لا شيء تغير في قطاع المسرح التونسي، بل الوضع أسوأ مما كان... هذا تقييم المسرحي جمال ساسي للوضع داخل ساحة الفن الرابع، وله مبرّرات كثيرة لتقديم هذه النظرة منها ماهو هيكلي ومنها ماهو إداري وأيضا سياسي. تفاصيل هذا التقييم في الحوار التالي مع الفنان المسرحي جمال ساسي.
احتجبت منذ فترة، فما جديدك؟
أعمل... لي مسرحية جديدة بعنوان «قمرة14» من تأليف فاتن الخميري، وتمثيل فتحي بوسهيلة وفاتن الخميري أيضا، وهي من إخراجي وتوضيب محمد صالح المداني وإنتاج «عطيل للانتاج الفني».
وهل العمل مدعم؟
مدعم من وزارة الثقافة بمبلغ قدره 15 ألف دينار.
وهل يكفي هذا المبلغ لانجاز عمل مسرحي جدّي؟
هذا أحد المشاكل التي يعاني منها القطاع، فمن هذا المبلغ الزهيد نصنع الديكور ونمنح أجور صاحب النص ومصمم الديكور وإنجاز الديكور، اضافة الى أجور الممثلين والتقنيين، والحقيقة هذا الوضع لا يخصنا نحن فقط، بل هو يشمل كل الزملاء تقريبا مع بعض الاستثناءات.
لم يتغير شيء إذن؟
طبعا، لا شيء تغير، بل أكثر من ذلك، الوضع صار أكثر سوءا، المسألة لا تتعلق بتعيين وزير، المسألة هيكلية، نحن في حاجة الى قوانين جديدة تنظم القطاع ليعرف المسرحي ما له وما عليه، لا بدّ من قوانين استشرافية، القوانين القديمة تجاوزتها الأحداث.
اضافة الى القوانين، ماهي مطالب المسرحيين؟
عندما تسن القوانين يمكن أن تُعاد هيكلة القطاع، من اسناد بطاقة الاحتراف الى دعم الانتاج والعروض وغيرها من المسائل التي تعيق تطور القطاع.
من مطالبكم الترفيع في قيمة الدعم؟
نعم حجم الدعم لم يتغير منذ سنوات على الرغم مما يحدث في المجتمع من ارتفاع في الأسعار وارتفاع كلفة الحياة، فنحن نعمل في المسرح وهذه هي مهنتنا، أحيانا نتحصل على دور في التلفزة أو في السينما، لكن هذا ليس مضمونا، لذلك نحن نطالب الترفيع في منحة الدعم وأيضا منحة العروض.
كم هي منحة العروض؟
المنحة لا تتجاوز 1500 دينار، منها النقل والأكل وبقية المصاريف، هذا فضلا عن أجور المشاركين في العمل...
ربما امكانات الوزارة لا تسمح بالترفيع في هذه المنح؟
هذا وارد، لكن هناك حلول أخرى.
مثلا؟
توظيف الممثلين والمسرحيين بصفة عامة في هياكل وزارة الثقافة أو في وزارة التربية، من شعارات الثورة «التشغيل» ونحن نطالب كمواطنين بالشغل أيضا...
ما تقترحه من تجديد القوانين وإعادة هيكلة يحتاج الى قوة دفع لتحقيقه، فهل هذا متوفر في قطاع المسرح؟
مع الأسف غير موجود، القطاع ممزق ومتشرذم، هناك ثلاث تيارات، تيار يدفع بجدية وصدق نحو التغيير وتنظيم القطاع وتيار انتهازي يريد التموقع من جديد من خلال الضغط على وزارة الثقافة ليصبح هو الممثل الشرعي والوحيد للمسرحيين لدى سلطة الاشراف، وتيار آخر يقف على الربوة ينتظر ما سيحصل.
ونقابتكم أين هي؟
اندثرت، كان من المفروض أن يعقد المؤتمر الانتخابي في ديسمبر 2010، لكنه لم يعقد وانفجرت التركيبة والحقيقة أن النقابة لم تقدم شيئا للمسرحيين.
والبديل؟
نحن بصدد تأسيس نقابة للمسرحيين المتفرغين، ودخلنا مرحلة الاعداد للمؤتمر التأسيسي ومشكلنا هيئة تتركب من جمال العروي وحافظ خليفة وحسن المؤذن ووداد العلمي وفوزية ثابت ومحدثكم، خلال شهر سنعقد المؤتمر الأول للنقابة.
اضافة الى المشاكل الداخلية للقطاع، هل هناك عوائق أخرى تحول دون تحقيق تطور في المجال؟
في العهد السابق كنا ندافع عن موقعنا في المجتمع وكنا في صراع مع النظام باعتبار أنه كان يعتبر الثقافة عجلة خامسة، لكن اليوم الخوف من التعصب والتطرف، الرقابة في السابق كانت واضحة ومعروفة، لكن اليوم لا نعرف من يهاجمك ويمنعك من العرض، هناك خوف أيضا من عدم انسجام أهل المهنة، الوضع خطير، الممثل المسرحي لا يجد قوت يومه، هل هذا ما بشرت به الثورة؟!
هل من جديد في التلفزة خصوصا وأنه انطلق انجاز الأعمال الرمضانية؟
لا يبدو أنني سأكون بعيدا عن انتاجات رمضان هذا العام.
علاقتك سيئة بالتلفزة؟
لا، علاقتي جيدة، لكن الاشكال في قلة الأعمال، انتاجنا الدرامي موسمي، وهي وضعية يجب أن تتغير، المواطن التونسي يريد مشاهدة الانتاج التونسي والتجربة أبرزت ذلك، لا بد من وضع استراتيجية جديدة للانتاج حتى يصبح على امتداد الموسم.
لكن الانتاج مكلف والمستشهر لا يتعامل إلا مع الانتاجات الرمضانية؟
لأن التلفزة أرست هذا التقليد وعليها العمل على تركيز سياسة جديدة وخلق عادة إنتاجية تمتد على كامل الموسم وحينها سيأتي المستشهر. المهم هي قيمة الأعمال... عندما تغيرت الاخبار صار لها مستشهرون، مشكلة التلفزة أنها تصنع النجوم ثم تهمشهم.