أخيرا حل يوم 23 أكتوبر الذي انتظره التونسيون ليكتبوا صفحة جديدة من تاريخهم، صفحة هي غير الصفحات التي مضت وطوتها الأيام والسنوات... اليوم «تونس تنتخب» ولا شيء سيشغل التونسيين عن فعل الانتخاب واختيار من سيكونون مؤتمنين على مستقبلها... تونس تنتخب ويحق لها الفخر بذلك لأنها لم تعرف إلى الانتخابات سبيلا قبل اليوم ولأن استكمال مسار الثورة لن يكون ذا معنى ما لم يقل الشعب كلمته ويمارس حقه الذي انتظره طويلا. اليوم يتوجه ملايين التونسيين إلى مكاتب الاقتراع حاملين وطنهم في أكفهم وحالمين بوطنهم الذي كان رهينة لدى الدكتاتورية وقد حان الوقت لاستكمال تحريره من قيود القمع والاستبداد والظلم ولتحرير الصفحة الناصعة التي ينبغي أن تعلن ميلاد تونسالجديدة... تونس التي نريد. على امتداد ثلاثة أسابيع تحركت الأحزاب وصال المترشحون وجالوا في مشارق تونس ومغاربها، في شمالها وجنوبها، في مدنها وقراها وأريافها حاملين الوعود وآملين في تحقيق نصر موعود... وعلى امتداد هذه الفترة تحركت أيضا المواقع الاجتماعية وبدأت الحروب الكلامية وتحولت الدعاية إلى ادّعاء وحصلت التجاوزات واحتدت التجاذبات ولكن كل ذلك سيكون مقبولا إذا قبل الجميع في النهاية بأحكام اللعبة الديمقراطية، فنحن إزاء تجربة هي الأولى من نوعها في مجال الانتخابات التأسيسية بما يعنيه ذلك من ترسيخ ثقافة الديمقراطية التشاركية وقبول الآخر والحوار والمصالحة. اليوم سيخرج الجميع فائزا إذا قبل كل طرف بما جادت به عليه الصناديق من أصوات وبما غنمه خصومه من مقاعد... واليوم يكتمل عرس الديمقراطية إذا جرت الانتخابات في ظروف تؤهلها لأن تكون كذلك وإذا ما التزم الجميع بما عاهدوا الناس عليه من عمل من أجل تونس قبل أي شيء. ولئن كانت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات قد بعثت برسائل مطمئنة في هذا الاتجاه فإن بقية مكونات المشهد السياسي والإعلامي تأخذ على عاتقها مسؤولية إتمام المهمة على أكمل وجه. و«الشروق» التي رافقت قراءها على امتداد الأسابيع الثلاثة المواكبة للحملة الانتخابية من خلال هذا الملحق الخاص سخرت طاقاتها من صحفيين ومراسلين في الجهات وتقنيين من أجل المساهمة في هذا الجهد الوطني ونالت في ذلك شهادات استحسان ستعمل على استكمال المهمة والإسهام في الانتقال الديمقراطي والمضي بتونس إلى بر الأمان.