عمليات حرق وإتلاف و فوضى عارمة شهدتها امس ولاية سيدي بوزيد بعد أن احتشد آلاف المتظاهرين على مستوى الشارع الرئيسي للمدينة وفي انهج متفرقة منها احتجاجا على ما ورد من تصريحات في بعض المنابر الحوارية التلفزية التي رأوا فيها استخفافا وتهكما ومساسا بمشاعر أهالي سيدي بوزيد وزاد في حدتها ما تضمنته نتائج انتخابات المجلس الوطني التأسيسي من إسقاط لست قوائم للعريضة الشعبية. وقد تضررت من هذه الأحداث التي انطلقت منذ الخميس كل من المقر الإعلامي لحركة النهضة الذي احترق كليا بالإضافة إلى مقر البلدية والمحكمة الابتدائية التي التهمت النيران جانبا كبيرا منه عجز رجال الحماية المدنية عن السيطرة عليه و بعد هدوء نسبي تزامن مع الساعات الأولى من يوم امس عادت الأحداث لتتسارع من جديد وبأكثر حدة وسط ذهول كبير من الجموع الهائلة التي توافدت على الشارع الرئيسي وتحديدا أمام المؤسسات المتضررة التي أتت النيران على الأخضر واليابس منها بعد ان تناثرت جميع محتوياتها من معدات وتجهيزات ووثائق وملفات لتغطي سحب الدخان سماء المدينة و تطور الأمر بتوافد مسيرات تلمذية سلمية من مختلف المؤسسات التربوية بالمدينة مرددة شعارات تندد باهانة أهالي الجهة من بعض الأطراف السياسية على غرار «الجبالي يا جبان البوزيدي لا يهان» و«بالروح بالدم نفديك يا بوزيد» و غيرها . ليكتمل المشهد بمحاولة اقتحام مقر الولاية والمقر الجهوي للاتحاد العام التونسي للشغل و حرق منطقة الحرس الوطني بعد انسحاب كل من كان بداخلها وحرق العديد من السيارات الإدارية منها و الخاصة رغم تواجد عناصر الجيش الوطني الذي حاول حماية بعض المؤسسات وتفريق المتظاهرين بإلقاء القنابل المسيلة للدموع التي زادت في غليان الشارع الذي تعالت أصواته لتطغى على صوت المروحية التي كانت تطوف بسماء المدينة . الحركة امس في سيدي بوزيد لم تكن عادية.. حيرة.. بهتة.. تنقلات مشوبة بالحذر.. البعض مستاء..البعض يندد..البعض متعاطف والأغلبية تتساءل ما الذي يجري ومن وراء تلك الأحداث التي لم تشهدها ولاية سيدي بوزيد حتى إبان الثورة التي قام فيها أهالي سيدي بوزيد بحماية جميع المؤسسات والممتلكات الخاصة منها و العامة على عكس ما شهدته مناطق أخرى من البلاد من أعمال عنف و تخريب. محاولة منا استجلاء حقيقة ما يحدث بدت الآراء والانطباعات متباينة و متضاربة بين من رأى في ذلك إن أيادي خفية تجمعية هي من قامت بنسج خيوط ما يجري ومن حمل المسؤولية لكل من كمال الجندوبي و حمادي الجبالي والهاشمي الحامدي ومنهم من ربط المسألة بتصريحات فرحات الراجحي ليؤكد آخرون ان ما يجري هو دفاع شرعي عن حق الجهة واستحقاقاتها مذكرين جميعا بعبارة الجبالي «أنا ما نحكيش معاه» ووصفهم بالجياع والجهلة من قبل اطراف اخرى مبينين ان ما تزخر به ولاية سيدي بوزيد من كفاءات و اطارات واصحاب شهائد عليا معطلين عن العمل لا يجيز لاي عاقل وصفها بمثل تلك الصفات . وعلى اثر محاولة بعض المحتجين اقتحام مقر الهيئة الفرعية المستقلة للانتخابات بسيدي بوزيد التي اعتبروها مسؤولة عن اسقاط قائمات العريضة ، أصدرت الهيئة الفرعية بالجهة بيانا تحصلت الشروق على نسخة منه جاء فيه مايلي ‘‘ تبعا للأحداث التي جدت منذ الليلة الفاصلة بين الخميس والجمعة 28-10- 2011 بولاية سيدي بوزيد ردا على القرار الصادر عن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بإسقاط قائمة العريضة الشعبية من مجموع القائمات الفائزة في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي. تعلن الهيئة الفرعية للانتخابات بسيدي بوزيد انها تولت القيام بالمهام الموكولة لها بموجب المرسوم المنظم للانتخابات في كامل الشفافية والنزاهة وبكامل الحياد وتولت الاعلان عن الحصيلة الاولية بكل مصداقية وتم تعليقها بمقر الهيئة وارسالها على حالتها تلك الى الهيئة المركزية. كما تعلم الهيئة الفرعية بسيدي بوزيد ان مسألة توزيع المقاعد و اجراء الحساب في هذا المجال او اسقاط اي قائمة هي من اختصاص الهيئة المركزية عملا باحكام الفصل 70 من المرسوم عدد 35 لسنة 2011 وبذلك فان الهيئة تؤكد عدم مشاركتها لا من قريب ولا من بعيد في خصوص القرار موضوع الاحتجاج. هذا و تتواصل التحركات الاحتجاجية التي طالت كل من معتمديات منزل بوزيان وسوق الجديد وبنعون والمكناسي والرقاب بعد أن تعطلت فيها الدراسة واغلقت فيها بعض المؤسسات.