صدور كتاب عن تاريخ بوّابة «الشرق» قابس ليس بالأمر الهيّن عند الباحثين والمؤرخين لما لهذه المنطقة من أهمية تاريخية بالغة تؤكدها مصادر عديدة بالرغم من اندثار الآثار المؤكدة لذلك خاصة مع تقاعس الجهات الرسمية المهتمة بالشأن الثقافي في خلق أرضية للباحثين وتشجيعهم.
تكمن أهمية الكتاب في كونه تناول مادة تاريخية في فترة زمنية وقع طمس آثارها نتيجة عوامل عديدة وكذلك لشحّ المصادر وتقاعس الباحثين عن تناول مثل هذه المواد الصعبة لتاريخ المنطقة.الكتاب يتحدّث عن حقبة مبكرة للحضارة الرومانية بإفريقية وتحديدا بالشريط الممتدّ من قابس إلى مدنين وهوما يعرف بسهول الأعراض والجفارة حيث استوطنت حضارة رومانية لم تستطع طمس الحضارة اللوبية-الأمازيغية.وما يميّز الكتاب محاولته استقراء تمازج الحضارتين لينتج عنهما حضارة افريقية متميّزة وإن غلبت عليها معالم الحضارة الرومانية الوافدة لذلك تحدّث عن «الرومنة في سهول الأعراض قابس والجفارة مدنين».يطرح الكاتب تجلّيات الرومنة وحدودها في جهة قابس ومنطقة مدنين في إطار مقاربة تحليلية تأليفية في آن.وبرسم إنجاز هذا المشروع اعتمد على قراءة نقدية للمصادر الإغريقية واللاتينية القديمة ووظّف خلاصة معايناته الميدانية لعدد من المواقع القديمة في قابس وناحيتها مثلما استنطق ما يوجد في سهول الأعراض والجفارة من لقى أثرية.