تقع مدينة دقة من معتمدية تبرسق على جبل يتجاوز ارتفاعه 500م ويرتكز اقتصادها على الفلاحة باعتبارها تشتمل على العديد من الضيعات الفلاحية وآلاف الهكتارات من الأراضي الدولية التي تستغل في الزراعات الكبرى. ظلّت مدينة دقة واحدة من أكبر المواقع الأثرية في العالم و يشهد على ذلك المسرح الأثري الذي يتّسع لأكثر من 3000 متفرّج. تعيش اليوم مدينة دقة التهميش ، فتفشت فيها ظاهرة البطالة والفقر كما يفتقد سكانها الذين يتجاوز عددهم 5000 نسمة لأبسط المرافق الحياتية. السؤال الذي يطرح نفسه ، ما هي أهم الدوافع التي حالت دون النهوض بالمستوى المعيشي للسكان ودون الرفع من مستوى التنمية بالجهة رغم توفر كافة الظروف الملائمة لذلك؟ للإجابة عن كل هذه التساؤلات التقت الشروق فئة من أهالي «دقة» من مختلف الأعمار والمستويات للبحث عن أهم شواغل المواطنين والمقترحات للنهوض بالجهة على جميع المستويات. إعادة الاعتبار للفلاحة تعتبر الفلاحة في دقة من أهم الركائز الاقتصادية في الجهة، فقد كانت تشتمل على العديد من الضيعات الفلاحية تعمل في شكل تعاضديات وكانت تشغل المئات من اليد العاملة مثل شركة الإحياء والتنمية الفلاحية «خلاد». السيد «الفاضل الدقي» أحد أبناء المنطقة صرح بأن هذه الشركة كانت تشغل أكثر من 40 عاملا وقد تقلص هذا العدد إلى 12 بعد أن تم التفويت فيها إلى مستثمرين خواص على وجه الكراء بالدينار الرمزي والحال نفسه بالنسبة الى بقية الضيعات الأخرى فجل المستثمرين لم يستوفوا ما جاء في كراس الشروط والسلط لم تتدخل لتطبيق القوانين ويقترح محدثنا إعادة النظر في كيفية إسناد هذه الأراضي إلى مستثمرين جدد وبشروط تعود بالنفع على أصحابها وعلى سكان الجهة أو العمل على تقسيمها وتوزيعها على من يستحقها من أهالي المنطقة. أشغال الحفريات أفادنا محدثنا السيد فيصل الوسلاتي العامل بحضيرة الآثار بدقة بأن موقع دقة الأثري الممتد على مساحة شاسعة فوق هضبة ارتفاعها 600 مترا يعد من أهم وأجمل المواقع الأثرية في شمال إفريقيا ولذلك من الواجب إعطاؤه أهمية قصوى لابتكار شيء طريف يشجع على خلق زائرين قارين للموقع علما وأن منظمة اليونسكو قد ضمته إلى قائمة التراث العالمي الواجب حفظه وكان ذلك في سنة 1997 ويضيف السيد فيصل بأن أشغال الحفريات متوقفة الآن رغم وجود أكثر من 40 هكتارا «كنوزا» أثرية مطمورة تحت الأرض ويقترح الشروع في إنجاز هذه الأشغال في أسرع الأوقات حتى نعطي أكثر قيمة للمعلم ونشغل نسبة هامة من اليد العاملة ، أما السيد الطيب بالحاج معلم بمدرسة دقة والمدير الحالي لمهرجان دقة الصيفي يصرح بأن المشكل الأساسي المتسبب في تراجع نسق التنمية بالجهة خاصة في الميدان الثقافي هو الفساد المالي ويضيف محدثنا بأن اليونسكو قد رصدت اعتمادا للمعلم الأثري بدقة قدره 4 مليارات من المليمات ولكن كل هذه الأموال ذهبت سدى دون فوائد تذكر وذلك بسبب سوء التصرف المالي والإداري للمسؤولين السابقين عن المعلم الأثري ويأمل السيد الطيب بالحاج الإبقاء هذه السنة على نفس الأشخاص المكونين لهيئة المهرجان الصيفي بعد الثورة اعتبارا لما حققوه من نجاح على مستوى التسيير الإداري والمالي كما يقترح بعث متحف بالمنطقة الأثرية بدقة. مستشفى محلي يفتخر كافة سكان دقة بالإنجاز الهام الذي قام به أحد أبناء مدينتهم وهو رجل الأعمال السيد الهادي بالطاهر ويتمثل الإنجاز في بناء مستشفى محلي بمدينة دقة ذي تصميم عصري. يقول الشاب الشاذلي المدوري: «إن ما يؤسفنا هو عدم مبالاة وزارة الصحة بهذا المشروع وسوء استغلال هذه البناية منذ أن شيدت من قبل فاعل الخير «ابن دقة» ، ولم يحسن توظيفها فتم الاقتصار على تحويل مقر مركز الرعاية الصحية الأساسية القديم إلى البناية الجديدة حيث يزوره الطبيب العام مرتين في الأسبوع يومي الثلاثاء والخميس فقط. ويقترح أهالي دقة تفعيل دور هذا المرفق وبعث طب الاختصاص مثل طب الأسنان وقسم التوليد علما وأن البناية تحتل موقعا هاما فهي تتواجد على الطريق الرئيسية التي تربط مدينة دقة بباقي مدن الشمال الغربي والحدود الجزائرية حيث تكثر حوادث الطرقات لذلك بات من الضروري بعث قسم للاستعجالي وللحوادث أما السيد الناصر بالعربي فهو يرى أن سوء التصرف الإداري هو المتسبب في سوء استغلال هذا الفضاء الرائع فقد أكد أنه تم إشعار عديد المرات الإدارة الجهوية للصحة بباجة لحسن توظيف البناية لكن دون جدوى فالإجابة كانت دائما ارتجالية و غير مقنعة بتعلة أن البناية غير وظيفية لذلك يطلب أهالي دقة من وزارة الإشراف بعث فريق فني لدراسة المشروع بجدية وينتقد محدثنا بعض برامج التوسيعات في مجال الصحة بالجهة مثل بناء فضاء صيدلية بمستشفى تبرسق والحال أن هذه المدينة لا تبعد عن مدينة دقة سوى 8 كم ويقترح العمل على توزيع الاختصاصات العلاجية بين المدينتين المتجاورتين واستغلال مبيت مستشفى دقة وترسيخ مبدأ اللامركزية وبذلك يتم إحداث حركية كبرى وديناميكية بين المدينتين تتمثل في تبادل الزيارات لقضاء بعض الشؤون فتنشط التجارة والنقل وتعم الفائدة على الجميع.