تحدّث عنه العديدون... خلال الفترة الاخيرة... قالوا عنه إنه وافق على حكومة ائتلاف وطني خلال الربع ساعة الأخير من حياة نظام بن علي، فقال في هذا الحوار: أبدا... لم يحدث شيء من هذا... هو شاهد على مرحلة... من أشدّ المراحل السياسية عنفا وتعقيدا وضغطا... بل هو شاهد على مراحل، كانت فيها التجاذبات على أشدّها، بين المناضلين وبين السلطة عهدي بورقيبة وبن علي... شرعته: الاعلان العالمي لحقوق الانسان... وديدنه تمكين تونس المواطنين وتونس المتعلّمين... وتونس المقموعين والمقهورين، من مكان تحت الشمس... رفض الانخراط وفق منطق «تهافت التهافت»... فتراه يتعامل مع المشهد السياسي بحيادية استثنائية، بل نادرا ما تجدها عند مناضل عرف الاعتقال... والطّرد التعسّفي... وتمسّك في سنوات الجمر بالرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان، قلعة للنضال والممانعة... ومعارضة السلطة. الأستاذ مختار الطريفي، لم يعد، منذ أيام معدودة، رئيس الرابطة... رئاسة، حكم عليها نظام بن علي بأن تمتدّ الى احدى عشر سنة... لأن مؤتمرها العادي معلّق... طوال ذات الفترة... صحفيّ مطرود من عمله ب «الصباح» وفاقد لعمله في «المغرب العربي» و«الموقف» اللذين أغلقا بقرار سلطوي تعسّفي... فكانت كلية الحقوق والعلوم السياسية هي الحاضن من جديد، لتمكّن الشهادة التي حصل عليها منها، مختار الطريفي من ارتداء بدلة المرافعة... التي لم يتخلّ عنها... الى اليوم. بدلة المحامي، التي اضطرّ لارتدائها منوّبا في قضايا الحق من بن قردان الى بنزرت، حسب تعبيره... في أوّل حديث شامل له، بعد أن سلّم «الأمانة» في مؤتمر الرابطة الاخير، يتحدّث الطريفي عن أسرار الساعات الاخيرة في حكم بن علي... وينفي إشاعات راجت ولا تزال حول هذه القصّة. مختار الطريفي، الذي يعرفه كل المناضلين، بقيت بوصلته لا يمين ولا يسار... لا شرق ولا غرب... يحترم كل الاحزاب والتيارات، لكنه لا ولن ينخرط في إحداها... لذلك سألته في البداية عن سر عزوفه عن الممارسة السياسية فقلت: لماذا كل هذا العزوف عن السياسة وعن التحزّب، فأنت صديق الجميع... والآن انتفت التعلّة وأقصد رئاسة الرابطة التي كانت تحول دون انخراطكم هنا أو هناك؟ أوّلا هذا ليس عزوفا عن الحياة العامة، لكني لست منخرطا في الحياة السياسية الحزبية بطبعي. هذا شأني دائما، لست منتميا الى أي حزب. ثانيا: مرّ أسبوع عن تسليمي لمقاليد رئاسة الرابطة... لأن رئيس الرابطة حتى وإن كانت له طموحات سياسية عليه ان يكون محايدا... طيّب كيف يبدو لك المشهد السياسي ومستقبل العملية السياسية الآن. كمستقبل، أعتقد أن الوضع الآن غير مشجّع على العمل السياسي. لماذا؟ لأن العمل السياسي تقوم به الأحزاب. في تونس، وقعت عملية توالد وتكاثر للأحزاب، بشكل ملفت دون ان تقدّم هذه الأحزاب برامج وخيارات واضحة. الأحزاب ليست بصدد اعطاء تطمينات للمواطن حتى يكون المشهد واضحا. الوضع العام، في أغلبه، رهن مبادرات فردية... من طرف ما يسمّى بالمستقلين. وأعتقد أنها لا يمكن رغم قصور العمل الحزبي أن تتحوّل الى مرتبة الأحزاب ودور الأحزاب... (يقصد القائمات المستقلة). في كل هذا، شخصيّا لا أجد نفسي معنيّا بالترشح، لكنني أعتقد أنني معني بعملية الانتقال الديمقراطي. وأكّدت أنه من أي موقع أكون، يجب انجاح العملية... عملية الانتقال هذه... لذلك انخرطنا ضمن الرابطة، في انشاء المرصد الوطني للانتخابات، وسنصل الى حدود 5 أو 6 آلاف شخص. وتنتهي عملية التكوين اليوم أو غدا... من جهة أخرى أنا على اتصال ببعض الناشطين السياسيين... هناك، أمر آخر أشعر به: المجلس التأسيسي القادم، هو مرحلة هامة جدا في تاريخ تونس، وضروري أن تتوفّر في المترشحين مواصفات دنيا، منها القدرة على الحوار وعلى الوصول الى الوفاقات... وكل ما أخشاه هو أن يجد المجلس نفسه في حالات من التعطّل نتيجة نقص القدرة على ايجاد الوفاق. فمثلا، شهدت في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والانتقال الديمقراطي من افتقاد لروح الوفاق عند النقاش من قبل المتدخّلين... إذن لابد للمتدخل في الشأن السياسي من أن يكون قادرا على الاختزال والتوليف بين كل المقترحات، وهذا يعني قدرته على أن يخرج من الأفكار والمقترحات، نقاطا هامة... لذلك أدعو الجميع الى فهم الدور الحقيقي للمجلس التأسيسي فصياغة الدستور تتطلّب قدرة كبيرة على صياغة الوفاق وتتطلّب قدرة كبيرة على تحمّل الرأي الآخر. وهذه ثقافة لم نتعوّد عليها، لأننا كنا في عقلية الرأي الأوحد... فكلّ منا ليس له طرف يحاوره، كل منا كان يحاور «جماعته» لأننا كنا ممنوعين من منابر حوار بين الفرقاء في كل المجالات... كانت كل مجموعة منعزلة، والنظام فعل كل شيء حتى يفصل الفرقاء عن بعضهم، ولم يتعلّموا كيف يكون الحوار مع الآخر الذي تختلف عنه. ما هي مخاوف الرئيس السابق للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان من المستقبل المنظور؟ هناك مخاوف آنية: وهي كانت موجودة وبصدد التقلّص، مخاوف من انفلاتات يمكن ان تعرقل المسار... وقد تمكّنت عديد الاطراف من تجاوزها. واعترف الجميع أنه لا حل بدون الوصول الى يوم 23 أكتوبر... ونتمنى أن تتمّ الحملة الانتخابية التي تمكّن من الوصول بشكل جيّد اذا تمت في ظروف جيّدة... وهنا الدعوة موجهة الى الأحزاب كما المستقلين للابتعاد عن أسباب الاحتقان. لأن هناك من لا يريد ان تنتقل تونس الى ديمقراطية مستقلة... من الداخل والخارج... ربّما احتقانات تؤدي الى ما هو غير معقول... والذهاب الى صناديق الاقتراع يوم 23 بنيّة قبول نتائج الصندوق مهما كانت. إذن على الجميع الاعتدال حتى تتقبّل كل الاطراف نتائج الانتخابات يوم 23 أكتوبر، وكذلك ان تكون جميع الأطراف مستعدّة بعد 23 أكتوبر في تكوين ملامح السلطة التي ستحكم البلاد. بعد 23 أكتوبر ستكون هناك شرعية ناتجة عن الانتخابات. وبذلك يتمتّع المجلس التأسيسي بالصلاحيات جميعها، لسن الدستور وأيضا للمساهمة في إدارة البلاد... وذلك من خلال الاشراف على الانتقال من الوضع الحالي المحكوم بالمرسوم المتعلق بتنظيم السلطات العمومية الى مرحلة جديدة فيها رئيس جمهورية، أعتقد أنه ضروري بأن المجلس التأسيسي له الرأي الأساسي في تعيينه. وحكومة يعيّن رئيسها رئيس الجمهورية المؤقّت تحت اشراف المجلس التأسيسي وتكون مؤلّفة بالتوافق، بين القوى والأحزاب السياسية المشكلة للمجلس التأسيسي وتكون تحظى باجماع أوسع من المجلس التأسيسي، وتكون الحكومة مؤلفة من شخصيات تختار لاشعاعها وليس لانتماءاتها الحزبية، اذن أقول: ليست حكومة ائتلافية تشكل من بين الأغلبية في المجلس التأسيسي، بل اعتقد أن تكون تحظى بوفاق عام... بالتالي هذه مسألة هامة، ولابد أن نكون واعين بهذا الأمر... فإذا دخل المجلس، في البداية في تجاذبات تهم تشكيل الحكومة، فهذا لن يؤدي الى نتيجة، لأن العملية ستطول، ثم ان حكومة على هذه الشاكلة لن يكتب لها المواصلة، لأنه بمجرد تغير التحالفات سوف تسقط الحكومة... بينما نحن في حاجة الى الكثير من الاستقرار على مستوى مؤسسات الدولة وفي المجتمع لكي يمكن مواجهة التحديات التي ستعترضنا والى الآن. وطبعا المجلس التأسيسي سيكون له دور المشرع خلال فترة اعداد الدستور، وله أيضا سلطة مراقبة الحكومة. كيف ترى المدة النيابية للمجلس... هل هي قابلة للتحديد الزمني أم أنها بلا حدود؟ أنا أعتقد ان هذه المدة لا تتجاوز السنة، واذا أمكن تقليصها فيا حبذا ذلك ان البلاد بحاجة الى فترة قصيرة لا تتجاوز سنة وأنا مع عرض هذا الدستور على الاستفتاء العام. لأن الدستور هو أهم عمل سياسي ومؤسساتي سينتج عن المجلس ضروري وبعد ان تعده النخب والنواب، الذين تم انتخابهم، لأن الدستور هو لمرحلة طويلة. فهو نص يحضى بعلوية ضروري أن يكون ناتجا عن ارادة شعبية متميزة، لكي يقول الشعب كلمته فيه، وذلك حتى نبتعد عن القول: هذا دستور أنتجته أغلبية معينة، جاءت بها ظروف معلومة، إذن نريده ان يحضى بمصادقة شعبية مباشرة، عبر الاستفتاء. ماذا تخشى حقيقة في هذا المجال؟ ما أخشاه أن تلجأ بعض الأحزاب التي ليس لها حظوظ تتمناها في المجلس التأسيسي، ان تلجأ الى مناورات وتشنج... أو أن يتم تحريك النعرات العروشية في عدد من الجهات... بها يوتر الاجواء ويؤثر سلبيا على العملية الانتخابية. كأن تقول جماعة هذا لا يعجبني اذن، لا يقدم الى هنا، أنا أقول الذي لا يعجبك... لا تصوت له يوم 23 أكتوبر. وهذه هي الديمقراطية... وهنا أدعو الى نبذ الجهويات في كل مظاهرها، وخاصة وأننا نعلم ان الذين سيتم انتخابهم سيضعون دستورا لكل تونس ولكل التونسيين وليس لعرش أو جهة أو فئة، خاصة وأنه الآن، عادت الى الشعب التونسي القدرة على الانتخاب... والتصويت. فمنذ الاستقلال لم نشهد انتخابات نزيهة وشفافة وديمقراطية، بما نحن بصدده الآن يستطيع المواطن من الآن وفي المستقبل ان يمارس حقوقه كاملة في ابداء رأيه وعدم انتخاب من لا تتماشى برامجه وأهداف المواطن وتوجهاته... صوت المواطن أصبحت له القيمة الحقيقية ولابد ان نحافظ على هذا المكسب، فهو أهم ما أنتجته الثورة. فعملية المواطنة، هي التساوي بين الجميع، كل له صوت واحد هو المتحكم فيه. لأن الصوت كان مصادرا؟ نعم، لأن الذي يتحول الى التصويت من قبل، يضع صوته، ولا يعرف مآله... ماذا لو اقترح المجلس التأسيسي القادم الاستاذ مختار الطريفي رئيسا؟ (يضحك... بشدة) لأن السؤال يضحك حسب رأيه... قلت له لماذا؟ قال: لأن مختار الطريفي ليس مرشحا لأية مسؤولية... يعني لم يرشح نفسه لا للمجلس ولا لغيره من الهيئات... لكن المجلس يمكن ان يختار من خارجه مرشحا؟ باعتقادي أن المسألة ستتم بين الزعامات المنخرطة في العمل السياسي. لكن مختار الطريفي منخرط في الشأن السياسي والدليل وجودك في الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة...؟ مختار الطريفي منخرط في الشأن العام ويهمني ان تصل البلاد الى شاطئ النجاة، وأن ترتقي تونس الى مرحلة الانتقال. لكني لست منخرطا أو منتميا الى أي حزب، طبعا عندي صداقات في مختلف القوى السياسية... ثم ان هذا سؤال سواء طرح علي أو على غيري لا يمكن الاجابة عنه، الا متى عرفنا ما ستأتي به انتخابات وصندوق يوم 23 أكتوبر.... اذن لا يمكن ان تحدد لا ملامح الحكم ولا الشخصيات المؤهلة لممارسة السلطة، الا متى عرفنا نتيجة انتخابات يوم 23 أكتوبر، ومدى قدرة القوى السياسية التي سيفرزها صندوق الاقتراع من توافق... انطلاقا من نضالات الرابطة، هل تطالب بوزارة لحقوق الانسان مثلا؟ أنا لست مع أن تفرد مسألة حقوق الانسان بوزارة... لأن حقوق الانسان يجب ان تكون في كل وزارة... كل وزارة هي مطالبة بأن تحمي وتعمل على تطوير منظومة حقوق الانسان في مجال عملها، فمثلا وزارة التربية، لها أهم دور في مسألة حقوق الانسان أكثر من الاحزاب، لأنها هي التي تربي الناشئة لأن هذه الناشئة يجب ان تجد كل المناهج محترمة لحقوق الانسان مكرسة للمساواة والمواطنة... مثلا في وزارات تبدو تقنية وزارة الصناعة لا يمكن ان تفكر في صناعة لا تحترم البيئة ومناخ عيش الانسان وحقه في بيئة سليمة، لابد ان تنزل مسألة حقوق الانسان المنزلة لارفيعة التي تستحقها عندما نضع وزارة، كأننا حصرنا حقوق الانسان وعزلناها في قضية ادارية، وأعفينا بقية الوزارات من مسألة حقوق الانسان وضرورة احترامها والسهر عليها. هذا لا يمنع أن تكون هناك مؤسسات تعنى باقتراح التشريعات الملائمة لتطوير منظومة حقوق الانسان. واعطائها دورا كبيرا وتقديم الاقتراحات في مسألة حقوق الانسان، الى الحكومة. المسألة الهامة الأخرى، أن يتضمن الدستور بابا كاملا للحريات والحقوق الاساسية للمواطن: الحقوق الفردية والعامة والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والحق في المشاركة المجتمعية والمساواة التامة بين التونسيات والتونسيين، هذا لابد وأن يتضمنه الدستور، لأن تلك الحقوق هي القاعدة والوجهة التي ستنتهجها كل الوزارات عند ممارستها السلطة. ماذا تقول عن الاعلام، وأنت الاعلامي السابق، وأيضا من استنجدنا باستشارته القانونية والمهنية الصحفية، في صياغة اتحاد الصحفيين الذي طالبنا به منذ عشرين عاما دون جدوى؟ هناك قضيتان هامتان جدا الاعلام هو أهم مكون من مكونات الحياة الديمقراطية، ولا يمكن ان تستقيم الديمقراطية دون اعلام حر... واليوم في ظل تعدد الوسائل الاعلامية وقدرة المواطن على التعبير الحر، يتطلب هذا الأمر نقطتان: الأولى : الحرفية والتحلي بأخلاقيات المهنة الصحفية ، اليوم الصحفيون مطالبون بتكوين أنفسهم عبر دورات تدريبية قد يكونون تعلموا أكاديميا مبادئ الصحافة وفق القواعد العلمية لكن الصحفيين منعوا من أن يكتبوا أو ينقلوا الواقع... اليوم، في مناخ الحرية الجديد، من الضروري، أن يخضع الصحفيون إلى تدريب جديد وإعادة تأهيل... والمؤسسات الصحفية مطالبة بتنظيم ذلك لصحفييها. مسألة أخلاقيات المهنية هي مسألة تدريب وتدرب ولا بد أيضا أن يكون هناك جهاز نقابي من الصحفيين المهنيين أنفسهم للتنبيه ووضع القواعد المهنية والسهر على تطبيقها وذلك حتى لا يتدخل «الغير» مهما كان سلطة كان أو غيرها في مسألة تهم الصحفيين. اليون لنا حاجة إلى الصحفيين المهنيين الذين يكونون ماسكين بآليات العمل الصحفي. مثلا نجد أن هناك من يخلط بين أبجديات كتابة الخبر والتعليق وهما شكلان لا يمزجان «الخبر مقدس والتعليق حرّ» ...(تذكرنا أندريه بواييه...) النقطة الثانية : ضروري أن يعاد الترتيب الداخلي للمؤسسات الصحفية خاصة منها الكبرى حتى تكون داخل كل مؤسسة هيئة تحرير التي تشرف على ادارة العملية التحريرية طبعا قبل هذا يحدد الخط التحريري... وهذا يعطي للصحفيين مسؤولية كبرى والملاحظ هنا أن هيئة التحرير تتكون من الصحفيين وهذا لا يقلل بالمرة من أهمية ما تقوم به أسلاك أخرى في العملية الاعلامية والنقطة الأخرى التي لا يمكن أن يتم البناء الديمقراطي بدونها هي القضاء والأمن... القضاء لا بد وأن يكون مستقلا كسلطة. كيف عشت يوم 14 جانفي وقد رأيناك مشاركا في برنامج تونس 7 يوم 13 جانفي ليلا. شاركت في البرنامج بعد استغراب من دعوتي إلى هذا المنبر...التلفزة الوطنية... وقلت إن نمط حكم بن علي انتهى... من الغد كان لي موعد في مقر البعثة الأوروبية مع سفراء دول الاتحاد الأوروبي كان محددا من قبل...قبل أيام من ذاك التاريخ كان في إطار الحوار مع الاتحاد الأوروبي، الحكومة التونسية والاتحاد الأوروبي كانت دعت منظمات إلى المجتمع المدني إلى لقاء مشترك وقد حدث فيه إشكال كبير فقد جاءتني دعوة أولى من وزير الخارجية التونسية باسم مختار الطريفي لا غير... وقيل لي، أنت مدعو أنا والشاذلي بن يونس، وقد حصلت على قائمة المدعوين ليوم 6 ديسمبر 2010 ولقاء يوم 14 جانفي هو تكملة له فرفضت الدعوة وكتبنا رسالة عن الرابطة والنساء الديمقراطيات» وجمعية نساء للبحث حول التنمية نرفض حضور ذاك الاجتماع... لأن مختار الطريفي هو رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان...وعبرنا عن احتجاجنا تجاه الخارجية التونسية . عندما دعيت من سفراء الاتحاد الأوروبي على تلك الخلفية ليوم 14 جانفي كان يوم الاضراب العام خرجت من الاتحاد الأوروبي ( الاجتماع) حوالي الساعة العاشرة وجدت أن السيد أحمد فريعة طلبني عدة مرات اتصلت به..وقتها بدأ التجمع أمام الداخلية...وقال لي : إن السيدة راضية النصراوي هنا وقل لها إنه سيعود إلى منزله...قلت له : حمة يجب أن يخرج من الداخلية ويطلق سراحه... قلت له : هذا الشعب التونسي وليس POCT فقط قلت للمحتجين : لا تغادروا ولا للتكسير... كنتم بإتصال دائم؟ نعم...وقلت له : « يا سي أحمد، لا يمكن أن تستعملوا القوة لتفريق المتظاهرين وأضفت له : «بن علي انتهى...قلت له : الناس يدعون إلى الاتجاه إلى قرطاج...فإما أن يحدث حمام دم...وإما أن تستمعوا إلى الناس...ومطالبهم . ألم يخاطبك بن علي؟ أبدا، بل لم يخاطبني البتة لكني كنت بإتصال مع أحمد فريعة، كان معي عدد من المحامين الأجانب يقيمون في «كارلتون» وصعدنا إلى غرفة أحدهم وكانت مشرفة على شارع بورقيبة ورأينا كل شيء ...عند بدء اطلاق القنابل المسيلة للدموع... ولكن يوم 14 جانفي لأول مرة في حياتي خفت. كيف؟ من النافذة كنت أنادي البوليس حتى لا يضرب...هممت بمغادرة النزل قال لي أحدهم : لا تخرج...كان عدد من رجال الشرطة يحيونني أوصلوا المحامين الفرنسيين إلى سفارة فرنسا وكان حظر التجول ساريا...ومن سفارة فرنسا إلى مكتبي هنا خفت الحقيقة...صعدت إلى مكتبي وأخذت سيارتي وساعدني أعوان أمن لكي أمرّ...رجعت بدون إشكال...من شارع بورقيبة إلى شارع الحبيب ثامر...أحسست بالخوف. كيف علمت أن بن علي هرب؟ عندما بدأ الهجوم على الشارع بعد الظهر ليوم 14 جانفي طلبوني في «الجزيرة» كنت على الخط وقطع الهاتف...وأنا عائد إلى البيت كلمني صديق وقال لي سمعت أن بن علي يهرب... أوهو هرب قلت له : لا أتصور ذلك...عندما وصلت إلى المنزل بدأت المعلومات تتواتر...في الليل خاطبني سي محمد الغنوشي. هل كنت تعرفه؟ لم أره من قبل... ولم نتقابل أبدا قابلته من الغد السبت عند الظهر...وتقابلنا هنا أعضاء الهيئة أن لا أحد يترشح لأي منصب وزاري...بما فيهم رئيس الرابطة. اقترح عليك؟ لا أبدا من الأول قلت له لقد جمعت الهيئة المديرة ونحن لسنا معنيين بالسلطة لأننا سلطة مضادة سلطة رقابية وقلت له : آن الأوان كي تمارس الرابطة هذا النوع من السلطة ونتمنى أن نمارس سلطة الاقتراح. واستقبلني في ما بعد... وتواصلت المشاورات حتى مع «سي الباجي»...مصادقة مجلس الوزراء في أول مرسوم العفو التشريعي العام المرسوم رقم. يقال إن السيد منصر الرويسي كان قد التقى بكم حول اقتراح من بن علي بخصوص حكومة ائتلاف وطني؟ أبدا لم يحدث ذلك... لكن آخر مرة التقينا مع السيد منصر الرويسي قبل 14 جانفي ، كان يوم 10 جانفي على ما أعتقد في إطار لجنة الحوار الرابطي... منصر الرويسي وعبد الوهاب الباهي والأزهر القروي الشابي وتوفيق وبودربالة وعبد اللطيف الفراتي) ولم يتم في ذاك الاجتماع حديث بشأن موضوع سؤالك حكومة إئتلاف وطني...منذ تعيين فريعة كنت بإتصال به وجدت مع السيد أحمد فريعة تجاوبا. مثلا قضية اسناد جوازات السفر للذين حرموا منها. فقال لي: لا أحد يمنع من جواز سفره. وقد أعطينا التعليمات في ذلك. حتى الذين لهم قضايا عدلية بها تحجير سفر، فمن حقهم الحصول على جوازاتهم والقضاء يتصرّف فيما بعد. قضية كمال الجندوبي الذي كان ممنوعا من جواز سفره ولم يرجع الى تونس منذ 17 عاما، ماذا فعلتم كرابطة وكرئيس لهذا المناضل؟ بالنسبة لكمال الجندوبي، كنّا دائما نطالب بحقه في الحصول على جواز سفره. وكنا قد شكلنا لجنة للدفاع عن كمال الجندوبي، ترأستها سناء بن عاشور للمطالبة بتمكين كمال الجندوبي من جواز سفره، وتدخلنا لدى جميع السلط للمطالبة بذلك.. حتى وإن كان مطالبا لدى القضاء يجب تمكينه من جواز سفره للدفاع عن نفسه على الأقل. يوم التقيت بالسيد محمد الغنّوشي وكنت باتصال مع كمال الجندوبي وأعلمني أنه سيعود الى تونس يوم الأحد 16 جانفي 2011، عندما قابلت سي محمد الغنوشي قلت له: غدا سيأتي الى تونس بلا جواز سفر تونسي، قلت له: رجاء ان يستقبل بكل أريحية، وفعلا دخلت الى داخل المطار بوليس الحدود وكان يوما مشهودا... كمال يحظى باحترام دولي كبير، لجنة احترام الحريات وحقوق الانسان في تونس وقد ترأسها وكشفت كل التجاوزات ويشهّر بها. لذلك كان بن علي يحقد عليه حقدا دفينا...