كوخ يرتفع عن مستوى الارض بأقل من مترين تشد أركانه اعمدة متماسكة بحول الله وقدرته.. لما تدخل كوخ العم قويدر الشرعبي لا بد لك من الانحناء كانحناء هذه العائلة للخصاصة والفقر كما لا يمكنك ان تنتصب واقفا داخله. غير بعيد عن مدينة قرنبالية تتراءى لك قرية بني عياش الجبلية وعلى أطرافها تعيش عديد العائلات حياة بدائية مثل عائلة العم قويدر الشرعبي التي زارتها «الشروق» لتنقل معاناتها. وسط كوخ هذه العائلة ينام العم «قويدر» الشيخ الضرير على شبه فراش منذ سنوات صيفا وشتاء تصاحبه زوجته «منى» التي تقدمت في السن وابنهما محمد الذي تجاوز الاربعين. يقول العم قويدر: «منذ سنين ونحن على هذه الحالة وليس لنا مورد رزق سوى منحة شهرية قدرها 70 دينارا لا تكفي غذاء ودواء. لقد زارنا ذات سنة معتمد الجهة ومكننا من بعض الافرشة وقطعة ارض لسنا في حاجة اليها ما دمنا لا نجد ما نقتاته فكيف لنا ان نبني بيتا؟ دعتنا الخالة منى الى الولوج داخل كوخ وهو لا يزيد شيئا عن كوخ الوالد الا بما يعانيه الابن فهو متزوج وله ابنتان احداهما انقطعت عن مزاولة الدراسة مكرهة في عمر الزهور في حين لا تزال الاخرى تدرس وهي من المتميزات. تقول الخالة منى: «وضعنا على ما ترون، ورغم علم المسؤولين المحليين والجهويين بذلك فاننا لم نجد من ينظر الينا بعين الرحمة وينتشلنا من براثن الفقر ولو في ما تبقى من أعمارنا». دخلنا غرفة الابن وهي عبارة عن اشياء هنا وهناك قطع من القماش القديم والمفروشات المهترئة الممزقة يزينها ما يشبه التلفاز الذي يربط أفراد هذه العائلة بالمحيط الخارجي. هذا الابن يلهث يوميا وراء عمل يكفيه عناء الطلب. الى جانب غرفتي الاب والابن دعتنا الخالة منى الى الولوج داخل ركن ثالث بمثابة المطبخ فازدادت صدمتنا لما رأيناه وعايناه من بقايا أوعية وماعون مرت عليها السنون. ونحن نستعد للمغادرة أصرت الجدة «منى» على اظهار ما تحمله الاكواخ فوقها من اتربة وحشائش حتى أضحت شبيهة بمرتع للخرفان. نظرت الجدة اليها وقالت.. هذه حالنا ننتظر رحمة من السماء علها تسخر من ينقذنا ويلتفت الى مشاكلنا خاصة ونحن نرنو الى محل يقينا برد الشتاء وحر الصيف.