استبعد السيّد فوزي اللومي القيادي البارز في الحزب الوطني التونسي أن تكون حركة النهضة تتّجه إلى عملية إقصاء جماعي وممنهج للتجمعيين والدساترة، وقال اللومي في تصريح ل«الشروق»:
أنا أنزّه السيدين راشد الغنوشي وحمادي الجبالي عن قصد التعميم ومحاولة التمهيد لإقصاء جماعي لكلّ الدستوريين والتجمعيين وفي نفس الوقت أنا أنزّه غالبية الدساترة من أن يكونوا مورطين في أعمال فساد أو ما إليها».
واعتبر اللومي أنّ الحديث عن إقصاء كلّ الّذين انتموا وانخرطوا أو تحمّلوا مسؤوليات في الحزب المنحل هو توجّه خاطئ وإلاّ فكيف سيكون بالإمكان إقصاء أكثر من 2 مليون ونصف المليون من الّذين كانوا منخرطين في التجمّع ومطالبتهم بالاعتذار عن أخطاء أو هفوات وتجاوزات غيرهم.
وأعرب اللومي عن ثقته في السياسة العامة لحركة النهضة وأحزاب الحكم حاليا في تونس وتوجّههم الحقيقي لتكريس الأبعاد الديمقراطيّة والمحافظة على مدنيّة الدولة وتمتين صلابة المجتمع ووحدته والنأي به عن كلّ مظاهر الانقسام أو التقسيم وقال: «لا أعتقد أبدا أنّهم يسيرون نحو الإقصاء».
وأوضح المتحدّث أنّ التصريحات الأخيرة لبعض قيادات النهضة لا يُمكن فهمها واستيعابها خارج الضغط الذي وقعت فيه السلطة جراء ما جدّ من أحداث في شارع الحبيب بورقيبة يوم 9 أفريل وما رافق تلك الأحداث أيّضا من توتّر وتشنّج.
وأعرب اللومي عن ارتياح حزبه للقاء الأخير الّذي جمع السيدين الباجي قائد السبسي وراشد الغنوشي وقال إنّ هناك مؤشرات إيجابيّة تدفع إلى الاتجاه الصحيح وتثبيت التعايش بين مختلف العائلات السياسيّة الوطنيّة بعيدا عن كل مظاهر الاقصاء أو الاستثناء أو الانتقام والتشفّي.
وأشار المتحدّث أنّ التجريم الجماعي على خلفيات سياسيّة مرفوض قطعا وأكّد أنّ القضاء وحده هو الكفيل بحسم ملفات المورطين في الفساد والتعذيب والتجاوزات وأنّ المحاسبة بذلك لا يُمكن أن تكون إلاّ فرديّة ولا يمكن تعميمها بشكل اعتباطي قد تكون له نتائج وخيمة على وحدة المجتمع وعلى مسار الانتقال الديمقراطي.
وأضاف السيّد اللومي: «نحن في الحزب الوطني التونسي لسنا ضدّ اعتذار ومحاسبة كلّ من ارتكب أخطاء أو جرائم ، وإن سلّمنا بالاعتذار وقمنا بتعميمه ستكون هناك سلسلة لن تقف من سيعتذر لمن؟ وإلى أيّ مدى ؟ وحسب أيّة ضوابط ومقاييس؟ ولن تنتهي المسألة بسهولة».
وأشار المتحدّث إلى وجود قلّة قليلة من الانتهازيين الّذين دخلوا التجمّع المنحل لتحقيق مآربهم، وهذه القلة «الفاسدة» و«المخطئة» يجب محاسبتها وعليها أن تعتذر عن كلّ الجرائم التي ارتكبتها وأن تتحمّل مسؤولياتها في إجراء نقدها الذاتي والتفاعل مع التحوّلات الديمقراطيّة التي تعيشها البلاد منذ 14 جانفي 2011.
واستغرب اللومي من توجّه البعض إلى إدانة كلّ الدستوريين والتجمعيين مؤكّدا أنّ غالبية هؤلاء «نظاف» وخدموا البلاد بصدق وليس أدلّ على ذلك من المكاسب والانجازات التي تحقّقت في البلاد منذ الاستقلال ، وبذلك من الظلم والتجنّي أن يتمّ تجريم الكل وشطب كلّ ذلك التاريخ تحت أيّ اعتبار أو بغاية تحقيق أيّ هدف سياسي أو حزبي ، إذ المهم اليوم هو أن ينصرف الجميع لتهدئة أمور البلاد والمساهمة في نهضتها وتقدمها وتحقيق أهداف الثورة في الحرية والكرامة التي ضحّى من أجلها الشعب لعقود طويلة.