قدم المخرج السينمائي رضا الباهي الثلاثاء الماضي بقاعة سينما المونديال بالعاصمة، عرضا خاصا للاعلاميين والصحافيين، لفيلمه الجديد «ديما براندو». ويقوم بأدوار البطولة في الفيلم الذي كتبه المخرج الى جانب الاخراج الممثلون أنيس الرعاش ومنال بن عمارة ولطفي العبدلي والممثل الراحل سفيان الشعري،
ومحمد الأرناؤوط، وغيرهم من الممثلين كما يقوم المخرج رضا الباهي بدور الراوي أو السارد في الفيلم الذي يزاوج بين الوثائقي والروائي.
ديما براندو
ويصور الفيلم رحلة شاب تونسي، «أنيس» (أنيس الرعاش) يحلم بالهجرة الى أمريكا، وتحديدا الى هوليوود في لوس أنجلس حيث يدفعه شبهه بالنجم الأمريكي مارلون براندو، الى التعلق بهذا الحلم، وخصوصا بعد ايهامه من قبل فريق سينمائي أمريكي يحط في قريته لتصوير عمل سينمائي، بأنه قادر على العمل في هوليوود والشهرة فيها لما يتمتع به من شبه كبير مع أسطورة السينما الأمريكية فيقدم على فعل أي شيء مقابل تحقيق هذا الحلم الذي يتحول في نهاية الفيلم الى كابوس، بدءا من بيع «أنيس» لجسده وعرضه وصولا الى غرقه في عرض البحر، وعودته في تابوت.
براندو
ويحمل بطل الفيلم في الحقيقة هواجس المخرج رضا الباهي في علاقته بالسينما والعالم الآخر الغربي الذي ينظر الى العرب والمسلمين وخصوصا بعد أحداث 11 سبتمبر، كمتخلفين وارهابيين وهي في الحقيقة نظرة استشراقية قديمة روج لها المستشرقون القدامى وحتى الجدد أمثال جون الترمان وتبدأ علاقة رضا الباهي بالسينما منذ فاتحة الفيلم حيث يظهر جالسا قبالة حاسوبه يكتب عشقه لأفلام مارلون براندو منذ أن كان مراهقا في السابقة عشر من العمر. وبقدر تعلقه ببراندو لعبقريته الفنية ومواقفه السيابعة المساندة للأقليات (الهنود الحمر في أمريكا) والقضايا العادلة في العالم (القضية الفلسطينية) يستحضر المخرج احداثا سينمائية عايشها في مراهقته مثل تصوير فيلم «لص بغداد» في الجامع الكبير بالقيروان وما عقبه من احتجاجات وهنا يقدّم المخرج موقفه من مثل هذه الأفلام ومن الشركات ومن المفكرين الذين يقفون خلفها لتشويه صورة العرب والمسلمين وذلك باستحضار صور ومشاهد من أفلام أجنبية قديمة صورت في تونس. كما لم يتردد المخرج في استحضار مشاهد من أفلامه تعكس هذه الصورة مثل «شمس الصباح» و«العتبات الممنوعة».
ثورة 14 جانفي وزيف السرديات الاستشراقية
«ديما براندو» فيلم حاول من خلاله رضا الباهي تقديم رؤيته للسينما ضمن مشروع مختلف من حيث الطرح او التناول عن أفلامه السابعة ولكنه منتم لها من حيث الموقف والأفكار حتى أن ورود اسم المفكر العربي إدوارد سعيد في الإهداء يكشف «الموقف الشخصي» للمخرج في علاقته بالغرب والسرد الاستشراقي بالخصوص.
وإذا كان أدوارد سعيد الذي انتقد المستشرقين طويلا بسبب الصورة القبيحة التي ظلوا يروجونها عن العرب والمسلمين قد رحل قبل ان يعيش الثورات العربية التي كذبت هذه الصورة فإن رضا الباهي المتأثر كثيرا بأفكاره قد عايش تحقق هذه الافكار وزيف السرديات الاستشراقية. فالعقل الغربي لا يمكنه قبول فكرة أن هذه المنطقة العربية يمكنها الوقوف خلف اي شيء إيجابي أو مفيد. ولعل ما حدث في تونس يوم 14 جانفي 2011 كذب العقل الغربي.