عبلة سعدات «أم غسان»... عنوان من عناوين محنة فلسطينية طويلة ومريرة... صوتها الحزين... والمشفوع ب«رائحة» فلسطين يبعث فيك الخجل حين يبادرك بالسؤال عن «تونس الثورة» حتى أنك تشعر للوهلة الاولى بأنها امرأة قدّت من معدن آخر... وولدت من رحم «جرح» فلسطيني... غائر...يكفي ان تتحدث الى «أم غسان» زوجة المناضل الذي يقبع في زنانين «الجلاد» الصهيوني حتى تتأكد من صحة المثل القائل بأن «وراء كل رجل عظيم امرأة»... فهذه المرأة تختزل لك بمحنتها، مأساة الأم التي ذاقت مرارة غياب الزوج... وايضا مرارة حمل هموم قضية كبرى... قضية وطن مسلوب، وآلت على نفسها أن تكون قضيتها الاولى... قضية ربطت معها عهدا مع عقد القران بالزوج الذي تزوجت معه القضية... وأبت الا ان تشاركه في كل معاناته... وعذاباته... فنالت «نصيبها الوفير»... من التعذيب والتنكيل المرير... ورابطت مع «رفيق عمرها» بالخندق الاول في «معارك الصمود والنضال»... السيدة عبلة سعدات تفتح صدرها في هذا اللقاء الخاص مع «الشروق»... وفي ما يلي هذا الحوار.بداية، كيف تقبّلت «أم غسان» نبأ عدم ورود اسم زوجك أحمد سعدات ضمن قائمة الأسرى الذين سيفرج عنهم في إطار صفقة التبادل مع اسرائيل؟لا نجادل في أن الصفقة من حيث عدد الأسرى الذين شملتهم تشكّل مكسبا مهما للشعب الفلسطيني كافة لكن يجب ان نعلن صراحة صدمتنا واستياءنا من بقاء 6 آلاف أسير فلسطيني في سجون الاحتلال.. طبعا هناك فرح للافراج عن 1027 أسيرا.. هذا عدد مهم ما في ذلك شك ولكن هناك أيضا غصّة بسبب الاسماء التي بقيت في الأسر.. ومن بين هذه الاسماء هناك قيادات كبيرة على غرار المناضلين احمد سعدات ومروان البرغوثي.ما الذي يعنيه بالنسبة اليك تزامن هذه الصفقة مع الاضراب الذي يخوضه أسرى الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، منذ أكثر من أسبوعين؟حقيقة، تزامن الصفقة مع الاضراب الذي يخوضه الأسرى لفت انتباه الناس اذ لا يمكن لأسير أن يفرح بإطلاق سراحه فيما الأسير الذي بجانبه مضرب عن الطعام من اجل قضية الأسرى... فقضية الأسرى هي قضية واحدة... والمضربون هم في الغالب من الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين ولكن هؤلاء يناضلون من اجل قضية كل الأسرى ومن أجل الغاء العزل الانفرادي ومن أجل استعادة كرامة الانسان الفلسطيني... هذه قضايا مهمة لكل أسير فلسطيني معتقل في السجون الصهيونية...ماذا عن وضعية المناضل أحمد سعدات بعد مرور 5 سنوات على اعتقاله وكيف هي معنوياته في ضوء ما يحدث على الساحة الفلسطينية؟هو لا يقوى على التكلم وحتى استيعابه لكلام المتلقّي يبدو صعبا نوعا ما وقبل أربعة أيام كان وضعه صعبا... حتى أنه أغمي عليه... وهو لم يتمكن حتى من تلقي العلاج.. وطبعا هذه صورة لأحمد سعدات ولكل الأسرى المضربين... فكل هؤلاء الأسرى وضعهم صعب جدا... لكن الشيء المهم أن أحمد سعدات تمكن من خلال الاضراب من إعادة قضية الأسرى من جديد على الطاولة... وقال إنه لن يستسلم حتى تتحقق كل مطالب الأسرى وينتهي العزل الانفرادي المفروض عليهم ويتمكنوا من زيارة الأهل... وهو مصمّم على خوض «معركة الامعاء الخاوية» والاستمرار في نضاله هذا الى نهايته.كيف تقيمين أداء السلطة الفلسطينية بخصوص ملف الاسرى... وهل لمستم منها تجاوبا مع مطالبكم حول هذه القضية؟بالتأكيد لا أخفي أنني غير مرتاحة أنا ولا أي أسير آخر مرتاح لموقف السلطة الفلسطينية حيال قضية الاسرى وخاصة حيال قضية الاضراب... نعم كنا نتمنّى على السلطة أن تتحرّك وتدافع عن هذه القضية مثلما فعلت ذلك حيال موضوع الدولة الفلسطينية...فقضية الاسرى هي حلقة رئيسية في معركة الدولة الفلسطينية... اليوم الاضراب يدخل يومه الثامن عشر ولكن الى حد اليوم لم نسمع ولم نر موقفا للسلطة الفلسطينية يعكس اهتمامها الكبير بهذه القضية... المشكلة أن السلطة لا هي مشجعة ولا هي قابلة حتى للفعاليات التي يتم تنظيمها من أجل تفعيل قضية الاسرى... هم يقولون إنهم على استعداد للدفاع عن الأسرى ولكن للاسف لا يوجد أي صدى لهذه القضية... ولا يزال هؤلاء الاسرى يواجهون العزل الانفرادي... ويقبعون في ما نسميها «قبور أحياء».الى أي مدى نجحت الحملة التي تقودونها من أجل الاسرى في تحقيق اختراق في الموقف الاسرائيلي المتصلّب؟الجانب الاسرائيلي لا يزال متعنّتا ومتعجرفا ويرفض التعاون مع أي طلب... نحن نطالب اليوم بدعم اعلامي عربي يضغط على الاسرائيليين حتى يوقفوا انتهاكاتهم واعتداءاتهم اليومية ضد الاسرى... نعم مازال هذا الدعم لم يرق بعد الى حجم تطلعاتنا كشعب فلسطيني يتوق الى الحريّة ويأمل أن يساعده إخوته العرب وأحرار العالم من أجل تحقيق ذلك والانعتاق من نير الاحتلال.هل تتوقعين أن يتم الافراج قريبا عن زوجك؟بصراحة لا أتوقّع ذلك...لماذا أنت متشائمة الى هذا الحد؟لا أنا لست متشائمة... أنا واقعية لأنه كان فعلا يساورني أمل في أن يتم الافراج عن زوجي في صفقة شاليط ولكن ها هو هذا الامل يتبخّر... لقد كانت «حماس» تؤكّد لي طول الوقت بأن أي صفقة مع الاحتلال حول الأسرى سيكون أحمد سعدات ومروان البرغوثي على رأسها ولكن ها أن هذا الامر لم يتحقّق... وبالتالي أرى أنه يجب ان يكون هناك حدث كبير حتى يخرج زوجي ومروان البرغوثي وبقية الأسرى الآخرين وما عدا ذلك فإنني لا أستبعد أن يواصل هؤلاء الاسرى فترة محكوميتهم التي أقرّها الاحتلال.