جميل أن يتطارح العرب اليوم، حول مسار ومصير البلاد العربية التي تنادى أبناؤها من أجل الثورة على الاستبداد والظلم والهيمنة الاستعمارية. وجميل أن يؤازر العرب شعوبا ومؤسسات وأحزابا مناضلة، إخوانهم الذين لم يستكملوا ثوراتهم بعد... ولكن الأجمل من هذا وذاك، أن يكون العقل العربي متحفّزا لكي لا ينسى مهمة أساسية وهدفا نبيلا لكل الثورات العربية وهو محاسبة الجريمة الاستعمارية... إنّ الحديث عن الديمقراطية كمطلب أساسي، للجماهير العربية الثائرة من المغرب إلى المشرق، لا يستقيم إلاّ متى بدأ العمل على محاسبة الجريمة الاستعمارية. اليوم، وحتى لا ننسى هي الذكرى الواحدة والعشرين التي تمر على جريمة ملجإ العامرية ببغداد على أيدي القوات الغربية المتحالفة بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية. هي مجزرة ترتقي إلى مستوى المحرقة وليست غريبة كعمل همجي ودموي على أي استعمار عرفته الإنسانية. ملجأ العامرية في أوج الحرب الثلاثينية على العراق عرف مجزرة فظيعة وشنيعة، لأن صواريخ الأمريكان دكّت أطفالا وشيوخا ونساء تحت تعلّة لا أحد قادر على تصديقها... اليوم، والشعب العربي يتوق الى الانعتاق، والى أن يصافح الربيع فعلا، وليس الطريقة التي تروج لها بعض الرجعيات العربية المرتبطة بقوى الاستعمار، عليه ان يتذكر أن للقوى الاستعمارية دينا عليها تسديده للشعب العربي. ملجأ العامرية، هو عنوان من العناوين العربية التي لا يجب ان ننساها عبر التاريخ... ولكي نصبح دولا ندية لدول العالم مهما كان حجمها، علينا كعرب أن نؤكد الدعوة لمحاسبة الجريمة الاستعمارية، في تازركة تونس وسطيف الجزائر ودير ياسين فلسطين والعامرية العراق... كلها مدن عرفت الجريمة الاستعمارية ولا تزال موثقة، واذا توصلنا كعرب ثائرين الى اتمام هذه المهمة سوف نضمن مكانا تحت الشمس، وسيكون الربيع عربيا، لا بعيون أعداء العرب والأمة كما يروج له اليوم. العرب الرسميون، الذين تجالسوا وتجالسوا بمقر الجامعة العربية، من أجل «حل» في سوريا نجزم أنه لن يأتي، نجدهم يترددون، في بسط حل متكامل لأنهم كعرب رسميين لا يقدرون على إنتاج حل متكامل معروفة بدايته ومعروفة نهايته... وهنا تكمن المفارقة، فالديمقراطية، ليست مطلبا هلاميا، بل هي أجندة ومسار، تنبع من الشعب وإليه تسير.