تجاهل الرئيس الأمريكي جورج بوش في خطابه حول حالة الاتحاد قضية الصراع العربي-الإسرائيلي، مركزا على الحرب التي يواصل شنها على العراق وعلى ما أسماه «الإرهاب» مؤكدا على أن حكومته مستعدة للقيام بعمليات عسكرية خارج أراضيها ضد من تعتبرهم أعداءها دون الحصول على تفويض دولي، حيث قال «إن أمريكا لن تسعى قط للحصول على إذن للدفاع عن أمن شعبنا.» مما أثار ردود فعل من خصومه الديمقراطيين الذين سارعوا في توجيه الانتقاد الشدد له بهذا الشأن حيث قالت زعيمة الأقلية الديمقراطية في مجلس النواب الأمريكي نانسي بيلوسي أنه «بدلا من فض الانخراط الدبلوماسي الذي قوض عملية سلام الشرق الأوسط وتضخيم الخطر الذي تشكله كوريا الشمالية، دعنا نسعى إلى تعزيز اتفاقات وتحالفات يمكننا معا ومع آخرين من تناول التحديات قبل أن تهدد أمن العالم.» وأدانت بيلوسي خطط بوش وقالت «إن الرئيس قادنا إلى خوض حرب على العراق على أساس تأكيدات لا يراهن عليها، وطور مبادئ متشددة حول حرب استباقية لا سابق لها في تاريخنا، وفشل في تشكيل تحالف حقيقي.» حملة انتخابية وكان بوش قد استغل المناسبة السنوية لخطاب حالة الاتحاد يوم الثلاثاء، لطرح برنامج حملته لانتخابات الرئاسة الأمريكية حيث دافع في خطابه الذي بثته كافة شبكات التلفزة الأمريكية قراره في غزو واحتلال العراق مضخما خطر ما يسميه «الإرهاب» محذرا الأمريكيين بأن بلادهم لا تزال عرضة للهجمات الإرهابية حيث قال أنه رغم أن الولاياتالمتحدة لم تشهد منذ 28 شهرا أي هجمات إرهابية إلا أنه «من الخطإ الاعتقاد بأن خطر الإرهاب قد أصبح بعيدا وراءنا. إن هذا الأمل يمكن تفهمه، فهو يدعو إلى الارتياح، لكنه كاذب» مضيفا بأن «الإرهابيبن ما زالوا يتآمرون على أمريكا والعالم المتحضر. لكننا بإرادتنا وإقدامنا سنهزم هذا الخطر». ودعا بوش في خطابه الذي ألقاه أمام جلسة مشتركة لمجلسي الكونغرس (النواب والشيوخ)، إلى دعمه والوقوف معه وهو يجابه الإرهاب، والعراق والمشاكل الاقتصادية، مستعيرا في ذلك قول الرئيس الأمريكي الأسبق أبراهام لنكولن في خطابه له أثناء الحرب الأهلية الأمريكية الذي دعا فيه الشعب الأمريكي إلى تجنب «تبديل خيولهم في وسط المعركة». وقال «لقد واجهنا معا تحديات كبرى، وها نحن الآن نواجه الخيار، فإما أن نمضي ونتقدم معا بثقة وعزم أو نتراجع أمام الوهم الخطر بأن الإرهابيين لا يتآمرون علينا وأن الأنظمة المارقة لا تشكل خطرا علينا.» وأضاف «نحن لم نصل إلى هذا المدى عبر المأساة والتجربة والحرب لكي نتردد ونتراجع دون أن نكمل عملنا». وحث بوش الكونغرس على تجديد العمل بقانون الوطنية المثير للجدل الذي ينتهي العمل به في شهر أكتوبر من العام المقبل، ويلقى هذا القانون الذي تستند إليه حكومة بوش في مكافحة الإرهاب، انتقادات واسعة من أعضاء في الكونغرس والمنظمات المدافعة عن الحقوق المدنية والدستورية، التي تعتبر تطبيقه قد حول الولاياتالمتحدة إلى دولة بوليسية بتوسيعه صلاحيات وسلطات أجهزة الأمن الأمريكية، غير أن بوش وصف القانون بأنه أداة حيوية لتطبيق القانون. تحديات عراقية وقد اعترف بوش بالتحدي الذي يواجهه في العراق، حيث تتعرض قوات الاحتلال الأمريكية إلى هجمات المقاومة العراقية التي أسفرت باعتراف واشنطن عن مقتل أكثر من 500 جندي أمريكي، وجرح الآلاف وتدمير العشرات من الآليات العسكرية والطائرات. وقد عزا بوش هذه العمليات إلى بقايا نظام الرئيس العراقي المعتقل صدام حسين وقال بأنهم مع المقاتلين «الأجانب» «يشكلون خطرا حقيقيا... ونحن نتعامل مع هؤلاء المجرمين بنفس الأسلوب الذي اتبعناه مع نظام صدام حسين». وفي محاولته الرد على منتقديه الذين شككوا في دوافع بوش لشن الحرب على العراق رغم فشله في إثبات امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل، وفشله في الحصول على دعم دولي قال بوش «غالبا ما تأتي الاعتراضات على الحرب من دوافع مبدئية، ولكن دعونا نكون صريحين بشأن تبعات ترك صدام حسين في السلطة... ولو أننا تخلفنا عن التدخل، لكانت برامج الديكتاتور المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل لا تزال مستمرة حتى هذا اليوم... ولكانت قرارات مجلس الأمن حول العراق قد ظهرت على أنها تهديدات جوفاء تضعف الأممالمتحدة وتشجع التحدي من قبل الديكتاتوريين حول العالم.» وأضاف بأن «هذا الانتقاد بالذات يصعب تفسيره لشركائنا في بريطانيا، أستراليا، واليابان وكوريا الجنوبية وثلاثين دولة أخرى، عرضت تقديم المساعدة في العراق.» وقال بوش بأن المقاومة العراقية لن تحول دون نقل السلطة للعراقيين، وقد رحب بوش أثناء خطابه برئيس مجلس الحكم المعين في العراق لهذا الشهر عدنان الباجه جي الذي كان يجلس إلى جانب لورا، زوجة بوش، قائلا «إن أمريكا تقف إلى جانبكم وإلى جانب الشعب العراقي وأنتم تبنون بلدا حرا مسالما». وفي معرض الإشارة إلى أن الحرب على العراق قد أسفرت عن مكاسب أخرى قال بوش «في الشهر الماضي تعهد الزعيم الليبي طواعية بأن يكشف عن كل برامج نظامه لأسلحة الدمار الشامل وإنهائها، بما في ذلك مشروع تخصيب اليورانيوم للأسلحة النووية. فقد قرر العقيد القذافي عن صواب بأن بلاده ستكون في وضع أفضل وأكثر أمنا بدون أسلحة القتل الجماعي. فقد نجحت تسعة أشهر من المفاوضات المكثفة مع ليبيا شاركت فيها الولاياتالمتحدة وبريطانيا، لكن دبلوماسية اثني عشر عاما لم تنجح مع العراق. والسبب واضح وهو أنه لكي تكون الدبلوماسية فعالة ينبغي أن يكون القول صادقا، وما من أحد يشك الآن في صدق الكلمة الأمريكية. قضايا وأضاف بوش أن التهديدات المختلفة تتطلب استراتيجيات مختلفة أيضا. قائلا ونحن، مع دول أخرى في المنطقة نصر على أن تنهي كوريا الشمالية برنامجها النووي. وتطالب أمريكا والمجتمع الدولي إيران بالالتزام بتعهداتها وعدم تطوير أسلحة نووية. وتتعهد الولاياتالمتحدة بدورها بأن تمنع أكثر الأنظمة خطرا في العالم من امتلاك أشد أسلحة العالم خطرا». وقد استخدم بوش خطابه للحديث عن جهود حكومته في تحويل العراق وأفغانستان إلى بلدان ديمقراطية، وقال بأن سقوط نظام حكم الرئيس صدام حسين، بعث برسالة قوية إلى «الدول المارقة الأخرى وسوف تشجع في نشر الديمقراطية» في المنطقة، مؤكدا على عزمه مضاعفة الدعم الأمريكي المالي المخصص لتعزيز الديمقراطية بهدف دعم استراتيجية ليبرالية وانفتاح سياسي في المنطقة وقال مخاطبا أعضاء الكونغرس «سأبعث إليكم باقتراح لمضاعفة ميزانية مؤسسة الصندوق القومي للديمقراطية، من 42 إلى 84 مليون دولار، ولتركيز عملها الجيد على تطوير انتخابات حرة، وأسواق حرة، وصحافة حرة، ونقابات عمالية حرة في الشرق الأوسط. وسنكمل قبل كل شيء عمل الديمقراطية التاريخي في أفغانستان والعراق، كي تنير هاتان الدولتان الطريق للآخرين، وتساعدا على تحويل جزء مضطرب من العالم.» وأوضح بوش أنه «طالما بقي الشرق الأوسط مكانا للطغيان، واليأس، والغضب، فسيستمر في إنجاب رجال وحركات تهدد سلامة أمريكا وأصدقائنا. وعليه فإن أمريكا تسعى وراء استراتيجية تقدمية من الحرية في الشرق الأوسط الأكبر. إننا سنتحدى أعداء الإصلاح، وسنواجه حلفاء الإرهاب، ونتوقع مستوى أعلى من أصدقائنا.» وقال أنه لتحقيق هذا الغرض «تعمل إذاعة صوت أمريكا والخدمات الإذاعية الأخرى على توسيع برامجها باللغتين العربية والفارسية _ وقريبا، ستبدأ خدمة تلفزيونية جديدة (قناة الحرة) بتوفير أخبار ومعلومات موثوقة عبر المنطقة».