«الشروق» استطلعت آراء بعض المواطنين عشية الاحتفال بالذكرى الأولى لثورة 14 جانفي وكانت البداية مع الاستاذة المحامية هاجر قوادر التي أشارت الى أنها تشعر بفرحة واعتزاز كبير في هذه المرحلة تجعلانها كأنها تعيش لذة حلم مضيفة أن ثورة 14 جانفي حدث تاريخي مهم يقترب من المعجزة الحقيقية التي صنعت نقلة نوعية في بلادنا كانت تستهدف بالأساس تخليص تونس من منظومة الفساد وهو ما خول لنا حسب الاستاذة هاجر معرفة حقيقة واقعنا الاقتصادي والتنموي الذي لم يكن في أفضل صورة كما كان يسوق في الاعلام الرسمي الموجه وتضيف محدثتنا أنها تفضل الاستناد الى قاعدة «درء المفاسد أولى من جلب المنافع» وذلك في سياق تقييم مسار الثورة وانعكاساتها على الواقع المجتمعي موضحة ان الثورة لا تحقق أهدافها في يوم أو يومين بل ان ذلك حسب رأيها يتطلب سنوات حتى نستطيع ان نقيم ثمارها في المجالات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والفكرية وعلى هذا الأساس ترى الاستاذة هاجر قوادر أنه لا يمكن ان نجعل سقفا زمنيا لتحقيق أهداف الثورة مؤكدة ان عمق مشاكلنا وتنوع مشاغلنا وطموحاتنا لا يمكن ان يكونا مبررا لارباك الثورة وهي في خطواتها الأولى، وبمناسبة الاحتفال بالذكرى الأولى للثورة تمنت الاستاذة هاجر أن يقوم المواطنون عامة والنخب السياسية خاصة بمراجعة النفس وذلك من منطلق ما لاحظته من أن الضغط الذي مورس على المجتمع قبل 14 جانفي أصبح يمارسه المواطن بعد الثورة على السلطة متناسيا أن السلطة قد تغيرت وأصبحت نتاج الارادة الشعبية وانتهت الاستاذة هاجر الى أنه على مسافة سنة من الثورة تأمل في حصول تغييرات مهمة وثابتة تنطلق من الجانب الفكري لتطال مختلف مجالات الحياة المجتمعية، أما الاستاذ علي ونيس (متحصل على ماجستير في التاريخ) فقد ركز مقاربته في تقييم السنة الأولى من الثورة على الادارة والأمن اللذين يعتبرهما الى الآن دون المأمول في مستوى الأداء وهو ما جعل حالة من الفوضى تستشري في عديد مفاصل الدولة الاستاذة علي ونيس يشير الى أن هذا الوضع المتواصل عشية الاحتفال بذكرى الثورة يكاد يعطل لديه «أسباب التفاؤل» رابطا كل ذلك ببعض الافرازات السلبية لما بعد الثورة ومنها خصوصا انتشار لغة الانانية والاستغلال والبناء الفوضوي وبروز «أثرياء الثورة» والانتهازيين في كل مكان وموقع وأضاف محدثنا أنه من الضروري اليوم معالجة هشاشة الادارة وغياب سلطة القانون والتسلح بثقافة وطنية حقيقية تعيد الى القيم مكانتها واستشهد الاستاذ ونيس في هذا السياق بقولة فرويد «في غياب الثقافة استوليتم على كل امرأة تروق لكم واختلستم من الآخر وقتلتم منافسيكم» معبرا عن استيائه من أن يصبح «المنطق» الذي هو من عصارة الفكر كأنه نوع من الجهل لدى شريحة واسعة من المجتمع ولعل هذا ما جعل الناس يفتقدون الاطمئنان ويعيشون حالة من الارتباك في حياتهم اليومية. ومن منطلق تجربة خاصة له أبرز الاستاذ علي ونيس ان سطوة الشارع على الادارة والدولة هدد مشاريع وعصف بطموحات لأصحابها من المعرفة والامكانات ما يؤهلهم للتأسيس والبناء والاضافة معبرا عن أمله في ان يكون الاحتفال بذكرى الثورة مقدمة لاستعادة الدولة هيبتها والمجتمع استقراره لأن ذلك هو الطريق الأمثل لاستكمال أهداف الثورة التي ينتظرها الجميع وخاصة في بعدها الاجتماعي وهو البعد الذي يراه الشاب عثمان شوية (عضو اتحاد أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل بقفصة) غير متحقق فالشعب الكريم لم يدرك أهدافه الاجتماعية والاقتصادية منها التوزيع العادل للثروة وتكريس العدالة الاجتماعية ولم ينف محدثنا ان مكاسب مهمة تحققت في المشهد السياسي لكنها لم تلامس انشغالات وهواجس الطبقات الشعبية الشاب عثمان شوية اضاف من جهة أخرى ان أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل الذين ساندوا الانتقال الديمقراطي ودعموا المسارات الاصلاحية يتطلعون في الذكرى الأولى لثورة 14 جانفي ليكونوا طرفا مفاوضا وشريكا في التنمية له مجموعة من المطالب والاستحقاقات على طريق تحقيق أهداف الثورة، وفي سياق الحديث عن أولويات المرحلة الحالية شدد عثمان شوية على أهمية المحاسبة ومواجهة شبكة الولاءات البيروقراطية التي تمسك بملف الانتدابات في الوظيفة العمومية وتتمعش منها بالرشوة والمحسوبية مضيفا ان مسار تحقيق أهداف الثورة يمر ايضا عبر معالجة جدية لهذا الملف وهو أحد التحديات المطروحة على الحكومة الحالية. السيد عبد القادر البرني (منسق حملة الألف متطوع بقفصة) أشار في حديثه الينا الى أن الاحتفال بالذكرى الأولى لثورة 14 جانفي حدث مهم في حياة البلاد لكن المؤسف حسب رأيه ان هذه الثورة التي صنعها البسطاء تهافت على استغلالها الانانيون والانتهازيون الذين اغرقوا البلاد بالمطلبية المجحفة وعطلوا حركة الانتاج وساهموا في ارتفاع الأسعار وانتشار الاحتكار والاضرار بالمقدرة الشرائية للمواطن، ان المشكل الحقيقي حسب السيد عبد القادر البرني هو كيف نستعيد قيمة المواطنة الحقيقية والوطنية الصادقة والثورة في سنتها الأولى حتى نتقدم في اتجاه انجاز استحقاقات الثورة وخاصة منها الاجتماعية التي تؤمن للمواطن العيش الكريم! أما الطالبة اسلام النفيطي من المعهد التحضيري فقد عبرت عن ابتهاجها بالاحتفال بذكرى الثورة مثمنة ما تعيشه وزملاؤها في المعهد وغيرهم من أجواء متميزة بحرية التعبير في اشارة الى مطالبهم ومشاغلهم دون خوف لكنها أكدت ان هاجسها الحقيقي بعد سنة من الثورة هو الانخرام الأمني الذي أثر على حياتها الجامعية وتنقلها كغيرها من الطلبة مطالبة بعودة الاستقرار الأمني وهو ما أكدت عليه زميلتها سلوى شكشوك التي دعت أيضا الى معالجة أوضاع المبيتات والمطاعم الجامعية والكليات جاعلة محاسبة الفساد والمفسدين أولوية مهمة في هذه المرحلة.