نتج عن قرار وزير الداخلية علي العريّض «منع تنظيم التظاهرات والمسيرات وغيرها من أشكال التعبير الجماعي بكامل شارع الحبيب بورقيبة بالعاصمة بداية من يوم 28 مارس 2012، مواجهات واعتداءات على المواطنين المتظاهرين، فهل لقرار الوزير اسس قانونية؟ وهل يحق له اتخاذ مثل هذه القرارات؟
الأستاذ عبد الستار المسعودي أنكر على وزير الداخلية هذا الحق وقال إنّه قرار باطل لا يستند إلى أسس قانونية أو واقعية، وذهب إلى حدّ اعتبار عدم وجود صلاحيات قانونية تخوّل لوزير الداخلية اتخاذ مثل هذه القرارات التي تبقى حصريا من اختصاص رئيس البلدية، وهو السلطة الوحيدة المختصّة قانونا حسب ما ينصّ عليه القانون المؤرّخ في 14 ماي 1975، المتعلّق بإصدار القانون الأساسي للبلديات، اضافة الى ذلك فإنّ مثل تلك القرارات يجب أن تكون محدّدة بفترة زمنية ولا يجوز أن تكون مطلقة دون تحديد، فقرار الوزير فضلا عن أنّه ليس من اختصاصه فإنّه لم يكن محدودا في الزمن.
وأضاف الأستاذ المسعودي بأنّ القرارات التي تصدر عن وزير الداخلية يجب أن يتمّ تعليقها ونشرها للعموم بالرائد الرسمي، وهذا ما لم يتمّ، وفقا لما ينصّ عليه القانون عدد 64 المؤرّخ في 6 جويلية 1993، وتكون النصوص القانونية والترتيبية نافذة المفعول بعد مضي خمسة ايام على ايداع الرائد الرسمي المدرج به القرار بمقر ولاية تونس العاصمة.
وقال محدّثنا إنّ قرار منع التظاهر في شارع الحبيب بورقيبة كان يجب أن يصدر عن رئيس البلدية ويقع اعلام وزير الداخلية، المطالب بتنفيذه في نطاق سلطته التنفيذية واستعمال السلطة العامة عند الضرورة.
وقال إنّ الفصل 74 من القانون المؤرّخ في 14 ماي 1975، المتعلّق بإصدار القانون الأساسي للبلديات ينصّ صراحة على أنّه من اختصاص رئيس البلدية كلّ «الاجراءات التي من شأنها أن تمنع المساس بصفو الراحة العامة».
وأضاف ايضا بأنّ القرارات البلدية يتمّ ايداعها بمقرّ المعتمدية اذا كانت المداولات تعود بالنظر الى المعتمد والى الولاية اذا كانت راجعة بالنظر الى الوالي، ولا يصبح القرار نافذا الاّ بواسطة النشر والتعليق كلّما تضمّن القرار اجراءات عامة، مثل غلق طريق ومنع التظاهر به، وقال إنّ التصريح للصحافة لا يعتبر نشرا، وختم القول إنّه في حالة غلق الطرقات أمام التظاهر، لا سلطة لوزير الداخلية، فسلطته تنفيذية في هذه الحالة وليست تقريرية.
يشار الى أنّ مثل هذه القرارات تدخل في باب المقرّرات الادارية التي لها صلة بالنظام العام، ويمكن الطعن فيها أمام المحكمة الادارية في مادة تجاوز السلطة عبر قضيّة أصلية كما يمكن رفع مطلب لدى الرئيس الأوّل للمحكمة الادارية بتوقيف تنفيذ القرار الى حين البتّ في الأصل. فهل يتراجع وزير الداخلية عن هذا القرار الذي اثار جدلا ومواجهات، ربما، لسنا في حاجة لها.