يستهلك المواطن التونسية 10 كلغ فقط من اللحوم الحمراء سنويا ويبدو أن قدره ان يزداد حجم القطيعة بينهما اتساعا بسبب غلاء الأسعار من جهة وخوفه من نقص المراقبة الصحية للذبائح من ناحية أخرى والتي من شأنها تمرير الأمراض الموجودة بالحيوان على غرار «السلّ» عفانا وعفاكم ا& الى الإنسان. «الشروق» تحدّثت الى بعض الأطراف المعنية لتسليط الضوء على صحة لحومنا الحمراء التي يستهلكها المواطن التونسي خاصة بعد الثورة حيث أضحت فرق المراقبة تخشى غطرسة التجار والقصّابين.
فوضى
وأفاد السيد كريم داود عضو الهيئة المديرة للنقابة التونسية للفلاحين مكلف بالإنتاج الحيواني وهو ايضا فلاّح ومرب أبا عن جدّ وطبيب بيطري أن الحيوان اذا تم ذبحه في مسلخ يفترض أن يمر عبر المراقبة الصحية البيطرية التابعة للبلديات ووزارة الفلاحة حيث يتم التثبت من «السقيطة» وبقية الأجزاء كما يتم تطبيق كل شروط المراقبة ثم يضع الطبيب «الطابع» قبل ان يتم نقله لتجار اللحوم.
وأضاف انه اذا تم الذبح بصفة عشوائية وعدم اشراف الطبيب البيطري على عملية الذبح يمكن ان يشكل ذلك خطورة صحية تتجلى في نقل الأمراض الموجودة في الحيوان الى الانسان كمرض السلّ لدى خاصة الابقار ومرض الكيس المائي الموجود بالخرفان والحمى المالطية لدى الأبقار ايضا وعديد الأمراض الاخرى.
وأشار الى ان المربّي أحيانا يرسل ذبيحة بصفة استعجالية بسبب مرض او كبر السن ويقال ماشية تعاني «ستراس» فتكون لها اثار صحية سلبية عديدة. وأضاف : نحن كنقابة نطالب بمزيد المراقبة الصحية ومزيد دعمها لأننا اليوم وللأسف الشديد نلاحظ ان البياطرة ليست لهم امكانيات كافية والأمن الكافي ليقوموا بعملهم على أحسن وجه. ورأى أن البيطري يجب ان يعمل في ظروف طيبة ودون ضغوطات حتى في مستوى المسلخ. ودعا الى ضرورة دعم البياطرة لأنهم يؤمّنون صحة المواطن ويدعّمون الفلاح الذي يتعب ويشقى لتربية الماشية.
وذكر أنه يتم توفير حوالي 120 ألف طن من اللحوم الحمراء سنويا مع الملاحظة أن هناك نقصا كبيرا في ظل غياب منظومة واضحة كما ان التونسي يستهلك 10 كلغ سنويا من هذه اللحوم وهي نسبة ضئيلة جدا.
ووصف القطاع بالفوضوي في غياب المسالخ المهيكلة بل اعتبرها مذابح وليست مسالخ وأشار الى عدم وجود أسواق منظمة حيث تباع الماشية بالعين المجردة. وطالب بمراجعة المنظومة وتطبيق الدراسات الكثيرة التي تم القيام بها والموجودة في الرفوف حاليا. وختم بأنه في ظل غياب منظومة واضحة الطرف المتضرر هو المنتج والمستهلك والمستفيدون هم الوسطاء. واعتبر ان الحل يكمن في التصنيف ليتمكن المواطن من شراء اللحم حسب قدرته الشرائية.
الذبح خفية تحول الى علن
وقال السيد محمد الرابحي مدير ادارة حفظ الصحة وحماية المحيط ان مهمة متابعة الحالة الصحية للذبائح موكولة بدرجة أولى الى المسالخ البلدية بالتعاون مع الفلاحة. وأشار الى أنه حاليا نلاحظ غياب المراقبة الفعالة والناجعة للتأكد من صحة الذبائح سواء بالمسالخ او خارجها أي تلك التي يقوم بها بعض القصّابين بطريقة عشوائية. وأكد أن الذبح العشوائي الذي كان يتم خفية وهربا من أعين القانون والمراقبة أصبح يتم في العلن وأمام أعين الجميع بسبب ضعف هيبة المراقبة وسلطتهم على رفع المخالفات والعقوبات. وأكد أن الذبح أضحى حقا مكتسبا لدى الجزارين. وأفاد أنه اذا رغبنا في المراقبة فلابد ان نوفر الأمن الكافي مع الأعوان.
وأشار الى ان دور المراقبة الصحية يأتي بعد عملية الذبح بالمسالخ فقط أما الطرق العشوائية غير المنظمة فلا يمكن متابعتها. ولم يخف انشغاله بصعوبة العمل خلال الفترة القادمة حيث تزداد الاشكاليات الصحية مع ارتفاع درجات الحرارة. وختم بأن البلديات يجب ان تقوم بدورها في المسالك المنظمة كما في المسالك التي ينتشر بها الدخلاء.