رأى المعارض السوري البارز الأستاذ لؤي حسين في لقاء مع «الشروق» ان المهمة التي يقودها المبعوث الأممي كوفي عنان الى سوريا قادرة على إيجاد مخرج سياسي سلمي للأزمة السورية بعد عام على اندلاعها. حذّر الأستاذ لؤي حسين من أية محاولة لتسليح المعارضة في سوريا مؤكدا ان مثل هذه الخطوة ستكون عواقبها وخيمة كما ندّد في الوقت نفسه بالدعوات الى التدخل الدولي في بلاده.
ماهي قراءتكم، بداية، لمبادرة كوفي عنان... وإلى اي مدى ترون ان هذه الخطة قادرة على إيجاد مخرج من الأزمة السورية؟
أنا أعتبر ان مهمة كوفي عنان هي الفرصة الأفضل التي أتيحت لحل سياسي سلمي للازمة السورية لأنها تعتمد على الوساطة بين السلطة والمعارضة... وهذا الأمر نحن اقترحناه واشتغلنا عليه لمدة أكثر من شهرين مع جميع الاطراف المعنية، الدولية والإقليمية والمحلية وأكدنا على ضرورة وجود وسطاء حتى نجد حلاّ لهذه الأزمة.. ولهذا أنا اليوم متفائل بالمبادرة التي يقودها عنان والتي أرى انها ستنجح في إنهاء الأزمة الى حدّ ما...
لكن مثل هذا التفاؤل الذي تبدونه يبدو غائبا عند أطراف أخرى في المعارضة السورية التي رفضت من الاصل الحوار مع النظام... فهل معنى ذلك ان مبادرة عنان «ولدت ميّتة»؟ أعتقد ان الصراع السوري انعكس سلبيا ميدانيا... ولهذا نسمع كلاما غير متوازن سياسيا... أنا مثلا قد أرفض الحوار مع النظام ولكن طالما هناك وسيطا لماذا أرفض الحوار؟ أنا رأيي أنه من غير المقبول أن أرفض الحوار... فمثل هذا التصرف لا يبرّره إلا غياب الرغبة في الوصول الى حلّ... إذن لا يمكن أن تحل هذه الأزمة... وأي أزمة أخرى ما لم أقبل بالوسيط... ولهذا نحن شدّدنا على ضرورة أن يكون هناك وسطاء... ومشروعي كان يقضي في الحقيقة بأن يكون هناك لجنة وسطاء دوليين غير حكوميين على أن تتمثل مهمتها في التواصل مع مختلف الأطراف الفاعلين في الساحة السياسية... من هنا كانت الحاجة الى هؤلاء الوسطاء لأننا لا نعرف الى حد الآن من هي هذه الأطراف الفاعلة في المعارضة.
هذه الأطراف، أين تلتقون وأين تتعارضون معها في تصوّركم لحل الأزمة؟
بالنسبة إلينا لدينا معادلة بسيطة بهذا الخصوص وهي أنه علينا انهاء هذا النظام لكن بطريقة آمنة وسلمية أي دون ان يؤدي ذلك الى انهيار مؤسسات الدولة ودون حدوث فوضى واضطرابات أمنية... هي معادلة صعبة جدّا ولكن قد نستطيع ان نحققها... نحن في الحقيقة نلتقي مع كل من يشاركنا هذا الرأي بتغيير النظام بهدوء وبلا اضطرابات ولكن ايضا بالمحافظة على البنية الأساسية للدولة وعلى الوحدة الوطنية للبلاد... ... وفي هذا نحن نقترب نسبيا من هيئة التنسيق الوطنية ولكن اجزم بأن هناك مجموعات أخرى تشاركنا هذا الموقف في البلاد مثل التيار الثالث ولهذا نحن عزمنا على عقد مؤتمر وطني قريبا حتى يكون هذا المؤتمر الرافعة الأساسية وعنوان المعارضة وحتى نحدّد ما هي خريطة الطريق التي يمكن ان نعتمدها من أجل الخروج من هذه الأزمة وفق أسلوب «لا غالب ولا مغلوب».. فنحن نرفض أن يكون الصراع وجوديا في الساحة السورية... ونقول بأن هذا الصراع يجب ان يبقى في إطاره السياسي...
هناك من يحذّر من احتمال أن تفجّر هذه الأزمة حربا أهلية في سوريا... فهذا الأمر هل ترونه واردا اليوم في حال استمرار الانسداد السياسي للأزمة؟
بالتأكيد نحن نخشى هذا الأمر فالمشهد إن بقي على حاله فقد يقود فعلا الى حرب أهلية متعددة المستويات بسبب الظروف الاقليمية والدولية المحيطة بسوريا فإن استمرار الصراع قد يفقد السيطرة على الأوضاع بالمنطقة برمتها وقد يقود الى حرب لا أحد يمكن ان يتصوّر نهاياتها.
في هذه الحالة كيف تنظرون الى بعض الأصوات والمواقف المطالبة بالتدخل الأجنبي في سوريا؟
نحن نعتقد ان الخطر الرئيسي الذي يتهدد البلاد حاليا هو الحرب الأهلية... وبالتالي فإن كل فعل يدفع في هذا الاتجاه نحن نعارضه على غرار التدخل الأجنبي والسياسي السافر في سوريا والذي نعتقد جازمين انه يفتح أبواب الدمار على البلد... هذا توجه نحن نعارضه بشدة إذن بل إننا نعتبر اليوم حتى التدخل العربي هو تدخل أجنبي طالما هو يذهب في هذا الاتجاه..
ولكن هناك اتجاه آخر يذهب اليه البعض... أقصد هنا تسليح المعارضة... فهل أنتم مع هذه الفكرة؟
نحن نرفض هذه الدعوات بل إننا قلنا منذ البداية انها مقدمة لتدخل عسكري في البلاد... وأكدنا أننا سنتصدى بقوة لأية محاولة تدفع في اتجاه تسليح المعارضة.... دفاعا عن بلدنا لأننا لا نقبل بمثل التدخلات التي يراد منها إغراق الشعب السوري في بحر من الدم وتدمير سوريا والمنطقة... وهذه الدعوات لا تهتم بمصلحة الشعب السوري بل هي نتيجة مصلحة ذاتية... اي انه ما يجمعها أنها ضد النظام في سوريا... إسرائيل أيضا ضد النظام السوري وهذا لا يعني ان نكون مع إسرائيل..
البعض في المعارضة السورية يعزو تعثر الحل السياسي في سوريا الى الموقف الروسي تحديدا... فهل ان الأمر كذلك فعلا، من وجهة نظركم؟
لا... بالعكس... أنا أرى ان مفتاح الأزمة هو بيد الروس أساسا ولذلك نحن طالبنا بتوافق دولي لحل المشكلة السورية لأن اي انقسام دولي ينعكس سلبا على الموقف في سوريا... ولهذا أيضا كان لنا موقف واضح من مؤتمر ما يسمى أصدقاء سوريا بتونس... وهو موقف مؤيد للروس في تأكيدهم على الحوار كمخرج أساسي من الأزمة...