على مدى الاشهر الاخيرة تواترت مظاهر العنف والتخريب والحرق بعديد معتمديات ولاية قفصة وقد وصلت حد التقاتل على خلفية صراعات عروشية تنتهي بسقوط ضحايا تجاوز عددهم العشرين في المتلوي والمظيلة والسند والقصر، وهوما أثار استياء أهالي قفصة لما فيه من تهديد للأمن وتعطيل لمنوال التنمية والاستثمار. «الشروق» استطلعت آراء مواطنين من مختلف الشرائح الاجتماعية في الموضوع فكان الاجماع حاصلا حول انتقاد هذه الظواهر والدعوة الى التعقل والتفكير في مصلحة الجهة ومستقبل اجيالها فالسيد محمد الدالي( موظف 36سنة) قال لقد اصبحنا في الجهة محسوبين على اقلية تمارس اعمال التخريب وتقطع الطرق بطريقة انتهازية لا تحترم المصلحة العامة للجهة ويضيف محدثنا انه بعيدا عن المبررات الواهية التي يسوقها بعضهم فإنه على الجميع ان يضعوا اليد في اليد من اجل الاهتمام بمشاغل التنمية الحقيقية بطرق حضارية وعقلانية حتى تكون ولاية قفصة عاصمة الجنوب الغربي بحق كما يريدها ابناؤها الغيورون ويؤكد السيد محمد ان للجهة امكانيات وطاقات قادرة على جعلها افضل مما هي عليه الآن لو نظر الجميع الى المستقبل ويرى ان مسؤولية النخب والمثقفين كبيرة للخروج بالجهة من مسار الفوضى.
أما السيد محمد الصالح صميدة (تاجر) فقد قال انه من المفارقات ان يتحدث بعضهم عن توفير مواطن الشغل وبعث المشاريع في الوقت الذي تفتقر فيه الجهة للإستقرار الأمني والاجتماعي مشيرا الى عدم عودة المنظومة الامنية الى فعاليتها وجرأة الكثيرين على تجاوز القانون دون رادع مما خلق حالة عامة من التسيب أثرت سلبيا على نسق الحياة بالجهة في شتى المجالات واضاف السيد محمد الصالح ان اعمال التخريب والفوضى التي تعرفها الجهة بصفة متواترة لا مبرر لها وأرجعها محدثنا الى عدم وعي بعضهم وأنانيتهم المفرطة وغياب التحسيس بمخاطر هذه الافعال على مستقبل ابناء الجهة وتساءل السيد محمد الصالح عن سبب غياب دور ايجابي للاعلام في التعاطي مع هذه الظواهر بالجهة مشيرا الى ان عديد وسائل الاعلام تريد فقط تحقيق السبق الصحفي في نقل اخبار القتل والحرق والتخريب لكنها لا تنقد الممارسات الخاطئة وتوعية الناس بخطورتها منتقدا ايضا الاحزاب في معالجة هذه الظواهر.
مسؤولية الحكومة والعقلاء
السيد منصف السعيدي (الكاتب العام لنقابة المالية بقفصة) بدا متأثرا لما تشهده الجهة من توتر موجها لومه الى الحكومة والجهات الامنية التي لا تتدخل إلا في وقت متأخر عند وقوع التجاوزات من غلق الطرقات وغيرها مضيفا ان ترك بعضهم يفعلون ما يريدون ثم الالتجاء الى الايقافات بعد ذلك من شأنه ان يخلق مزيد التوتر وردود الفعل العنيفة واشار السيد المنصف الى غياب الادوار الايجابية للعروش والعقلاء للحد من التوترات الاجتماعية مؤكدا ان عديد الاحداث التي جدت بالجهة شوهت صورة المنطقة عموما سواء داخل البلاد أو خارجها وهو ما يؤثر حسب محدثنا على نوايا الاستثمار الداخلي والخارجي وألح على تعزيز التواصل مع الناس من خلال الاجتماعات واللقاءات التحسيسية وأكد في هذا الصدد على دور الاحزاب والمجتمع المدني بعيدا عن التجاذبات غير المجدية مشيرا ايضا الى دور وسائل الاعلام في نقد الظواهر السلبية وطرح الافكار الايجابية
أما الانسة لبنى عميد (مضيفة) فأشارت الى ان مظاهر التوتر لا توجد بقفصة فقط لكن الجهة حسب رأيها سلطت عليها الأضواء كثيرا وأضافت ان العروشية في بعدها السلبي ساهمت في تعميق المشاكل بالجهة وهو ما يتطلب من وجهة نظرها دعم الحوار وتعزيز الأمن وإعطاء صورة حقيقية عن مستوى التحضر لأبناء الجهة الذي يحاول بعضهم عن قصد أو بغير قصد أحيانا طمسه من جهتها تحدثت الانسة رباب سليمان (إجازة في التصرف)عن ظاهرة العنف والفوضى بالجهة رابطة ذلك بحالة الاحباط لدى شرائح من ابناء الجهة لكن مع ذلك لا تبرر رباب احداث العنف والتخريب التي تراها تؤثر على الاستثمار ولا توفر حلولا لمشكل البطالة واضافت انه من الضروري دعم الأمن بالجهة وقيام الجمعيات ووسائل الاعلام والعائلات بدور ايجابي في الحث على التهدئة وتحسين صورة الجهة وهوما يوافقها فيه الشاب حمدي بوترعة (التقني في الاكترونيك الصناعي) الذي اشار من ناحية ثانية الى ان الجهة عرفت تهميشا طويلا جعلها خارج دائرة التنمية وهو ما يدعو حسب رأيه الى التفكير الجماعي الايجابي في المسقبل مع اقتراب المسؤولين والسياسيين من المواطنين وتفهم مشاغلهم كما ان أبناء الجهة يضيف محدثنا مطالبون بتحسين صورة جهتهم كل من موقعه وأكد في هذا النطاق على اهمية دور الاسرة في التوعية والتحسيس .
أما الطالبة بسمة رجب فربطت ظواهر العنف بعمق ازمة البطالة لدى الشباب الذى كثرت مظاهر احتجاجه حسب رأيها على المحسوبية والرشوة ومع ذلك فهي تعتقد ان تجاذبات وحسابات سياسية وعمليات مشبوهة وراء بعض الاحداث العنيفة التي شهدتها الجهة وهوما يدعوحسب بسمة الى تكاتف المجهودات لتجاوز هذا الوضع وتشجيع المستثمرين على القدوم الى قفصة وبعث المشاريع المشغلة فيها مؤكدة ان لقفصة امكانات وامتيازات عديدة تؤهلها لتكون قطبا تنمويا وهوما تحمست للتعبير عنه صديقاتها ليلى عرعاري وإيناس نايلي اللتان أكدتا انه من الممكن تحسين صورة قفصة وجعلها متألقة جذابة إذا أحسن أبناؤها اليها .
ومن جهته أفادنا السيد علي كراولي (رئيس كنفدرالية المؤسسات المواطنة بقفصة) انه من المهم دعم مجهودات المجتمع المدني في مجال تحسيس المواطن وتأطيره مع تعزيز الحوار والعمل المدني والتسلح بالصبر والتعقل حتى نجعل من الجهة وجهة محبذة للمستثمرين بما يساعد على دفع مسيرة التنمية بها.