اعتبر ناشطون محايدون في الموقع الاجتماعي أن المناضل عدنان الحاجي قد قدم الاعتذار الضروري لما بدر منه من تحريض على الإسلاميين وأنه على طرفي النزاع التوقف عن «صب الزيت على النار» والتحريض على الانتقام من أجل تونس ومن أجل الحوض المنجمي. وكان نشطاء النهضة قد شنوا حملات متتالية على السيد عدنان الحاجي بسبب ما نسب إليه في مقطع فيديو يصل فيه حد الدعوة الى «قتل الإسلاميين»، ودعا ناشطون قريبون من النهضة والتيارات الإسلامية في الصفحات التونسية إلى الانتقام منه في عبارات تضمنت دعوات إلى العنف الصريح، وكانت أقل الأصوات حدة في صفوف خصومه تدعو إلى محاكمته من أجل الدعوة إلى القتل. ورغم أن مقطع الفيديو لا يعد وثيقة قانونية ملزمة، فإن ناشطين محايدين ومن تيارات معتدلة قد صمتوا طويلا عن هذه المسألة التي أحرجت حتى أصدقاء المناضل عدنان الحاجي الذين اعتبروا أنه قد استسلم للانفعال وذهب بعيدا في الحماس السياسي. لكن حدة الهجوم عليه في صفحات خصومه دفعت بعض الحقوقيين إلى البحث له عن أعذار، أما ناشطو اليسار، فقد دافعوا عنه ببسالة، ونشروا مقالات تذكر بأن الحكومة لم تفعل شيئا عندما دعا إمام من السلفية إلى قتل السيد الباجي قايد السبسي، واعتبر ناشطو النهضة وقتها أنه لم يقصد القتل الفعلي الجسدي، بل قصد القتل السياسي، فيما يصرون على مقاضاة عدنان الحاجي.
ونشر كثير من أصدقائه مقالات تستعرض نضاله البطولي ضد نظام بن علي منذ ما قبل ثورة الحوض المنجمي، وصموده التاريخي في وجه آلة القمع والدعاية التي كان ضحيتها سنوات 2008 وما يليها. يكتب ناشط حقوقي من اليسار: «إن في تاريخ المناضل عدنان الحاجي ما يشفع له وما يكفي لكي نفهم دعوته إلى قتل الإسلاميين في معناه الرمزي وليس الواقعي، ثم إنه قدم اعتذارا واضحا مرارا في عدة وسائل إعلام».
ونشر ناشطون كثيرون من عدة تيارات سياسية وفكرية مقطع فيديو من حوار تلفزي يعتذر فيه السيد عدنان الحاجي بوضوح جاء فيه: «لم أقصد حركة النهضة وكنت منفعلا»، كما ردد أن له أصدقاء في الحركة، بيد أنه انصرف طويلا إلى الحديث عن الأوضاع المأساوية في الحوض المنجمي التي تدفع إلى اليأس والغضب. ومن أجمل ما قرأنا حول هذا الموضوع، ما نشره ناشط قريب من النهضة: «ملاحظة أسوقها لبعض الصفحات التي تصب الزيت على النار: ما غايتكم من اقتطاع 30 ثانية تظهر الحاجي وكأنه يتحدى ويصر على كلامه في حين هو قد اعتذر وبرر مواقفه، يهديكم رفقا بتونس».
ويعتقد كثير من الناشطين المحايدين أن السيد الحاجي ليس من النوع الذي يقصد الدعوة إلى القتل أو العنف، وهو سياسي صلب وشديد الحماس منح حياته تماما لقضية الحوض المنجمي الذي يعاني فعلا من وضع اجتماعي يدعو إلى الثورة والتمرد بعد عقود اليأس. وكتبت ناشطة من حزب المؤتمر: «بقطع النظر عن القضاء، لماذا لا يأخذ أعضاء الحكومة المبادرة بالتوجه إلى مدن الحوض المنجمي لتهدئة الأوضاع، والحوار مع المواطنين وفتح كل الملفات قبل أن ينفجر الوضع من جديد».
ثمة أيضا دعوات إلى الصلح بين الحاجي وخصومه من النهضة، وبعضهم دعاه إلى التوجه إلى مقر الحركة وتقديم اعتذار لن يزيده سوى احتراما لدى الجميع وسيخفف الاحتقان بين الجميع من أجل مصلحة البلاد.
غير أن حدة الاستقطاب السياسي في تونس لا تعرف الهدنة في مثل هذه المعارك، يصر الكثير من ناشطي النهضة على حملاتهم اليومية ضد عدنان الحاجي، فيما تفاجئنا صفحات بعض نشطاء اليسار بتبني الدعوة إلى العنف مجددا، ذلك أن للموقع الاجتماعي سيئات لا تحصى منها الانفلات الأخلاقي والقانوني واعتقاد الكثير من الناشطين أن اختفاءهم وراء أسماء حركية سيمنحهم حصانة دائمة من أي تتبع عندما ينشرون الأخبار الزائفة ويدعون إلى الفتنة في البلاد.