أسفرت الانتخابات الأخيرة كما هو معلوم عن هيمنة «الترويكا» على الحكومة هذه الوضعية فرضت على الأحزاب المنهزمة والقوى السياسية المستقلة العمل على الاندماج وطرح مبادرات سياسية جديدة قد تعيدها الى الساحة السياسية بأكثر قوة. فما هي افق هذه المبادرات وما هي شروط نجاحها؟. يقول السيد محسن مرزوق الذي انضم لمبادرة السيد الباجي قايد السبسي «شروط نجاح هذه المبادرة تعتمد على مدى التزامها بعدة معطيات أهمها التحليل السياسي للواقع كما هو موجود وليس على اختيارات ايديولوجية سابقة للواقع وكذلك تحليل ميزان القوى من أجل بناء مبادرة هدفها حزب سياسي يحقق توازن الاختيارات بالنسبة للقواعد على أن تكون اختياراته سوسيولوجية وليس ايديولوجية وتتوجه الى فئات متعددة ويبني التحالفات التي تعبر عنها فليست المشكلة في التوحيد من أجل التوحيد». وحول كيفية بناء هذه المبادرات يضيف «البناء يجب أن يكون على أسس ديمقراطية وفتح المجال أمام الانخراطات الواسعة وترك صناديق الاقتراع تحدد فلا يمكن لأسلوب المحاصصة أن يؤدي الى نجاح أي حزب وكذلك لا بد من تجديد الخطاب والرؤية والزعامات دون أن يعني ذلك استبعاد الزعامات الموجودة ولكن باضافة وجوه ومقاربات جديدة لأنه لا يمكن أن نجمع القديم مع بعضه فحينما تتوفر هذه المؤشرات يمكن القول اننا بصدد بناء شيء جديد أما اذا تعذر ذلك فينطبق عليه المثل الشعبي «التجديف في الشايح» بمعنى هناك مجهود وعرق وأناس يجدفون والمركب واقف على الضفة اليابسة ولا يتحرك. عدم التداخل بين الحزب والحكومة السيد سعيد العايدي الوزير السابق وعضو المكتب التنفيذي للحزب الجمهوري الجديد فيقول في نفس الاتجاه «مسار التوحيد انطلق بين القوى الديمقراطية بعد الانتخابات حتى تتمكن من تمثيل قوي وتفتح آفاقا أمام المواطن. والتوحيد تم على أساس القيم المشتركة والتقييم المشترك مع ضرورة اعتماد مراحل صحيحة وغير متسرعة فالعمل الميداني أصعب من التخطيط على الورق» أما المراحل المتبعة فهي حسب محدثنا تمر عبر الهياكل الجديدة للحزب التي يجب أن تكون ديمقراطية وصلبة وواضحة وتجلب احترام المواطن قائلا «عندي أمل كبير في نجاح المبادرات الثلاث أي مبادرة الباجي قايد السبسي والمسار والحزب الجمهوري لتصبح معارضة قوية في ظل حاجة البلاد المؤكدة لذلك مما يتيح للمواطن تعدد الاختيار في ظل التداخل الحالي بين الحزب والحكومة التي أصبحت تمثل الحزب ولا تمثل الشعب التونسي. وحول وضع الحزب الجمهوري الجديد يقول السيد سعيد العايدي «رغم بعض الصعوبات التي ظهرت بعد الانتخابات التي تميزت بالديمقراطية والشفافية فلا بد من مواصلة العمل لبناء هياكل الحزب على أسس ديمقراطية مع الأمل أن يعود الجميع ونتجاوز هذه الفترة بنجاح» كما أضاف أن للحزب ثلاثة هياكل أساسية وهي اللجنة المركزية والمكتب التنفيذي والمكتب السياسي والتي تعمل على تطبيق خارطة الطريق واضحة المعالم واللوائح المصادق عليها في المؤتمر وسيعمل الحزب كما قال على الاتصال المباشر بالمواطنين لتوضيح برامجه معتبرا أنه باستطاعتهم تمثيل غالبية التونسيين رغم ما يعترض العمل الميداني من صعوبات تجلت في بعض الاعتداءات لناشطين من المجتمع المدني. استرجاع الثقة وفي نفس السياق كذلك يقول السيد فؤاد بوسلامة الناشط السياسي ضمن مبادرة الحزب الوطني التونسي الذي يضم عدة أحزاب « مبادرة السيد الباجي قايد السبسي على سبيل المثال تهدف الى وضع تونس في المسار الصحيح وتحقيق الانتقال الديمقراطي فالمواطن فقد ثقته في الأحزاب السياسية ولذا يجب استدراجه عن طريق مبادرات وتوجهات تحقق حولها الاجماع وتوازي ما أصبحت تمثله النهضة من ثقل سياسي وهذا التوجه يبدأ أساسا بالتمهيد للمشاركة المكثفة في الانتخابات المقبلة وتحقيق الرهان المطلوب فالثورة ليست اسلامية لا من حيث المبدأ ولا من حيث الأهداف بل هي قامت على أسس يتفق حولها عموم الشعب التونسي من أجل الكرامة والعدالة والديمقراطية» وحول سبل انجاح هذه المبادرات يضيف السيد بوسلامة «لا بد من الاعتماد على قواعد المجتمع المدني التي ليس أمامها من خيار سوى التوحد حول مبادرة مشتركة قد تكون مبادرة السبسي أحد منطلاقتها بما أنها نبعت من شخصية مناضلة تملك خبرة سياسية كبيرة وتحسن توحيد لغة الخطاب ولم الشمل كما أن منطلقات المبادرة هي بعض الصعوبات التي ميزت الوضع الحالي على غرار الأمن والاعلام والقضاء والبطالة كما أن هذه المبادرة من شأنها تأمين العدالة الانتقالية حتى لا تكون تأمينا للانتقائية واختيارات فئة معينة كما أن المبادرة هي اعلان مبادئ فيها تحول منطقي تشاركي للتصدي لكل تيار متطرف والهدف منها المصلحة الوطنية لا غير» وفي الأخير شدد محدثنا على قيمة عمل الحكومة الحالية رغم صعوبات الوضع الميداني لكن وجود مبادرات وأفكار مقابلة حسب رأيه ضروري للتحول الديمقراطي ويخدم مصلحة الحكومة والبلاد على المدى المتوسط والبعيد كما نادى محدثنا بضرورة فتح المجال أمام الخبرات وأهل الاختصاص لمساعدة الحكومة في مواجهة الصعوبات الحالية من أجل المصلحة العامة لا المصلحة الحزبية الضيقة.