أمطرت السماء كما لم تمطر من قبل قط وفاضت اودية وجداول وغزت الفيضانات اغلب ولايات الشمال وخاصة ولاية بنزرت وللأسف فقد نالت اوتيك حظها من الفيضانات بعد ان كنا نتمنى ان تنال حظها من التنمية.
فقد داهمت المياه المنازل في بعض أحياء أوتيك المدينة وغطت المنطقة الصناعية بالجهة وعطلت سير العمل بالمؤسسات الصناعية والتعليمية وكانت منطقة حي المنار من عمادة عين غلال من اكثر المناطق المتضررة بالجهة حيث غمرت المياه الشوارع والانهج (عفوا) شبه الشوارع والانهج واقتحمت المنازل المتواضعة والآيلة للسقوط وعبثت بالأدباش والاثاث البسيط. «الشروق» تحولت على عين المكان الى منطقة حي المنار فاستقبلتنا اكوام الاوساخ المتراكمة على جانبي الطريق الجهوية عدد 69 ووسط الاحياء السكنية والتي تدل على غياب الهياكل المسؤولة عن رفع الفضلات وعن غياب مصب مهني للغرض ليضطر الاهالي الى التخلص منها في اقرب مكان المشهد الثاني الذي استرعى انتباهنا هو انهماك اغلب المتضررين في اخراج بقايا المياه من منازلهم ومحلاتهم وتنظيفها من الاوحال العالقة بها رغم المجهود الذي بذله اعوان الحماية المدنية والجيش الوطني في هذا الغرض فاقتربنا من السيد بديع السماتي صاحب محل للحدادة وقد كان بصدد اخراج الاوحال التي غمرت دكانه الصغير فتنهد وقال لقد تعودنا على هذه الحالة فكلما امطرت السماء بغزارة الا وفاضت المجاري والاودية وغمرت المساكن والمحلات فالمشكل قديم وليس وليد اليوم ولم تتدخل السلط المسؤولة لتطويق الوضع منذ سنين فكل الحلول هي وقتية وتزول بزوال المسؤولين وهنا تدخل جاره السيد خليفة الخياري الذي كان ينظف محله من الأوحال والأتربة والسبب الرئيسي الذي نعاني منه هو غياب قنوات صرف مياه الامطار ومياه الصرف الصحي الى جانب غياب اشغال الصيانة للأودية ومجاري المياه التي امتلأت بالأوحال والاوساخ ولم تعد قادرة على القيام بدورها على اكمل وجه فاغلب فصول الشتاء التي مرت سابقا خلفت وراءها معاناة للأهالي من جراء الفيضانات فيغرق الحي في المياه والاوحال ونقضي الليل خارج المنازل.
أضرار فادحة
واصلنا طريقنا ودخلنا وسط الحي ويا ليتنا ما دخلنا لهول ما رأينا من اوساخ متراكمة هنا وهناك وانهج وشوارع غارقة في الاوحال حتى المار على قدميه لا يستطيع المرور منها سالما ويعتبر محظوظا من يجد منفذا صغيرا يمر منه دون ان تتلطخ ثيابه ونعليه بالأوحال والطين اما عن السيارات فحدث ولا حرج ولا تظن ان السيارات الخفيفة قادرة على المرور لأن المرور يعتبر من باب المجازفة وما ان حطت اقدامنا وسط الحي حتى توافد علينا الاهالي كل يريد طرح مشكلته وابراز ما خلفته الامطار الاخيرة من اضرار فادحة بمنزله وكلهم امل بان نحمل لهم الامل حتى عبر سطور صفحاتنا فدخلنا بعض المنازل وشاهدنا حجم ما خلفته الفيضانات الاخيرة على المنازل والاثاث. السيد محمد بن ابراهيم السعيداني يقطن بحي المنار منذ ما يزيد على 40 سنة وله ابن معاق يقول «لقد غمرت المياه كامل ارجاء بيتي المتواضع والسلط المحلية شاهدة على ذلك بعد زيارتهم لنا وقت الكارثة والاوحال تحاصرنا من جميع الجوانب وهذه الاوحال والمياه الراكدة لا تجف حتى في الصيف لتداهمنا جحافل الناموس والحشرات الضارة والروائح الكريهة فنحن لا نطالب لا بشغل ولا بمنحة ولا في زيادة في الاجور بل نطالب بانقاذنا وتخليصنا من هذه الحالة التعيسة والرديئة حتى نشعر بكرامتنا ونحقق العيش في بيئة نظيفة وصحية» إثر ذلك تحولنا الى منزل السيد محسن الطرودي حيث لاحظنا قطرات الماء تنزل من السقف ومن تحت الأرض وحسب ما اكد لنا السيد محسن فهذه الوضعية لا تنطبق على منزله فقط بل اغلب منازل الحي ان لم نقل كلها تقطر مما يضطر الاهالي الى وضع بعض الاواني المنزلية لتجميع المياه فيها ومنزلي كما تلاحظون متداع للسقوط والغرف صغيرة جدا ولا نعيش فيها بسهولة اما عن الشوارع والانهج امامنا فقد لاحظت الحالة التي هي عليها كل هذا الى جانب غياب شبكة التنوير العمومي بأغلب اجزاء الحي اما السيد علي الجميعي فقد ارجع غرق حي المنار بالمياه والاوحال كل شتاء ممطر الى المياه المتأتية من السحاب والجبال وخاصة من البحيرة الجبلية أو البراج كما يسميه الاهالي الذي شيدته المرحومة وسيلة بورقيبة لسقي اراضيها الفلاحية بالجهة والذي اهمل وترك منذ رحيلها لم تقع فيه اشغال الصيانة والتعهد وبالتالي لم يعد قادرا على استيعاب كميات المياه المتدفقة نحوه وهذا ما أثر على وادي الليل الذي يمر وراء الحي وقد أثرت عليه يد البشر والعوامل المناخية خاصة على مستوى البراج والذي اثبتت التجارب انه ذو ملوحة عالية ولا يصلح للسقي حسب العديد من الاهالي لذا حان الوقت لايجاد حل دائم لهذا الخطر المتواصل من قبل الهياكل المسؤولة. ان هذه الحالة الموسمية ان لم نقل اليومية التي تعرفها منطقة حي المنار التي تعد حوالي اكثر من 2500 ساكن الا انهم يفتقرون لأبسط مقومات العيش الكريم رغم بعدهم عن مركز الولاية حوالي 35 كلم والحال ينطبق تقريبا على اغلب مناطق المعتمدية وكلما تهاطلت الامطار الا وكشفت عيوب البنية التحتية المنعدمة والمتهرئة والمهترئة بأوتيك المدينة وبالمناطق الاخرى وقد ان الاوان للقيام بدراسة معمقة لأغلب الاحياء السكنية بالمعتمدية وانقاذ ما يمكن انقاذه.