تواجه «الانتفاضة» السورية خطر تغوّل الحركات الجهادية التكفيرية خاصة وأن القتال في سوريا بات يستقطب العديد من الجهات الإسلامية المسلحة فيما أوردت مصادر من داخل المعارضة السورية أن زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري موجود داخل «حلب» بعد أن أمنت له جهات دولية الدخول لسوريا. وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» أن هناك أدلة متزايدة على أن متطرفين إسلاميين يسعون إلى قيادة الحراك الشعبي السوري الذي بدأ على شكل هبة جماهيرية غير إيديولوجية .
نحو التطرف والإرهاب
وأكدت أن الإحباط واليأس الذي بدأ يعشش في صفوف المعارضين السوريين يمثل أحد العوامل المهمة جدا في دفعهم نحو التطرف والإرهاب . ونقلت الصحيفة عن ناشطين سوريين قولهم إن عددا قليلا ولكنه متزايد من «المتطرفين الإسلاميين» المنتمين إلى حركات جهادية عالمية يصلون بطريقة مطردة إلى معاقل المعارضة ويحاولون حشد تأييد السكان الساخطين .
كما نسبت إلى ديبلوماسيين غربيين تأكيدهم أنهم تعقبوا تقاطرا ثابتا من الجهاديين الذين يتدفقون إلى سوريا من العراق والأردن مستشهدين في هذا السياق باعتقال الحكومة الأردنية 4 متشددين أردنيين بتهمة محاولة دخول سوريا خلسة للانضمام إلى الثوار .
وأضافوا أن هذا الخطر لا يهدد فقط تجانس المعارضة السورية التي لا تزال إلى حد اللحظة «علمانية» – وفق وصفهم – وإنما يتهدد أيضا منطقة الشرق الأوسط برمتها باعتبار أن المسلحين الجهاديين من شأنهم أن يشكلوا هم بدورهم قوسا إسلاميا ممتدا من العراق إلى سوريا ومنها إلى لبنان .
وقال القيادي في «الجيش السوري الحر» عبد الله العودي : إن العالم لا يقوم بشيء للحيلولة دون إرساء هذا السيناريو الجهادي مضيفا أنه رفض عددا من عروض المساعدة من مجموعات مسلحة على شكل أسلحة وأموال وأنه متخوف جدا من نمو هذا المد الإسلامي .
وذكر مسؤولون أمريكيون وديبلوماسيون غربيون في المنطقة أن لديهم مستندات ومؤشرات عديدة على أن مجموعات شبيهة بتنظيم القاعدة تحاول ركوب الثورة السورية .
الظواهري في «حلب»
وفي سياق متصل ب«تنظيم القاعدة» , وزع أعضاء فيما يسمى بتنسيقية الثورة السورية في مدينة «الباب» بحلب شمال سوريا بيانا لجماعة مسلحة تنشط في المنطقة يؤكد أي البيان على وجود أيمن الظواهري في منطقة الباب واستعداده لقيادة «الثورة السورية» .
وأكدت مصادر إعلامية سورية مطلعة أن مثل هذا الخبر – في حال صحته فلا يمكن أن يعزل عن الصراع التركي السوري القائم حاليا على أكثر من مستوى وصعيد . ونقلت عن أحد الناشطين السياسيين في حلب قوله : لا ننكر سعي الجماعات المسلحة المتشددة إلى ركوب موجة الحراك الشعبي في سوريا ولكن أمام قمع النظام لا يمكننا إلا أن نستعين بهم أيضا فهم يمتلكون خبرة قتالية كبيرة اكتسبوها من حربهم في العراق وأفغانستان واليمن وبإمكانهم إسقاط النظام الذي «حسب تعبيره» يستعين بمجموعات قتالية إيرانية .
ويرى مراقبون أن دخول «القاعدة» على خط الأزمة السورية من خلال – قائدها أيمن الظواهري أو من خلال قياداتها في الصف الأول يشير إلى خطر أمني واستراتيجي يعصف بالمنطقة برمتها منزلين ورقة القاعدة في سياق الرد التركي المحتمل على خطر حزب العمال الكردستاني الذي تصوره أنقرة على أنه بيدق كردي في يد دمشق . وعلى الرغم من صعوبة التأكد من هذه المعلومات ومدى صحة فإن الأكيد أن الظواهري قد أبدى دعمه المطلق والكامل ل«الثورة السورية» في أكثر من تسجيل صوتي ومرئي داعيا من نعتهم ب«أسود الشام» إلى استحضار نية الجهاد في قتالهم .
الحرب الأهلية ؟
وفي خضم هذه التسريبات الخطيرة, حذر وزير خارجية لوكسمبورغ جان أسلبورن أمس من ان سوريا تواجه خطر الانزلاق في حرب أهلية طاحنة في حال فشل خطة كوفي عنان. وقال أسلبورن : في حال فشل خطة عنان سنشهد في سوريا حربا أهلية كاملة .. إنها الفرصة الأخيرة لنا كمجتمع دولي ذلك أن الحل العسكري لأزمة سوريا ستكون كلفته عشرات الآلاف من الضحايا ولذلك نحتاج لإيجاد حل سياسي وأيضا بذل كل الجهود لزيادة الضغط على النظام لوقف العنف والسماح بالمساعدات الإنسانية لضحايا العنف وبدء الحوار الوطني .