هناك من الأحداث في تواريخ الشعوب ما يرتقي ليصبح جزءا لا يتجزأ من تاريخها ومن ذاكرتها الشعبية... وعيد الاستقلال هو بهذا المعنى حدث هام ولعلّه الأهم في تاريخ تونس الحديث وهو جزء لا يتجزأ من تاريخنا.. ففي مثل هذا اليوم من عام 1956 تنفست تونس أولى نسمات الحرية، واستعاد شعبنا حريته وكرامته واستعاد مقاليد سيادته وقراره الوطني. ولم يكن الاحتلال الفرنسي الذي لا يزال جاثما وقتها على صدر الشعب الجزائري ويعتبر الجزائر «مقاطعة فرنسية» ليرضخ لإرادة شعبنا ويقبل بالتزحزح عن أرضنا لولا تضحيات رجال ونساء شرفاء... سواء كانوا قادة سياسيين أو مجاهدين او مواطنين عاديين تآلفوا جميعا ووحدوا إراداتهم لمقارعة المحتل وإجباره على الانسحاب من هذه الأرض الطيبة. ومن هذه الزوايا فقد ارتقى عيد الاستقلال ليصبح علامة فارقة في تاريخ تونس الحديث.. علامة يصح لكل تونسي ان يفاخر بها ومن واجبه أن يعطيها من الإجلال والعرفان ما هي به جديرة وأن يقف ليتذكر سيرة زعماء ومجاهدين دفعوا ضرائب غالية لننعم نحن بالحرية والانعتاق. ومن حق هؤلاء على شعبنا وعلى ذاكرتنا الشعبية ان ننصفهم في مثل هذه المحطة التاريخية وأن نحتفي بهم وبنضالاتهم وأن نروي سيرهم للاجيال الجديدة التي نشأت وكبرت في دولة الاستقلال. والأكيد ان تعداد هؤلاء سوف يغمط الكثيرين حقهم وكتب التاريخ تحفظهم اسما اسما وهم جديرون بأن ينفض عنهم جميعا غبار النسيان وأن يكرّموا بالذكر اولا وبالاحتفاء والتبجيل ثانيا. وهذا دين في رقاب التونسيين على مرّ الأجيال وعلى تعاقب الأزمنة... وعلينا ألا ننسى في كل العهود والأزمنة سيرة المؤسسين لتونس المستقلة... عسانا نستلهم منها ما يلزم من دروس وعبر لنعضّ على استقلالنا الوطني وعلى سيادتنا بالنواجذ ونصونها من كل المخاطر والتحديات.