بقيت مدينة تالة منذ الاستقلال الى يومنا هذا تعيش التهميش والفقر على جميع المستويات.. في البنية التحتية وفي الجوانب الاقتصادية والفلاحية والثقافية أيضا.. رغم ما تزخر به من ثروة كبيرة من الرخام.. ومن لم يسمع برخام تالة (تالة الملكي وتالة الامبراطوري وتالة الرمادي) ؟.. الا أن هذه الثروة نهبت بطريقة عشوائية وحملت لتحول بتونس العاصمة وصفاقس ولم يجن منها أبناء تالة الا الأضرار التي لحقت الطريق الوطنية الوحيدة التي يربطها بتونس شمالا وبمدينة القصرين جنوبا بسبب حمولة الشاحنات المثقلة بهذه الحجارة الرخامية اضافة الى الأضرار بالبيئة.. حيث تحولت روابيها الى أكداس من بقايا هذا الرخام المنهوب وحفر عميقة.. فلو كانت الحكومة المنحلة جادة في تنمية هذه الجهة لوظفت رسوما كبيرة على حمل الحجارة الرخامية خارج تالة.. حتى تجبر المستثمرين في هذا الميدان على بناء مصانع التحويل بها على غرار ما هو موجود بالمناطق الرخامية بايطاليا وبذلك تكون قد ضربت عصفورين بحجر واحد القضاء على البطالة ودفع عجلة التنمية بتلك الربوع . كما ان تالة تحتوي على مخزون كبير من المياه ولكن هذه المياه لم توظف في التنمية الفلاحية بالجهة بسبب انعدام الدراسات الجدية والعلمية لتنمية فلاحية حقيقية.. اضافة الى أن أغلبية الأراضي بها مازالت ملكا للدولة وحتى التي هي ملك خاص لم يشملها المسح العقاري الاجباري.. مما جعل التمتع بالتشجيعات الفلاحية والقروض لا تشمل فلاحيها لان البنوك تشترط شهادة الملكية من ادارة الملكية العقارية.. مما جعل آلاف الهكتارات مهملة و مرتعا لبعض المواشي التي لا تسمن ولا تغني من جوع..ودفع بأغلبية سكان الأرياف للهجرة للقرى والمدن المجاورة اضافة الى انعدام المسالك الفلاحية..التي زادت في تعقيد صعوبة السكن بهذه الأرياف.. الا من بقي منهم يصارع العزلة والفقر والتهميش لان حب الأرض والتعلق بها منعاه من الهجرة . أما البنية التحتية.. فحدث ولا حرج طرقات ضيقة تنوير عمومي محتشم.. بلدية تعيش على فتات بعض الاعانات التي تمن بها الدولة في عهد المخلوع كل سنة على بلدية هذه المدينة لا تغطي حتى ثمن شاحنة مجهزة لرفع الفضلات.. اضافة الى انعدام اغلب الادارات كالتشغيل والصناديق الاجتماعية.. مما جعل سكانها زيادة على خصاصتهم يرغمون على التنقل الى مدينة القصرين لتقديم أو استخراج بعض الوثائق اللازمة متحملين الأتعاب ومصاريف التنقل. أما المستشفى المحلي الوحيد فيعاني من النقص في الاطار الطبي المختص والتجهيزات والأدوية الا من بعض التجهيزات القديمة المتآكلة التي لا تتوفر على ابسط الشروط الصحية . فهل سيأتي يوم تنعم فيه هذه المعتمدية بنصيبها في التنمية والتوازن الجهوي ؟ هذا ما يتمناه أبناؤها الذين التقينا بهم .