كاس العالم تحت 17 عاما: النمسا والبرتغال الى النهائي    حجز سيارة وإيقاف مروجيْ زطلة بهذه الولاية..#خبر_عاجل    عاجل/ الافراج عن هؤلاء..    السفير الامريكي الجديد: "نتطلع إلى بدء فصل جديد من التعاون في مسيرة العلاقات بين الولايات المتحدة وتونس"    عامان سجنًا مع تأجيل التنفيذ لرئيس المجلس التونسي للاجئين ومدير المشاريع.. وعدم سماع الدعوى في حق أربعة متهمين    وضعية الكنزاري وملف تجديد العقود .. جلسة حاسمة بين المدب والمنصوري    وزير الدفاع يستقبل برئيس أركان القوات البحرية الملكية السعودية    وزير الخارجية يجري عددا من اللقاءات في افتتاح أشغال القمة الافريقية الأوروبية السابعة بلوندا    في ندوة «الشروق الفكرية» «الفتوى في التاريخ الإسلامي بين الاجتهاد والتأويل»    الفتاوى الشاذة والهجوم على صحيح البخاري    مخاطر الانحراف بالفتوى    أموال مزورة كشفت المتورّطين في امبراطورية العملة...تجّار الأورو والدولار يعربدون في بومنديل    في اختتام مهرجان فاس لسينما المدينة بالمغرب: تتويج فيلم «ودّ» لحبيب المستيري بالجائزة الكبرى    بعد تشغيل معصرة جديدة: ارتفاع الطاقة الإجمالية لمركب الشعّال إلى أكثر من 200 طن يوميًا    مع انطلاق محاكمة الشاهد وكورشيد و ر.م.ع السابق للكرامة القابضة .. 1000 مليار... للإفراج عن مروان المبروك    المهدية: وسط أجواء احتفاليّة .. تسليم 91 رُخصة تاكسي فردي جديدة    مشروع لإنتاج 75 ميغاواط من الكهرباء من طاقة الرياح في هذه الولاية..    عاجل: الشركة الجديدة للنقل بقرقنة تلغي جميع الرحلات المبرمجة لبقية اليوم    جلسة عمل لمتابعة سير أيام قرطاج المسرحية والاستعدادات للأيام السينمائية    نحو افتتاح متجرين جديدين لبيع المشروبات الكحولية في السعودية : تفاصيل    ثلاثة مشاريع رقمية تُعنى بالتعليم والتحفيز على المُطالعة وتثمين التُراث تفوز بجوائز هاكاتون " Meet the Professionals "    الدورة الثانية لملتقى الخط والحروفية بالمركب الثقافي بالمنستير من 28 إلى 30 نوفمبر    محرز الغنوشي يُبشر التوانسة: '' التساقطات الثلجية بالمرتفعات الغربية راجعة'' وهذا موعدها    عاجل/ النيابة تطلب ضمان مالي بهذه القيمة مقابل الافراج عن مروان المبروك    عاجل: يوسف المساكني مؤهل بداية من هذه الجولة    تحذير عاجل للمتساكنين باجة: مياه العيون هذه غير صالحة!    تونس تشارك في بطولة العالم للكاراتي دون 21 سنة بكينيا ب7 عناصر    عاجل : وفاة نجم بوليوود دارمندرا    اليونسكو تعلن عن إطلاق مشروع جديد لدعم دور الثقافة في التنمية المستدامة في تونس    يوم علمي تكويني حول مرض السكري في القدم يوم الاربعاء 26 نوفمبر بمدرسة علوم التمريض بتونس    خضرة موجودة قدّامك... تنجّم تنقص من خطر الزهايمر!    هام/ بطولة الرابطة المحترفة الثانية: برنامج مباريات الجولة الحادية عشرة..    تنبيه لمستعملي الجسر المتحرك ببنزرت..فتحة استثنائية على هذه الساعة..    شوف شنوة تاكل وقت البرد باش يقلل ''سيلان الأنف''!    عاجل : تفاصيل صادمة تكشف لاول مرة حول معاناة مايكل جاكسون قبل الوفاة    سينما المغرب العربي تتألق في مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي لعام 2025    تكريمًا لشاعر الخضراء.."البنك التونسي" يحتفي بالرواية العربية ويعلن فوز "كاميليا عبد الفتاح" بجائزة أبو القاسم الشابي لسنة 2025..    تكليف ديوان الزيت بإعتماد أسعار مشجعة لزيت الزيتون    قصر السعيد: رفع الحجر الصحي عن مركض الخيل مع ضبط جملة من الإجراءات    اختفت شهر باش تتلقى جثة في دارها..شنيا الحكاية؟    غوارديولا يتوقع تألق مانشستر سيتي خلال جدول المباريات المزدحم    إيطاليا تفوز بكأس ديفيز للمرة الثالثة تواليا بتغلبها على إسبانيا    الإدارة الوطنية للتّحكيم تجتمع اليوم برؤساء أندية الرابطة الأولى    عاجل: دراسة صادمة ....أزمة القلب والجلطات المفاجئة تهدد الشباب    شنيا البرنامج الخصوصي استعدادًا لعيد الأضحى 2026...الي حكا عليه وزير الفلاحة    زيلينسكي يرد على "انتقادات ترامب" بأسلوب يثير التساؤلات    عاجل: ديوان الزيت يعلن موعد شراء زيت الزيتون من المعاصر    عاجل: تساقطات مهمة متوقعة بعد انخفاض مفاجئ في الطقس    التحقيق مع ابنة رئيس سابق من أجل هذه الشبهة..#خبر_عاجل    وزير الفلاحة: الترفيع في نسق وضع الاسمدة الى حوالي الف و 400 طن في مختلف جهات الجمهورية    تغيّرات مناخية حادّة... والرحيلي يكشف معطيات مقلقة حول مخزون السدود    طقس اليوم: الحرارة في ارتفاع طفيف    عاجل/ مقتل هذا القيادي البارز في حزب الله اثر غارة اسرائيلية على بيروت..    عاجل/ ستشمل هذه الدول ومنها تونس: منخفضات جوية جديدة وطقس بارد بداية من هذا التاريخ..    تقرير أمريكي: ترامب يعتزم تصنيف جماعة الإخوان منظمة إرهابية والوثائق قيد الإعداد    الشكندالي: الأسر والدولة تستهلك أكثر مما تنتج... والنتيجة ادخار شبه معدوم    اليوم السبت فاتح الشهر الهجري الجديد    السبت مفتتح شهر جمادي الثانية 1447 هجري..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



برلمان وطني توافقي!
نشر في الشروق يوم 14 - 05 - 2012

لا يجادل الا عنيد أو غير واع في خطورة الوضع التونسي الحالي وفي عجز الحكومة وسوء تسييرها... والسبب الانتخابات التي لم تكن سوى مراهنة ومغالبة أوقعت الشقاق... فكم كان أنسب وأعدل تشريك جميع الاحزاب بالتساوي في تشكيل المجلس...! جميع الاحزاب ومعها المجتمع المدني (وعلى رأسه الاتحاد العام التونسي للشغل) وعدد من الخبراء ثم يجرى له استفتاء.

ملاحظة: انتقاء المنظمات تقوم به الاحزاب، ثم يشترك الاثنان معا في انتقاء الخبراء، أما اشكالية الاحزاب العديدة التي لا قاعدة شعبية لها، فيمكن حلها باشتراط الاستظهار بقائمة بعدد من المنخرطين من كل ولاية، 200 مثلا (200*24= 4800) وهو عدد كثيرا ما حقق مقعدا في انتخابات اكتوبر.
لقد سبق لي وان توقعت هذا (جريدة الشروق 19 سبتمبر: لأجل الوفاق الوطني) مقال يدعو الى تجنبها والاكتفاء باستفتاء على النحو الموصوف، ولكنها كانت صرخة في واد سحيق...

والآن، ومنذ صدور النتائج، يتأكد يوما بعد يوم ان الانتخابات كانت فعلا خطأ جسيما، ففي مرحلة بالغة الخطورة وضعت البلاد في حكم الاقلية (24%!) دون حساب الانشقاقات... والانسلاخ... ناهيك عن من كانوا مجرد متعاطفين... لقد فرضت الانتخابات محاصصة هزلية جائرة... رفعت من لم يكن يوما يحلم بالثورة ولا حتى بمجرد اصلاحات الى مركز القرار!.. ويوجد من بين هؤلاء من كان أصلا في صف الديكتاتور مستميتا في الدفاع عنه الى آخر دقيقة من تلك الليلة! ليلة الجمعة 14 جانفي (في تلك الليلة، وفي ما سبق من ليالي، حين كانت الشوارع تخضب بدماء الشهداء والجرحى نصب هو نفسه بوقا للجلاد لتمكينه من «فرصة»... وفي الأخير قام بعملية سبر للآراء حيث اتصل هاتفيا بعشرين مواطنا، وكان يتدخل في كل رأي يعارض بقاء الديكتاتور! وفي الختام تلى النتيجة: 20/18 لفائدة السيد الرئيس!!!)
نعم... هذه عينة من الشرعية الانتخابية المزعومة! رفعت العديد من (الثوريين؟) الى مصاف «أهل الحل والعقد»... بحجم يفوق اضعافا الذين كانوا وقود الثورة منذ شرارتها الأولى وحتى الاعتصامات الثانية بالقصبة (المؤطرة أساسا من مناضلي الاتحادات الجهوية للشغل... حاضنة الحراك الجماهيري) وهي المراحل الحاسمة للإجهاز على الديكتاتور وعلى من بقي من اذنابه اعداء الوطن والشعب الذين استكثروا عليه انجاز ثورة فعملوا على اختزالها الى مجرد اضطرابات... يعاقب فاعلها! (تذكروا أول ظهور غاضب مستشيط لأحمد فريعة يومين بعد بن علي!)

مجرد اضطرابات... يعاقب فاعلها! (تذكروا أول ظهور غاضب مستشيط لأحمد فريعة يومين بعد بن علي!) والآن... وحتى وان قضي الأمر في ما يخص الانتخابات فإن مطلب الاصلاح يبقى ملحا بفرضه الواقع المتردي، فلا يعقل ابدا السكوت عن هذا التصدع شبه الطائفي (المفتعل) تصدع قد يؤدي الى الاغتيالات والارهاب وحتى الحرب الأهلية... هذا من الناحية السياسية، أما من الناحية المادية فقد أصاب الكثيرين العجز عن المتطلبات الضرورية لمعيشة الكفاف اليومية... وضع لايطاق يفوق اضعافا مضاعفة حالة الاحتقان التي اشعلت الثورة!!! وهو ما يفسر كثرة الاضرابات والاعتصامات ومنها المطلبية البريئة، وكل تلبية لمطالب تؤجج نيران المطالب التي لم تتحقق... ناهيك عن الظواهر الغير مألوفة من صدامات جهوية وعروشية ومختلف الانفلاتات الأمنية والاعتداءات تصل حد الجرائم الوحشية والانتحارات الشنيعة... ان خلاصة مقترحنا تتمثل في ان يكتفي المجلس التأسيسي بالمهمة التي من أجلها انتخب (صياغة الدستور)، وتشرع المجموعة الوطنية في تشكيل برلمان توافقي بعيد عن المحاصصة ولعبة الانتخابات، فلا يلدغ الوطن من جحر مرتين... وربما تكون انسب طريقة لتشكيله هي الموصوفة اعلاه، فهي الأضمن للوفاق الوطني الصحيح.

هذا البرلمان ان قدر له ان يرى النور، واعتبارا لتركيبته المميزة، من المعقول ان يكون له حق نقض القرارات والاتفاقات الغير صائبة واعادة ترتيب السلط (باستثناء طبعا رئيس الجمهورية والحكومة والمجلس التأسيسي).

هذا الاصلاح سيقوي الثقة في السلطة الحالية، حتى الى درجة القبول بسياسة تقشف استثنائية أو حتى باستمرار السلطة لسنين عديدة... وهو الأفضل لمصلحة البلاد، فسدة الحكم، وخاصة في الظروف الحرجة لا يناسبها التناوب فأية انتخابات اضافية في ظل هذا البؤس المادي والاحتقان العدائي (المفتعل) لن تكون سوى مغامرة خرقاء حمقاء تبعثر الأوراق وتدمر الاقتصاد وتؤدي الى الانفلات النهائي.

مكاتب مقترحات

هذا في ما يخص البلاد عامة، أما في ما يخص الجهات فإننا نرى ان السلط الحالية تستمر تقريبا في نفس العقلية القديمة باقصاء الجماهير...! ان التنمية اللامركزية تستوجب ديمقراطية لامركزية.

ولكن في خضم هذا الاحتقان، الذي فيه الحوار متوتر حتى في المساجد احيانا، نكتفي بمكاتب مقترحات (في كل ولاية مثلا)، تتشكل «مكاتب المقترحات» من ممثلين جهويين للاحزاب التي في البرلمان، ومهمتها استقبال مختلف الآراء والمقترحات والحلول (كتابيا بحسب ضوابط ومعايير...) مع ضمان الرد للجميع وفي مدة معلومة... ويكون هذا المجلس على اتصال بالبرلمان...

ان هذا المقترح لو تحقق فسيكون له مردود حاسم في انقاذ البلاد وتحقيق اهداف الثورة التي تستوجب:
1) تطمين مختلف الفرقاء والاحزاب بضمان ديمقراطية المسار
2) تهدئة الصراعات الحزبية واعادة الهدوء للحوار الاجتماعي
3) رفع تمثيلية السلط الى الحد الاقصى وهو ما يعيد هيبة الدولة ومؤسساتها التي بدونها لا هيبة ولا حرية ولا كرامة لمواطن... فقد ترتب عن ضعف تمثيلية السلطة ان أصبحت حتى الاجهزة الامنية تنسحب هاربة من الاضطرابات الى خارج المدن! لم لا وقد صرنا نسمع عن «فاعلي خير» يتدخلون لحماية رجال الامن من اعتداءات بالضرب...
4) ارساء مناخ آمن يشجع الاستثمار من الداخل والخارج ويساهم أيضا في انجاح الموسم السياحي...
صحيح، هذا المقترح مغرق في المثالية، تماما كما الفضيلة وكما الحق دائما مغرق في المثالية! أليست الثورة أصلا نتيجة لوجود من يؤمنون بالمثالية فيضحون بسلامتهم وبحياتهم من أجل تحقيق آمال قد لا يرونها أبدا...! قال الطاهر الحداد رحمه الله (المؤمن هو الذي ينفق من ذاته في سبيل ايمانه، والكافر هو الذي يؤمن بذاتيته فيأخذ لها من ايمان الآخرين بخداعهم).

أما في ما يخص التجاذبات العقائدية الفكرية ننبه الى ان السلم الاجتماعي والمصلحة الوطنية تستوجب عدم المزاجية وعدم التطرف وأيضا ضرورة التسامح والتصالح عامة وخاصة مع التراث الذي جوهره الاسلام، ونذكر الفريقين «حداثيين وأصوليين» بأن الشرارة الأولى للثورة ومنذ أول اللحظات كانت احتجاجا مزدوجا على القهر الطبقي وأيضا على... القهر الثقافي!!!

ختاما نقول: بوحدتنا اسقطنا أشرس ديكتاتورية قهر واذلال وافساد ونذالة وعمالة استشرت كالسرطان داخل الوطن وخارجه... وبتفرقنا الطائفي نوشك ان نسقط الوطن بأكمله... وننبه ونؤكد أنه من دون توافق مستحيل انقاذ بلاد، بأسلوب ديمقراطي! كلا بنيتيها التحتية والفوقية متضررة...!

ان المناضلين والاحزاب والمنظمات التي لا تستجيب لهذا النداء من أجل البحث عن حل جذري، مهما كان، لتعديل المسار وتوازنه هي في تقديري عابثة وغير وطنية لا تستحق ان تتبع ولا حتى ان يستمع اليها مجرد الاستماع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.