عُثِرَ عليه بالصدفة.. تطورات جديدة في قضية الرجل المفقود منذ حوالي 30 سنة بالجزائر    السلطات الاسبانية ترفض رسوّ سفينة تحمل أسلحة إلى الكيان الصهيوني    عاجل: لأول مرة: تونس تصل المرتبة الثانية ضمن التصنيف الدولي للبيزبول    الديبلوماسي عبد الله العبيدي يعلق على تحفظ تونس خلال القمة العربية    في ملتقى روسي بصالون الفلاحة بصفاقس ...عرض للقدرات الروسية في مجال الصناعات والمعدات الفلاحية    يوميات المقاومة .. هجمات مكثفة كبّدت الاحتلال خسائر فادحة ...عمليات بطولية للمقاومة    فتحت ضدّه 3 أبحاث تحقيقية .. إيداع المحامي المهدي زقروبة... السجن    المنستير .. المؤبّد لقاتلة صديقها السابق خنقا    ارتفاع عجز الميزان الطاقي    رفض وجود جمعيات مرتهنة لقوى خارجية ...قيس سعيّد : سيادة تونس خط أحمر    دخول مجاني للمتاحف والمواقع الأثرية    دغفوس: متحوّر "فليرت" لا يمثل خطورة    وزارة الفلاحة توجه نداء هام الفلاحين..    العدل الدولية تنظر في إجراءات إضافية ضد إسرائيل بطلب من جنوب أفريقيا    تعزيز نسيج الشركات الصغرى والمتوسطة في مجال الطاقات المتجددة يساهم في تسريع تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية للانتقال الطاقي قبل موفى 2030    كاس تونس - تعيينات حكام مباريات الدور ثمن النهائي    الترفيع في عدد الجماهير المسموح لها بحضور مباراة الترجي والاهلي الى 34 الف مشجعا    جلسة بين وزير الرياضة ورئيس الهيئة التسييرية للنادي الإفريقي    فيفا يدرس السماح بإقامة مباريات البطولات المحلية في الخارج    إمضاء اتّفاقية تعبئة قرض مجمع بالعملة لدى 16 مؤسسة بنكية محلية    وكالة (وات) في عرض "المتوسط" مع الحرس .. الموج هادر .. المهاجرون بالمئات .. و"الوضع تحت السيطرة" (ريبورتاج)    طقس الليلة    سوسة: الحكم بسجن 50 مهاجرا غير نظامي من افريقيا جنوب الصحراء مدة 8 اشهر نافذة    القيروان: إنقاذ طفل إثر سقوطه في بئر عمقها حوالي 18 مترا    تأمين الامتحانات الوطنية محور جلسة عمل بين وزارتي الداخليّة والتربية    كلمة وزير الخارجية التونسي نبيل عمار أمام القمة العربية    باجة: باحثون في التراث يؤكدون ان التشريعات وحدها لا تكفي للمحافظة علي الموروث الاثري للجهة    توزر: تظاهرة احتفالية تستعرض إبداعات أطفال الكتاتيب في مختتم السنة التربوية للكتاتيب بالجهة    وزارة الثقافة تنعى المطربة سلمى سعادة    صفاقس تستعدّ للدورة 44 لمهرجانها الصيفي    صفاقس: هدوء يسود معتمدية العامرة البارحة بعد إشتباكات بين مهاجرين غير نظاميين من دول جنوب الصحراء    جندوبة: وزير الفلاحة يُدشن مشروع تعلية سد بوهرتمة    "فيفا" يقترح فرض عقوبات إلزامية ضد العنصرية تشمل خسارة مباريات    هل سيقاطعون التونسيون أضحية العيد هذه السنة ؟    عاجل: "قمة البحرين" تُطالب بنشر قوات حفظ السلام في فلسطين..    106 أيام توريد..مخزون تونس من العملة الصعبة    اليوم : انطلاق الاختبارات التطبيقية للدورة الرئيسية لتلاميذ الباكالوريا    ناجي الجويني يكشف عن التركيبة الجديدة للإدارة الوطنية للتحكيم    سوسة: الإطاحة بوفاق إجرامي تعمّد التهجّم على مقهى بغاية السلب باستعمال أسلحة بيضاء    قيس سعيد يُؤكّد القبض على محام بتهمة المشاركة في وفاق إرهابي وتبييض أموال    المعهد الوطني للإحصاء: انخفاض نسبة البطالة إلى حدود 16,2 بالمائة    سيدي بوزيد: انطلاق الدورة 19 من مهرجان السياحة الثقافية والفنون التراثية ببئر الحفي    رئيس الجمهورية يبحث مع رئيس الحكومة سير العمل الحكومي    عاجل: متحوّر كورونا جديد يهدّد العالم وهؤلاء المستهدفون    ظهورالمتحور الجديد لكورونا ''فيلرت '' ما القصة ؟    محمد بوحوش يكتب...أدب الاعتراف؟    الأيام الرومانية بالجم . .ورشات وفنون تشكيلة وندوات فكرية    الخُطوط التُونسية في ليبيا تتكبد خسائر وتوقف رحلاتها.    زلزال بقوة 5.2 درجات يضرب هذه المنطقة..    بطولة اسبانيا : أتليتيكو يهزم خيتافي ويحسم التأهل لرابطة الأبطال الاوروبية    إصدارات.. الإلحاد في الفكر العربي الإسلامي: نبش في تاريخية التكفير    استشهاد 3 فلسطينيين بنيران جيش الاحتلال في الضفة الغربية    أمراض القلب والجلطات الدماغية من ابرز أسباب الوفاة في تونس سنة 2021    أكثر من 3 آلاف رخصة لترويج الأدوية الجنيسة في تونس    مفتي الجمهورية... «الأضحية هي شعيرة يجب احترامها، لكنّها مرتبطة بشرط الاستطاعة»    مفتي الجمهورية : "أضحية العيد سنة مؤكدة لكنها مرتبطة بشرط الاستطاعة"    عاجل: سليم الرياحي على موعد مع التونسيين    لتعديل الأخطاء الشائعة في اللغة العربية على لسان العامة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الباجي قائد السبسي ل«الشروق» في أول حديث شامل بعد المبادرة:المبادرة ليست موجهة ضدّ أحد...

أطلق مبادرة ثلاثية الأبعاد.. القصد الأول منها توليف جبهة سياسية أو قوة حزبية تضاهي من وصل إلى السلطة عبر الانتخابات انطلاقا من هذا التوصيف.. القصد الثاني منها تركيز المشهد الديمقراطي عبر إقرار التداول على السلطة.. أما القصد الثالث منها فهو التقدم بتونس نحو مراتب لم تبلغها من قبل..
أشهد أنني وجدت السيد الباجي قائد السبسي على غير عادته.. صحيح أن الابتسامة العريضة لم تكن تفارقه.. كما عهدته دوما.. لكنّي أقر أن مرارة عميقة ألمّت بالرجل.. فهو لم يستسغ أن الأمر وصل ببعض التونسيين إلى إشهار «موته» علنا وعلى قارعة الطريق العام.. وأي طريق عام: شارع بورقيبة أمام وزارة الداخلية..
لا أخاف الموت.. فأنا مؤمن بأن حياة كل منّا هي بيد الخالق سبحانه وتعالى.. يحيي ويميت.. ولكن هذا الحدث لم أكن أتوقّع أن يحدث في تونس.. وأردف: بقطع النظر عن شخصي.. فالأمر يتجاوزني ليمسّ الضمير العام التونسي.. إضافة إلى هذه الصورة السيئة التي يمكن أن يعطيها شريط كهذا عن البلد..» نعم، لم يكن «سي الباجي» كما عادته.. يغالب الإرهاق بالضحكة والنّكتة الحاملة ل«محل شاهد» تتغلب على الصعوبات التي يمكن أن تعتري أية علاقات..
بل اعترى محيّاه قلق سرعان ما عبّر عنه خلال هذا الحوار، وفي معرض ردّه على أسئلة «الشروق»..
جهازا الهاتف الجوال والقار، لم يهدآ عن الرنين.. وكان كلّما قاطع سي الباجي قائد السبسي الحوار، يعيد نفس العبارات ويتقبل المكالمات بكثير من المجاملات، وكلمات مثل: بارك الله فيك.. أحسنت.. نحن لا نخاف الموت.. فالحياة والموت بيد الله تعالى..
من هذا القبيل كانت كلماته التي يردّ بها على «الهاتفين» والابتسامة التي ترافق الكلمات، بدت ملفوفة في حزن عميق..
حزن من الاستياء.. وجزء منه جرّاء الصدمة..
فأما الصدمة.. فمردّها أنه شاهد لتوّه شريط «الفيديو» على «الفايس بوك» وأما الاستياء فيعود إلى أنه لم ير ردّا حازما من الحكومة..
في بداية الحديث، وبعد التحية قلت له إني صادفت محاميين يغادران مكتبه وقد جلس إليهما قبل إجراء هذا الحوار، عن موعد سابق.. لكنه سرعان ما طوى سؤالي بقوله: الجميع يتّصل بي.. ويزورني بمكتبي..
تحدث ل«الشروق» عن خلفيات المبادرة، بالقول إنها ليست ضد أحد.. بل هي من أجل تونس.. وحكى عن المشهد السياسي بتونس، وكيف أنه يستحق أن يكون رياديا في مجال التداول على السلطة والانتخابات..
قرار النهضة التمسّك بالفصل الأول للدستور (1959) اعتبره قائد السبسي «قرارا صائبا»، مشيرا أنه وبعد أشهر من انتخاب المجلس الوطني التأسيسي، كان لا بدّ من لفت النظر إلى ضرورة تحديد السقف الزمني للانتخابات العامة القادمة، الانتخابات التي ستفرز صناديقها من سيحكم تونس.. ولمرحلة محددّة في انتظار صعود آخرين..
في مجال التحالفات يقول قائد السبسي أن لا تحالفات دائمة.. ولا عداوات دائمة..؟
سألته في البداية:
في المبادرة: كيف خامرتك الفكرة بإطلاق مبادرة دون تأسيس حزب؟ ولماذا اتخذت هذا الشكل في التعاطي مع الشأن السياسي في البلاد، من خلال إطلاق مبادرة. هي بالمحصلة وكأنها تجميع وتشكيل لرأي عام حول فكرة؟ ثم لماذا الآن، وإلى ماذا ترنو من خلالها؟
أنا انسان مسؤول ولي شعور بالمسؤولية وتحملت مسؤولية إدارة الحكومة في ظروف استثنائية. وقبولي استثنائي وقد قبلت ادارة الحكومة لمدّة محددة في الزمن.
نحن عشنا في ظل حكم استبدادي كلّه قيود قلنا: نريد أن نتّجه الى حكم فيه حريّة، أي من القيود الى فك القيود الى الحرية.
ثم ان الفترة الانتقالية بطبعها دقيقة وصعبة، لكن قمنا بها وتحمّلنا المسؤولية على أساس أن نضع نظاما سياسيا يضمن عدم الرجوع الى التصرفات الماضية.
وقد أطلقنا على ذلك، نسقا تصاعديا من أجل حوكمة ديمقراطية، فالمشروع هو مشروع ديمقراطي وهو مشروع انطلق بعد الثورة ومن أجل أهداف الثورة. ومن أجل ضرورات الثورة.
هذه الخطة التي اتفقنا عليها، تشتمل على مرحلتين: الاولى: الوصول الى انتخابات حرّة ونزيهة وشفّافة. من أجل انتخابات مجلس وطني تأسيسي، وهذا تم في مرحلة حكمنا، لكن ذاك يعتبر نصف الطريق، وكان من المفروض أن الحكومة التي تسلّمت المشعل، تلتزم بتنفيذ النصف الثاني من الخطّة وتكريس المسار الديمقراطي والتي كانت ستنتهي بالمصادقة على الدستور واجراء انتخابات تشريعية ورئاسية، حسب شكل الحكم الذي سيقرّه الدستور، وفي أجل أقصاه سنة.
وبما أن اعداد انتخابات شفافة ونزيهة وتعددية كما 24 أكتوبر 2011 تتطلب حسب المعايير الدولية بين ستّة وثمانية أشهر، وبما أن تاريخ 26 جانفي 2012 لم يكن يوحي بأي مؤشّر بأن الحكومة والمجلس التأسيسي، سيتجهان نحو اكمال الخطة المتفق عليها، كان من الضروري لفت النظر الى ذلك والتذكير بالالتزامات التي قطعناها سويا قبل الانتخابات واعتبارا الى أن الديمقراطية لا تنحصر في اجراء انتخابات، بل تتضمّن أيضا التداول على الحكم، كان من الضروري أيضا لفت الانتباه الى تهيئة الاسباب وتوفير الظروف الملائمة للتناوب على الحكم، وذلك بخلق توازن بين التيارات والأطياف السياسية.
ماذا تعني بهذه الفكرة؟ هل تقصد أن يتنحى هؤلاء الذين بيدهم السلطة الآن؟
أنا لا أقصد الذين هم الآن بالسلطة وعند أول انتخابات مباشرة سوف يغادرون، لكن امكانية أن تأتي قوى سياسية أخرى يسفر عنها صندوق الانتخابات أمر ممكن ووارد، ويجب أن تجد الظروف مهيّأة لذلك، وتكون قوّة موازية قادرة علىممارسة الحكم.
وهذا فيه فائدة للفريق الموجود في الحكم، كونه له من يراقبه ومن يضاهيه، وفيه أيضا شعور لدى المواطن بالراحة، من أن مظهرا من المظاهر الاستبدادية السابقة لن يعود.
هذا هو الموضوع، وهكذا جاءت المبادرة التي وجهتها الى الرأي العام دون غيره، وقد تضمّنت العناصر التالية:
أوّلا: تحديد تاريخ اجراء الانتخابات في أجل لا يتجاوز سنة عن تاريخ الانتخابات الماضية.
ثانيا: دعوة اللجنة العليا المستقلة للانتخابات لاستئناف نشاطها واعداد العدّة للانتخابات القادمة.
ثالثا: دعوة المجلس الوطني التأسيسي للمصادقة على قانون الانتخابات القادمة، لأن القانون الحالي يهم انتخاب مجلس تأسيسي وليس مجلسا تشريعيا، وهذا الاخير الذي سيعنيه القانون المقبل.
من جهة أخرى، مطالبة الأحزاب التي شاركت في الانتخابات السابقة بتجميع قواها لتوفير الظروف الملائمة لامكانية التناوب على السلطة، لأن الانتخابات السابقة، اتضح من خلال ارقامها التي أفرزتها ، أنه باستثناء حركة النهضة التي كانت مهيكلة وأحرزت على أرقام محترمة، مكّنتها من ممارسة السلطة، فإن بقية الأحزاب كانت ضعيفة جدا وبقيت على حالها، وأنا لا يمكن ان اتصوّر أن تشكل قوّة تضاهي أو توازي، من حيث الحجم والتنظيم حركة النهضة ولا تنجح في الانتخابات بنسبة محترمة.
وهنا أعتقد أنه إذا اتحدت جل هذه القوى في ما بينها كان يمكن ان تشكل قوّة تضمن السلامة للمسار الديمقراطي، ولكن هذه المبادرة ليست موجّهة ضد أحد. بل هي مبادرة لتنظيم الحياة السياسية في تونس وحتى لا تتم انزلاقات على الشاكلة الماضية، لا قدّر ا&.
هناك من يقول إنك قدّمت هذه المبادرة كردّ فعل، لأن الأطراف المكوّنة ل «الترويكا» لم ترشّحك للرئاسة... رئاسة الجمهورية، فما تقول؟
(باشمئزاز يتقبل نص السؤال ثم يقول بنفس الطريقة): هذا لغو ولا علاقة له بالواقع... ثم ان نجاح هذه التجربة ليست مرتبطة بشخص الباجي قائد السبسي، نحن نتمنى النجاح لكل من يفرزه صندوق الاقتراع بمن فيهم الذين يمارسون السلطة حاليا...
ثم أضاف: ما قيل غير صحيح ومجانب للحقيقة... أنا بيّنت لك أسباب اطلاق هذه المبادرة... وكانت كلها أسباب تهم مستقبل تونس وتقدّمها... لا أكثر ولا أقل... ثم انني تقدّمت هذه الخطوة استجابة لواجب وطني..
يحدث أن «الترويكا» ردّت ايجابيا على النقطتين الأولتين في المبادرة، فكيف رأيت تحديد تاريخ الانتخابات والانتهاء من الدستور؟
أعتقد ان موقف الترويكا سليم وأسجّل بكل ارتياح هذه القرارات التي اتفقت عليها (أطراف الترويكا) وأتمنى أن تقع المصادقة على الدستور في آجال محترمة، وكذلك اجراء الانتخابات في الآجال المتفق عليها حسب الالتزامات السابقة ان أمكن.
المبادرة أخذت شكلا غير متوقع، من حيث انها اعتمدت اطلاق فكرة، ثم جاءت التفاعلات وردود الأفعال، فهل هي مبادرة مشاعة للجميع، أم أن لها ضوابط للقبول والرفض لمن يريد أن يلتحق بها؟
هي مبادرة مفتوحة للجميع دون إقصاء لأن العمل من أجل تونس حق مكتسب لكل التونسيين، باستثناء من أخذ فيه القضاء اجراءات مخالفة، وليس من حق أحد أن يقصي أحدا..
هل صحيح أنك استغليت الإرث البورقيبي، وأقصد إرث الشخص، من أجل لمّ شمل الدساترة مع العلم أنهم بقوا في انتخابات التأسيسي خارج اللعبة؟
انتخابات التأسيسي جاء قانونها وفق قرار يرتكز على الفصل 15 وكان فصلا يهم انتخابات المجلس التأسيسي وباجرائها يرفع الخطر على الجميع، ومن حق الجميع ان يشارك في الحياة السياسية، وفي الانتخابات باستثناء لمن يقصيه القضاء لسلوك خاص.
أما بخصوص الإرث البوقيبي، فأقول ان لا علاقة له بالمبادرة فالمطلوب هو النظر الى المستقبل دون ان نشتم الماضي..
سي الباجي، هل ان المبادرة هي عبارة عن لمّ شمل الدساترة أم هي بمثابة جرعة «أوكسيجين» للمعارضة القديمة الجديدة أم هي مصالحة بين الدساترة والمعارضة؟
هذه قراءات ليست لي وليست موجودة في المبادرة... المبادرة جاءت لتنظيم الحياة السياسية التي تكرّس المسار الديمقراطي السليم.
ما رأيك في قرار النهضة الذي أعلنت عنه والقاضي بتمسّكها بإبقاء الفصل الأول من الدستور؟
فإضافة الى هذا القرار فقد وقع تحديد سقف عمل التأسيسي بأن تكون الانتخابات في غضون عام وهذين النقطتين كما سألتك آنفا تمثلان السبب الرئيسي لمبادرتك، فهل مازال هناك مبرّر لمواصلة هذه المبادرة؟
أنا أعتقد أن هذا قرار صائب، لأن الدستور يهم كل التونسيين، وهو يجمع ولا يفرّق أنا أعتقد ان هذا ما ناديت به واستجاب إليه التونسيون، فهذا فصل موجود منذ نصف قرن، وجرّب فصحّ، ولم يقع اي اشكال او مشكل، بخصوص هذا الفصل منذ أن وُجد. وإذا نحن نبحث عن الاستقرار فعلينا الأخذ به، وهو نصّ عليه وحوله إجماع... باستثناء الشاذ الذي يُحفظ ولا يقاس عليه، فقرار النهضة هو قرار سليم في هذا الباب.
أما بخصوص المبادرة فقد فسّرت لك أنها تشتمل على مطالب، قد يكون جزء منها وقعت الاستجابة اليه لكنها مبادرة لتنظيم الحياة السياسية للبلاد... أي أن تونس ما بعد الثورة تتطلّب مشهدا سياسيا فيه قوى سياسية كل واحدة منها قادرة على ممارسة السلطة وممارسة السلطة المضادة، اي أنها تضمن التداول على الحكم... وهي مبادرة أردنا منها أن تساهم في تطوير الحياة السياسية في تونس، حتى نتقدّم باتجاه الديمقراطية الحقيقية التي تضمن التداول على السلطة والتعددية السياسية والانتخابات الشفافة والحرّة. لذا فإن المبادرة ليست ردّ فعل على أي نوع من النواقص او الغموض الذي قد يكون سجّلناه في عمل الفريق الذي وصل الى السلطة بعد انتخابات التأسيسي.
كيف ينظر «سي الباجي» إلى حركة المحامين الذين تنادوا للدفاع عنك في قضية اتهامك في موضوع تعذيب المشاركين في ما يسمى بمحاولة الانقلاب سنة 1962 بتونس؟
هذا اجتهاد منهم.. وأشكرهم عليه.. وأنا لم أطلب من أحد ذلك.. لكني أشكرهم وأقول لهم: «بارك الله فيكم» ولكن حركة المحامين المساندة لي في هذه المسألة تفيد بأن ما قام به الشق المقابل (المتقدمون بالشكوى والاتهام) هم في خطإ من أمرهم.. وأنهم أقدموا على ذلك (الاتهام) «لغاية في نفس يعقوب» لأنه معروف أن لا علاقة لي بقضايا التعذيب لا في الماضي ولا في الحاضر ولا حتى القادم.. وكنت دوما ضدّ التصفيات الجسدية، ولا أزال، و«أخبار الناس عند الناس».. وهؤلاء المحامون، متطوّعون، بارك الله فيهم، ومازال الخير في الدّنيا..
هل تفسّر لنا، وللرأي العام أساسا، قصة اتهامك بأنك أنت من أشرف على التعذيب في مسألة استنطاق المشاركين في محاولة الانقلاب على حكم بورقيبة في 1962، أو ما تنعت بعملية مجموعة الأزهر الشرايطي؟
هذه «المؤامرة» التي يتحدثون عنها وقعت في 19 ديسمبر 1962، وكنت وقتها مديرا عاما للسياحة والمياه المعدنية والصناعات التقليدية. والتحقت بإدارة الأمن، مديرا عاما للأمن الوطني بعد اكتشاف هذه «المؤامرة» وإجراء الأبحاث في شأنها.. وقد تمت الأبحاث الأمنية في مصالح وزارة الداخلية، لأن المجموعة كانت تضم عسكريين.. والقضية برمّتها كانت من أنظار المحاكم العسكرية، ونفّذ في المشاركين فيها، الحكم من قبل الأجهزة العسكرية.. كل هذا يضاف إليه أن الحكم صدر في 24 جانفي 1963، أي 10 أيام (عشرة) بعد مجيئي للداخلية.. وكل شيء كان قد تمّ قبل انتقالي من السياحة إلى الأمن.. وبالتالي لا دخل لي فيها لا من قريب ولا من بعيد..
هل تعتقد أنك أجبرت، نوعا ما، «الترويكا» على التعامل مع مبادرتك، بأن ردّت الفعل بالقرارات الأخيرة التي أعلنت عليها؟
هذا ممكن.. لأن القصد هو المصلحة العامة.. فهي ليست مبادرة من شخص تجاه مجموعة.. بل هي مبادرة عامة من أجل البلاد قاطبة.
ما قصة التهديد الذي يقال إنه طالك، تهديد أو دعاء عليك بالموت، لا قدر الله.. كيف تقبلت المسألة.. وعائلتك كذلك، كيف تقبّلت الموضوع؟
نحن مؤمنون بأن الموت والحياة بيد الله سبحانه وتعالى ولكن هذا يبين أن هناك انفلاتا كبيرا في البلاد وأنّه ليس شخصي فقط هو المهدّد بل العديد من الأشخاص.. ثم هذا ضد مصالح تونس، من حيث أن الاستثمار سيكون شحيحا خاصة الخارجي عندما توزّع وسائل الاعلام (فايس بوك) شريطا كهذا الذي كنت بصدد مشاهدته، وفيه شخص معروف موظف في هياكل الدولة يعلن صراحة دعاءه بالموت للباجي قائد السبسي.. أنا أقول إن الموت والحياة بيد الله.. نحن لا نخاف الموت بل نخاف على تونس.. إذا عمّتها مظاهر كهذه من انفلات أمني.. وتسيّب. لكن، لا بد وأن تكون الحكومة يقظة وأن لا تتساهل.. مع أمثال هؤلاء الذين يعلنون ذلك في الشارع وعلى مسمع ومرآى من الجميع..
ربما تساهلها (الحكومة) في مواقف سابقة هو الذي جعل هذه المجموعات تتطاول على القانون والضوابط العامة.. هل يعقل على قارعة الطريق وفي شارع بورقيبة بالتحديد أن يطلق نداء بالموت، ولم نر أي تحرّك من الحكومة؟
ربما هذا ما جعل هؤلاء يتجاسرون.. ثم إن عدم التحرّك، فيه تشجيع ضمني على هذه الأعمال، ولربما غير مقصود في هذا المجال.. ولكن اليقظة وتطبيق القانون ضروريان..
هل اتصلت بوزير الداخلية؟
حاولت الاتصال بوزير الداخلية فقيل لي إنه مسافر..
أنت تقول إن لا ضديات عندك تجاه أي طرف سياسي تونسي، ولكن يحدث أن أطرافا مثل القوميين والشيوعيين من عامة اليسار والقوميين التقدميين، كوّنوا في خمسة أحزاب منها، جبهة أطلق عليها «الجبهة الشعبية 14 جانفي» فكيف تعاملت مع هذه الجبهة وأنت صاحب مشروع جبهوي؟
ليست لي ضدية ضد أي تيار سياسي، أنا رجل الحوار وأؤمن بالحوار والتعددية، وليس هناك حل آخر غير الحوار.. ومصلحة تونس فوق كل اعتبار.. والعارفون بالدين، يعلمون أن المولى أوصانا بقوله تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرّقوا».
أنا أؤمن بهذا المعنى.. وليست لي ضديات قارة ولا تحالفات قارة.. بل يجب أن نلتقي جميعا لخدمة تونس والمصلحة العامة.. فأنا ليست لي ضدية مع أي أحد.. والاختلاف لا يفسد للودّ قضية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.