة هذه العائلات لتنعم بهذا المرفق الحياتي الضروري .
بين البطالة و التصحر الثقافي
عانت المنطقة من التصحر الثقافي بسبب افتقادها لتقاليد ثقافية ودار للشباب تستقطب شباب الجهة المتعطش لإبراز مواهبه وتمكينه من فرص الخلق و الابداع في مناخ تربوي سليم . هذا الشباب يعاني كذلك من التهميش و البطالة في ظل غياب مؤسسات اقتصادية قادرة على استقطابه سواء منهم حاملي الشهائد العليا البالغ عددهم حوالي 120 أوغيرهم . و لئن خير بعضهم الهجرة لتحسين أوضاعه الاجتماعية و المادية فان آخرين تسلحوا بالعزيمة و الصبر و صارعوا الزمن بلا كلل أو ملل من أجل فرض الذات في حين ماتزال مجموعة هائلة تتخبط في البطالة يدغدغها أمل المستقبل الباسم و المشرق لتحقيق أحلامهم الوردية .
هل تقع اعادة النظر في هذين البئرين ؟
في اطار عمليات التنقيب عن المحروقات تم خلال سنة 1978 حفر بئر «بورمادة» النفطية على حدود ولاية المهدية و في سنة 1988 وقع حفر بئر ثانية بالقرية و قد هلل المتساكنون وكبروا باعتبارهما ستغيران وجه المنطقة اقتصاديا و اجتماعيا لكنهما ظلتا مغلقتين بحجة أن تكلفة استغلالهما تفوق مردوديتهما . وفي ظل ارتفاع أسعار المحروقات يمكن اعادة النظر في واقع البئرين و العمل على استغلالهما في اطارإشعاعهما على المحيط و مساهمتهما في دعم التنمية والتشغيل بالمنطقة .
المختار بنعلية

أرياف الشابة: تهميش في جل القطاعات... وحالات اجتماعية متدهورة...
مناطق »الشعابنة» وأولاد ابراهيم» والمحامدة» وغيرها من «عمادة السعفات «التابعة ترابيا لمعتمدية الشابة من ولاية المهدية هي مناطق محرومة من أبسط مرافق العيش الكريم، يتجاوز عدد سكانها 5000 متساكن نحاول تسليط الضوء عليهم من خلال التطرق لأبرزمشاغلهم وسماع صوتهم وتبليغ أهم طلباتهم ومقترحاتهم عل واقعهم يتغير الى الأحسن ومشاغلهم تتحقق يوما.
الشباب كلمة تعني الحياة وأهم فترة يمكن للإنسان عيشها والسياسات تتغير بفضل الشباب، الا أن شباب قرية السعفات والمناطق المجاورة لها مهمل ويعاني الرتابة، فلا توجد دار شباب ولا ملعب ولا دار ثقافة ولا حتى جمعية شبابية فكل وسائل الترفيه غائبة ولا وجود لها في هذه المناطق.
غياب المرافق الأساسية
يفيدنا عماد شعبان (30 سنة) أن مقابلة في كرة القدم بين شباب المنطقة تكلفهم عناء التنقل لمدينة الشابة بحثا عن ملعب مهيإ هناك وتعتبرالمقهى المرفأ الوحيد لشباب الجهة وبالتالي «الحرقة» هي خيارلا مفر منه. من جهة أخرى تشكو شبكة الطرقات داخل هذه المناطق من الإهمال المتواصل فهي لا تشملها مشاريع التعبيد والصيانة والإصلاح ؛ وهي تعتبر الشغل الشاغل للمتساكنين الذين يطالبون على الأقل بالعناية بتلك الطرقات التى تعتبر غير سانحة للتنقل وليست مواكبة لتطورات العصر، وكذلك غياب التنوير العمومي وحتى في الطريق الرئيسية الرابطة بين الشابة وقصورالساف والمارة من الشعابنة وهو ما سبب أحيانا حوادث قاتلة خاصة في الليل الدامس.
ومن جهة أخرى تشكو عديد العائلات من الحرمان من الماء للصالح للشراب مثل منطقة «أولاد الأفراج» الذين تغيب عليهم كل ضروريات الحياة من طرقات وماء صالح للشراب وتنويرعمومي. وأفادنا محمد حسن شعبان (60 سنة) حيث قال:» منذ ولادتنا لم نرأي تغيير، فالمنطقة كما هي لم يتغير فيه أي شيء ، وأنا صاحب عائلة و ليس لنا الماء الصالح للشراب والنورالكهربائي بحيث لم نقدر على تكاليف الإيصال الباهضة والشركة التونسية لاستغلال وتوزيع المياه لم تراع ظروفنا. وحتى صندوق 26-26 بدعة وأكذوبة لطالما انطلت علينا فقد سلبوا أموالنا فبقينا نتجول بين ادارة وأخرى وبين المسؤول والآخرو»ضيعونا» ولم يلبوا لنا أي مطلب.»
عاطلون عن العمل يصرخون
صابر ومحمد وعماد وعبد الباسط هم شباب بين 25 و30 سنة يتخبطون في البطالة ويعيشون أوضاعا مادية مزرية ؛ ليس لهم مورد رزق قارولم يقدروا على مجابهة صعوبات الحياة وقد سئموا الوعود الزائفة من قبل المسؤولين بالتشغيل واستعمال وسيلة التصبير وعبارة «أرجع غدوة توا نخدموك».
حسين محمود (36 سنة) :»متزوج ومتحصل على الأستاذية في الأنقلزية منذ سنة 2003 لكننى بطال رغم أنى العائل الوحيد للعائلة بعد وفاة والدي وحتى والدتي عاجزة (86 سنة)»وحسب تعبيره لم يجد من يبلغ صوته كما أنه الى حد الآن لم يتمتع بمنحة العاطلين عن العملدون مبرر.
عبد السلام مرزوق ( 26سنة) هو مثال لصغار البحارة حيث يقول :»أن البحرهو مورد رزقنا الوحيد ونحن نواجه تعطيلات مملة في مطالبتنا بقارب صغير للعمل ورغم الكفاءة والخبرة في الصيد البحري الا أن المطلب دائما مرفوض واقتصار القروض على أصحاب الوظائف العمومية وصعوبة تلبية المطلب بسبب عدم الإنتماء للحزب الحاكم السابق.»
تهميش الصحة والتعليم
أبناؤهم معذبون فوق الأرض فليس لهم سوى مدرسة ابتدائية وحيدة تلم شمل أبناء مناطق العنايبة وأولاد عبد الحفيظ وأولاد بوبكر والمحامدة والشعابنة والسعفات ومنهم من تبعد عنه المدرسة 6 كم يمشيها يوميا مترجلا وهي غير كافية لاستيعاب جميع تلاميذ المناطق المذكورة حيث إن الكثافة السكانية في تزايد مطرد .وفي هذا الإطار هم يطالبون بمدرسة ابتدائية ثانية على الأقل وبمدرسة اعدادية حيث ظل أبناؤهم مشتتين بين الشابة وقصور الساف لمواصلة تعليمهم ومنهم العديد الذين انقطعوا في سن مبكرة من الدراسة بسبب هذه الأوضاع. الى جانب ذلك يفتقد المستوصف الوحيد بعمادة السعفات الى أدنى المرافق والتجهيزات الصحية التى تعتبر من أوكد حاجيات أهالى المنطقة الذين يشتكون من نقص في عدد العيادات حيث إن مرتين في الأسبوع غير كافية وحسب قولهم إن «المريض يزيد يمرض» بالإضافة الى عدم توفر الأدوية بالكمية الكافية وفي بعض الأحيان لا تتوفر أصلا مع عدم وجود أطباء الإختصاص والاقتصار على الطب العام . ويطالبون مصالح وزارة الصحة بمزيد العناية وتوفير المرافق الضرورية الكفيلة بمداواة جراحهم وتسكين أوجاعهم مع توفير سيارة الإسعاف للإسراع بإسعافهم وإنقاذهم ربما من موت يحدق بهم في كل لحظة.
كمال الشمك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.