واصلت لجان المجلس التأسيسي امس جلسات استماعها واستضافت لجنة السلطة التنفيذية والتشريعية والعلاقة بينهما الخبير القانوني عياض بن عاشور الذي قال بن عاشور انه لا يجب إفراغ رئاسة الجمهورية من سلطاتها. واضاف ان هذا الاجراء لا يتماشى مع العقلية التونسية التي تحمل صورة رمزية عن الرئيس ..مشيرا الى وجوب اعطاء السلطات السيادية للرئيس ويجب ان يكون له ان حق رفض ختم واصدار القوانين ويطلب من البرلمان قراءة ثانية اضافة الى اعتماد السفراء ..
وفي شرحه لجزئيات النظم التي يمكن اعتمادها قال بن عاشور ان النظام البرلماني المحض يتميز بعدم الاستقرار ويشجع على التجاذبات مشيرا الى ان النظام السياسي الذي من المحتمل اختياره اما ان يكون نظاما برلمانيا معدلا او رئاسيا معدلا .وعن النظام البرلماني قال ان القرارات فيه تُتخذ في لعبة سياسية بين البرلمان والحكومة في سياق تفاعل بينهما...
وفي توضيح للاختلاف بين النظام البرلماني المحض والبرلماني المعدل وأشار الى وجوب انتخاب رئيس الجمهورية لكن هذا النظام يبقى برلمانيا نظرا للاختصاصات التي يتمتع بها البرلمان.
و كان بن عاشور في بداية مداخلته قد اشار الى مشروع الدستور الذي اعده والذي قدمه للجنة مؤكدا ان هذا تم الاعتماد في كتابته على تبسيط المشهد الدستوري والتخفيف والتيسير مضيفا انه من المستحسن ان يكون النظام البرلماني قائما على غرفة واحدة وذلك ربحا للوقت وللتكلفة وتقوية لمشمولات السلطة التشريعية.
تمييز وضوابط
كما اشار بن عاشور الى حذف هياكل كانت موجودة كالمجلس الاقتصادي والاجتماعي وانه لم يتم الابقاء الا على الهيئة المستقلة للانتخابات ..اضافة الى التخلي عن التمييز بين القانون الاساسي والقانون العادي موضحا ان هذا التمييز الذي كان موجودا في السابق تم استيراده من التجربة الفرنسية .
اما عن الدستور المنتظر كتابته قال عياض بن عاشور ان جميع المسائل والجزئيات تتعلق باختيار النظام السياسي مشيرا الى ان مسالة اختيار النظام السياسي هي «مسالة سياسية وليست مسالة تتعلق بالخبراء» موضّحا ان مشروع الدستور الذي قدمه كان مبنيا على اعتبار ان النظام الذي سيتم اعتماده هو النظام البرلماني .
وفي نفس السياق اشار بن عاشور الى محورية السلطة الترتيبية العامة واشار الى انها ترتبط بالنظام السياسي القائم فاذا كان النظام برلمانيا تكون في يد رئيس الحكومة اما اذا كان النظام رئاسيا فهي في يد رئيس الجمهورية .وفي سياق اخر اكد بن عاشور على ضرورة دسترة الهيئة العليا للانتخابات التي يجب ان تبدا عملها من الان.
وفي نقاش مداخلة عياض بن عاشور الذي كان مصحوبا بمجموعة من الخبراء (معز القرقوري وسلمى السويد وسلسبيل القليبي وعمر البوبكري ولمياء ناجي ) طرح اعضاء اللجنة مسالة صلاحيات الرئيس في النظام البرلماني المعدل التي و ان كانت رمزية فهي تتناقض مع مبدا انتخابه ..كما اشار وليد البناني (عضو المجلس التاسيسي عن حركة النهضة ) الى ضرورة التطرق بالشرح والتفسير لمسالة عدم استقرار النظام البرلماني و اقترح فرض نسبة على الاحزاب تتراوح بين 5 %او 10% على الاحزاب لدخول البرلمان ..اضافة الى مسالة حل البرلمان التي تبقى بيد رئيس الدولة.
واجابت الخبيرة في القانون لمياء ناجي ان كل النظم السياسية و بالرغم من اختلافاتها فهي تكفل التوازن بين السلط واستشهدت وتطرقت الى ضرورة ارتباط كل نظام بطبيعة الدولة التي ستطبقه مستشهدة بالتجربة الامريكية التي تعتمد النظام الرئاسي الذي فشل في تونس لعدة اعتبارات..مشيرة الى ان النظام البرلماني المحض الذي نجح في بريطانيا ليس بالضرورة ان ينجح في تونس.
ضرورة دسترة الهيئة العليا للانتخابات
اما لجنة الهيئات الدستورية فقد خصصت جلسة استماعها الى عضو الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الاستاذة منية العابد التي اكدت على وجوب التنصيص على استقلالية هذه الهيئة في الدستور مشيرة الى ضرورة حياد اعضائها واعتماد مبدا التناصف .
كما اضافت انه يجب ان يكون لهذه الهيئة المستقلة سلطة تقريرية حتى لا تكون هيئة فاقدة للقدرة على التحكم في صلاحياتها وان يتعرض القانون الانتخابي لكل هذه النقاط وذلك لضمان استمراريتها وديمومتها.
لا يجب طرح البلديات والجهات كدويلات داخل الدولة
اما لجنة الجماعات العمومية والجهوية والمحلية فقد استمعت الى الخبير في القانون كمال بن مسعود الذى تحدث عن رقابة الاشراف واعتبر انها جملة الوسائل القانونية التي تعتمدها الدولة للتحقق من مدى احترام الجماعات العمومية للقوانين والتراتيب والتي قد يواجهها عديد المعوقات على غرار قلة الموارد المالية والبشرية والهيمنة الحزبية. وفي هذا السياق اشار بن مسعود الى اللامركزية الترابية المحلية والجهوية التي قد تفضي الى تهديد وحدة الدولة اذا ما تم وضع تصور للبلديات او الجهات كدويلات داخل الدولة. كما اشار بن مسعود الى ضرورة مراجعة منظومة القضاء الادارى واحداث محاكم ادارية بالجهات لتيسير النفاذ اليها وتخصيص دوائر للنظر في نزاعات الجماعات العمومية والمحلية والجهوية.