تطور أسطول النقل بجهة جندوبة في السنوات الأخيرة بشكل كبير خلق معه عديد الصعوبات خاصة المرورية حيث أصبح التنقل داخل المدينة وبعض أحيائها من قبيل المستحيل أما رسو السيارات فهو محفوف أيضا بصعوبات. يشكو المواطن وبخاصة أصحاب السيارات داخل مدينة جندوبة من صعوبة تحصيل مكان لتوقف سيارته لقضاء بعض الشؤون المستعجلة وحتى الترفيه إن كان للترفيه مكان. فالمدينة تكاد تضيق بأهلها وبما يملكونه فيظل السائق يطوف لوقت طويل من أجل تحصيل مكان للتوقف ويضطر في أغلب الأحيان إلى تركها بإحدى الشوارع أو الأنهج البعيدة ويقطع مسافة طويلة ليصل إلى وسط المدينة أين يظل فكره مشتتا بين قضاء شؤونه والخوف مما قد يلحق عربته من مكروه كالخلع والنهب والسرقة وكل ما من شأنه أن يضر بممتلكات الأشخاص. واقع صعوبة الحصول على مكان للتوقف له أوجه عديدة فبقطع النظر عن تزايد عدد السيارات في السنوات الأخيرة و محدودية أماكن التوقف العمومية والخاصة فإن الرصيف الذي في الأصل مخصص لتوقف السيارات أصبح حكرا على أصحاب المحلات وما أكثرها داخل المدينة حين يعمد أصحاب المحلات إلى وضع حواجز حديدية أو قطع بلاستيكية أو سلع على الرصيف أمام محلاتهم لمنع توقف السيارات ناسين أو متناسين أن أصحاب السيارات يدفعون معلوما على الجولان وأن التوقف على الرصيف حق من حقوقهم ولكن لأصحاب المحلات الذين سألت «الشروق» البعض منهم رأي آخر ردا على هذا السلوك غير المبرر و هو أن سيارات التزويد قد تأتي في كل حين فتصعب عملية توقفها وإنزال السلع . وبمراقبة العملية لاحظنا أنها دائمة وعلى مدار اليوم وقلما تأتي سيارات التزويد بما يؤكد أن التعلة واهية ولا علاقة لها بالواقع الذي خلق مع إطلالة كل يوم مشاحنات وشجارات وخصومات لا تنتهي بين أصحاب السيارات وأصحاب المحلات التي تتطور في بعض الأحيان إلى العنف وركن السيارة بالقوة. يبيعون الظل وبالإضافة لصعوبة التوقف على الرصيف للأسباب المذكورة فإن عددا من الشبان آثروا على أنفسهم الوصاية على الشوارع و الأنهج فتقاسموها لتتحول دون موجب حق إلى ملك خاص فيدفع المواطن مكرها مقابلا لتوقفه دون وصل قانوني في ذلك والعملية في مجملها غير قانونية من الأساس لأن المواطن المسكين لا يملك من الرفض لا الحول ولا القوة فيرضى بذلك مكرها .أما البعض الآخر فإنه اختار الأماكن الظليلة لتكون موردا لرزقه فيكون ثمن وقوف السيارة في المكان المشمس: 500 مليم أما المكان الظليل فثمنه دينارفكأن ظلال الأشجار التي جادت بها الأيادي الخيرة تحولت بين عشية وضحاها إلى ملك يباع ويشترى . فهل بعد هذا الابتزاز ؟ والأمر من ذلك أن من يتجرأ على الاعتراض على هذا السلوك يلقى من الويلات ما يلقى ويتحفك «مالك الظل» إن جاد عليك بتبرير بأنه مخول له ذلك ويملك كل الصلاحيات وله ترخيص من البلدية وهذا السلوك يتكرر يوميا أمام المؤسسات الحكومية كالمدارس والإدارات التي لا يسمح في أي حال من الأحوال أن تتحول إلى «باركينغ» مهما كانت سطوة الراغبين أو جاههم ولكن تلك أحكام ما بعد الثورة كما قال أحد المتألمين للحال ل«الشروق». البلدية غائبة هذا الواقع الذي أقلق كثيرا المواطنين داخل المدينة خلق أكثر من سؤال لعل في مقدمتها: أين دور البلدية ولماذا لا تتصدى لهذه الظاهرة التي أصبحت تميز السلوك اليومي لعديد الأشخاص الذين منحوا أنفسهم صلاحيات وأصبحوا يتحكمون في العباد بلا موجب حق .وكذلك أين الرقابة؟ وهل كل الأماكن تصلح لتكون مناطق بلدية لركون السيارات؟ هي أسئلة عديدة طرحها المواطن الذي ضاق ذرعا من مثل هذه الممارسات جاءت لتؤكد أن مصلحة المواطن تبقى آخر شيء خاصة إذا علمنا أنه وحتى داخل المناطق التي خصصتها البلدية لتوقف السيارات وتكتريها لهذا وذاك قلما تتوفر فيها الظروف الأمنية اللازمة فكم من سيارة خلعت أبوابها ونهبت وهي داخل هذه الأماكن...