المصادقة على قانون المالية التكميلي وأداء النواب في المجلس التأسيسي والحديث عن موعد لإنهاء كتابة الدستور ومنح التأشيرة لأول حزب سلفي في تونس والانتخابات الجزائرية... أحداث ميزت هذا الأسبوع ويقدّم الدكتور منصف وناس قراءته لها. أستاذ علم الاجتماع بالجامعة التونسية ركّز في قراءته لأحداث الأسبوع على الانتخابات الجزائرية وتداعياتها المحلية والإقليمية، كما انتقد تباطؤ المجلس التأسيسي في العمل على صياغة الدستور وتركيزه على العمل التشريعي أكثر من العمل التأسيسي، وأبدى عدم ارتياحه لمنح تأشيرة العمل القانوني لحزب جبهة الإصلاح وعدم تفاؤله بتغيّر إيديولوجيا التيار السلفي وانخراطه في المسار الديمقراطي. المصادقة على قانون المالية التكميلي
التصويت خطوة إيجابية من أجل توفير الاعتمادات الضرورية لعمل الحكومة ونعتبر أنّ النقاش الذي حصل ظاهرة طبيعية صحية، فيه اختلاف في الرأي وتباين في المواقف، وهذا يجب أن يُقال بغضّ النظر عمّا يدور من حديث عن أداء النواب في المجلس التأسيسي... هي إذن خطوة مهمة وإيجابية لتدعيم أداء الحكومة خاصة أن هناك مشاكل كبيرة في البلاد في مجال التشغيل خاصة نأمل أن تعطي المصادقة على هذا القانون نتائجها العمليّة.
أمّا بخصوص ظاهرة التغيّب عن جلسات المناقشة فهذه ظاهرة قديمة في تونس، فالمجالس النيابية من المجلس القومي التأسيسي إلى مجلس النواب الأخير شهدت غيابات كبيرة في حضور جلسات النقاش التي جرت أحيانا بأقل من نصف النواب، ولكن لا بدّ من الإشارة أيضا إلى أنّه من الصعب على النائب أن يوفق بين مهنته وواجبه في المجلس، فهذا محام وهذا صيدلي وهذا أستاذ، ومن غير اليسير القيام بالمهمتين دون تقصير. وضع روزنامة لإعداد الدستور وإجراء الانتخابات
هذه رسالة موضوعية وصادقة ونزيهة وتدلّ فعلا على رغبة من رئاسة المجلس التأسيسي في أن يتمّ إنهاء كتابة الدستور، لأنه إلى الآن مرّت 6 أشهر ولم نشهد تقدّما فعليا في مسودة الدستور، علما أنّ هذه العملية هي الوظيفة الوحيدة التي كان من المفروض أن يشتغل عليها المجلس ولكن ما نراه هو إغفال الوظيفة التأسيسية والتركيز على الوظائف التشريعية ومراقبة عمل الحكومة، والمطلوب اليوم هو خلق شيء من التوازن بين هذه المهام.
ورغم أنّ عمل اللجان التأسيسية المكلفة بصياغة الدستور لم يتجاوز الثلاثة أشهر (من 13 فيفري 2012) فإن هناك تأخيرا واضحا في كتابة الدستور وهي أهم وظيفة، وبغض النظر عن اختلاف القراءات نأمل أن يتم تدارك هذا التأخير. منح تأشيرة لأول حزب سلفي
لديّ سؤالان في هذا الباب: هل هذا الصنف من الإيديولوجيا يمكن أن يتعايش مع الديمقراطية ويحترم مستلزماتها وقوانينها وضوابطها الأخلاقية والنظرية والعملية، وهل هذا الصنف من التيارات مقنع في عمله؟ لا أعتقد ذلك وبالتالي لا أتوقع خيرا من هذه الخطوة، فهذا التيار أراه خارج اللعبة الديمقراطية ومع ذلك نُبقي على بعض الأمل، ونتمنى أن يحصل تطور فكري داخل هذا التيار وان يُطوّر مرجعياته الإيديولوجية ويقبل الاختلاف ويقتنع بشرعية الدولة، لكنني استبعد ذلك. أعتقد ان نتائج الانتخابات الجزائرية لم تشكّل أي مفاجأة وقد كانت متوقعة، ولكن فقط كنت أنتظر تقدّم التجمع الوطني الديمقراطي على جبهة التحرير الوطني وأن يحلّ تحالف الجزائر الخضراء ثانيا، لكن النظام الجزائري خيّر ان تسير الأمور بطريقة مختلفة وأن تكون النتائج دون مفاجآت حرصا على منع الارتباك السياسي في صلب الدولة، كما فضّل النظام أن يعتمد على تحالف بين الشرعية التاريخية ممثلة في جبهة التحرير الوطني والشرعية الديمقراطية (التجمع الوطني الديمقراطي) والشرعية الدينية (الأحزاب الإسلامية الثلاثة المقرّبة جدّا من السلطة).
ويعتقد النظام الجزائري أن هذا الحكم القائم على «الترويكا» يسهّل مواجهة التحديات الكبرى التي تمر بها الجزائر، فالجزائر تواجه بلدا يعيش حربا أهلية منذ أشهر وتتجول في أرجائه ملايين قطع السلاح، إضافة إلى مالي المهدّدة بالسقوط بكاملها بأيدي تنظيم «القاعدة» وحركة الطوارق المتمردين بكلّ ما يشكّله ذلك من تشجيع ل «القاعدة في المغرب الإسلامي» أضف إلى أنّ «القاعدة» الآن تتمدّد من جنوبالجزائر إلى شمال مالي والنيجر وتستعدّ للاستقرار في الصحراء الإفريقية.
هناك إذن صعوبة بالغة بالنسبة إلى الجزائر أرادت ان تواجهها من خلال تجنب الارتباك، كما أن الجزائر تعلم أن دولا عربية وأوروبية تخطّط لقيام ثورة فيها انطلاقا من ليبيا ومالي بل إن الحكم الجديد في ليبيا يهيئ ويشارك في إعداد ثورة في الجزائر والسلطات الجزائرية على علم بذلك... الجزائر اليوم في قلب الإعصار وربما تعيش عشية انفجار كبير لذلك لا ندري كيف ستساهم هذه الانتخابات في تجاوز المحنة.