سيدي بوزيد: تجربة علمية للقضاء على الحشرة القرمزية بالمركب الفلاحي الطويلة    إشكال تقني يحول دون فتح معبر رأس الجدير من الجانب الليبي    تعيينات مباريات الدور ربع النهائي من كأس تونس    توزر: يوم توعوي لمناهضة إساءة معاملة المسنين    الشركة الجهوية للنقل بنابل تتسلم 4 حافلات جديدة    وزارة التربية تتخذ هذا الإجراء..    فيديو - منتدى تونس للاستثمار : وزيرة التجهيز تتحدث عن الإتفاقيتين المبرمتين مع البنك الاوروبي للاستثمار    الطريق السريعة صفاقس-القصرين : توقيع اتفاقية تمويل لتطويرها بقيمة 210 مليون يورو    المرسى: بسبب خلاف في العمل ...يترصد نزوله من الحافلة ثمّ يرديه قتيلا    باجة : اعتماد طائرات درون لحماية محاصيل الحبوب    مجلس وزاري يصادق على خارطة الطريق المقترحة لإطلاق خدمات الجيل الخامس    بدعوة من ميلوني: قيس سعيد يشارك في قمة مجموعة السبع بإيطاليا    ما هي تقنية ''الاستمطار'' ؟    محافظ البنك المركزي: السياسة النقدية المتبعة ستسمح بالتقليص من معدل التضخم    تونس في المركز الرابع بقائمة أكثر المواطنين مرفوضي طلبات الحصول على التأشيرة نحو فرنسا.    بن عروس: بيطريون متطوعون يؤمنون المراقبة الصحية للأضاحي خلال أيام عيد الاضحى    بن مبروك: "لا أعتقد ان رئيس الدولة سيشارك في قمة السبع لهذه الأسباب"..    صفاقس : ايقاف طبيب بيطري ناشط في مجال مقاطعة البضائع المُطبّعة    صفاقس : الشرطة العدليّة بصفاقس الشمالية تطيح بعصابة تدليس و تغيير عملة ورقية رائجة بالبلاد التونسية    مرضى القصور الكلوي يستغيثون اثر توقف عمل مركز تصفية الدم بمستشفى نابل    تفكيك وفاق اجرامي للاتجار بالمنقولات الأثرية    ويمبلدون تقدم جوائز قياسية تبلغ 50 مليون إسترليني    قابس: محطة تحلية مياه البحر بالزارات تدخل مرحلة التجربة    بسبب كأس العالم للأندية 2025: قضية جديدة ضد الفيفا    مفزع: 71 قتيلا في حوادث مرور في اقل من شهرين!!    مفتي الجمهورية: أضحيّة العيد تنقسم إلى ثلاثة أجزاء    عاجل/ وفاة طفل ال9 سنوات بحريق في منزله: توجيه تهمة القتل العمد للوالد    البنوك تفتح شبابيكها يوم السبت    سليانة: وضع 7 أطباء بياطرة لتأمين المراقبة الصحية للأضاحي أيام العيد    الصوناد: هذه الإجراءات التي سيتم اتّخاذها يوم العيد    الكنام تشرع في صرف مبالغ استرجاع مصاريف العلاج لفائدة المضمونين الاجتماعيين    الداخلية: سقوط عون الأمن كان فجئيا    هكذا سيكون طقس اليوم الأوّل من عيد الإضحى    إستعدادا لكوبا أمريكا: التعادل يحسم مواجهة البرازيل وأمريكا    مفتي الجمهورية: "هكذا تنقسم الاضحية في العيد"    انطلاق أولى رحلات قطار المشاعر المقدّسة لموسم حج 2024    بطولة كرة السلة: تعيينات منافسات الدور النهائي    محمد بن سلمان يعتذر عن عدم حضور قمة مجموعة السبع    الرابطة المحترفة الاولى: الجولة الختامية لمرحلة تفادي النزول    عاجل: تفاصيل جديدة في حادثة وفاة أمنيّ اثناء مداهمة بناية تضمّ مهاجرين أفارقة    اليوم: طقس مغيم مع ظهور خلايا رعدية بعد الظهر والحرارة بين 25 و46 درجة    البرازيل تتعادل مع أمريكا قبل كوبا أمريكا    بعد استخدامها لإبر التنحيف.. إصابة أوبرا وينفري بمشكلة خطيرة    دواء لإعادة نمو أسنان الإنسان من جديد...و هذه التفاصيل    120 مليونا: رقم قياسي للمهجرين قسراً حول العالم    برنامج أبرز مباريات اليوم الخميس و النقل التلفزي    صديق للإنسان.. جيل جديد من المضادات الحيوية يقتل البكتيريا الخارقة    قربة تحتضن الدورة التأسيسية لملتقى الأدب المعاصر    قصة..شذى/ ج1    «غفلة ألوان» إصدار قصصي لمنجية حيزي    بهدوء ...أشرار ... ليس بطبعنا !    صابر الرباعي يُعلّق على حادثة صفع عمرو دياب لمعجب    شيرين تصدم متابعيها بقصة حبّ جديدة    تونس: ''أمير'' الطفل المعجزة...خُلق ليتكلّم الإنقليزية    83% من التونسيين لديهم ''خمول بدني'' وهو رابع سبب للوفاة في العالم    شيرين عبد الوهاب تعلن خطوبتها… و حسام حبيب على الخطّ    ديوان الإفتاء: مواطنة أوروبية تُعلن إسلامها    العاصمة: عرض للموسيقى الكلاسيكية بشارع الحبيب بورقيبة في هذا الموعد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حديقة بلا سياج : كارلوس فوينتس في رحلته الأخيرة
نشر في الشروق يوم 22 - 05 - 2012

ليس من الممكن التغافل عن رحيل كاتب مبدع وضمير يقظ بحجم الروائيّ المكسيكي كارلوس فوينتس صديق باث وماركيز ويوسا والرحّالة المتفاني في الشهادة على عصره الشغوف بالحوار بين الثقافات انطلاقًا من «مكسيكيّته» التي ما انفكّ يقولها ويبدعها مرتفعًا بها إلى أعلى الدرجات.


ترك كارلوس فوينتس أكثر من 70 عملاً بين قصة ومسرحيّة ومقالة وسيناريو دون أن ننسى روائعه الروائيّة التي منحته احترام النقّاد وحبّ القراء في مختلف لغات العالم. وهي روايات أهّلته لنيل أكبر الجوائز في أمريكا اللاتينيّة وفي غيرها باستثناء جائزة نوبل للآداب التي ظلّ يُرشّح لها بقوّة وباستمرار منذ عقود دون أن تعرف طريقها إليه.

ربّما لأنّه كان في أدبه وفي سيرته يساريًّا وثوريًّا أكثر ممّا تحتمل هذه الجائزة.
إنه ثوريّ الرواية بامتياز في المغامرة الجماليّة التي شرع في خوضها منذ سنة 1958 مع رواية «المكان الأكثر شفافيّة» والتي بدأت باستخدام موفّق لتقنية التيبوغرافيا التي عاد إليها في رواية «موت أرتيميو كروز» سنة 1962 ثمّ امتدّت إلى نهج خاصّ في ما سُمّي بتيّار الوعي إضافة إلى سخريته ذات المذاق المميّز وتمرّده على الواقعيّة السحريّة التي طبعت معظم أدب أمريكا اللاتينيّة لهذه المرحلة.


وهو روائيّ الثورة بامتياز من حيث اهتمامه الدؤوب بالثورة في مجمل أعماله بوصفها حلمًا كثيرًا ما يُجهض ولكنّه يظلّ ضروريًّا لتحقُّق إنسانيّة الإنسان. وقد انطلق من الثورة المكسيكيّة وانكساراتها ولكنّه اهتمّ بالإنسان الثائر حيثما كان وساند القضايا العادلة ولم يتوانَ في المدّة الأخيرة عن تأكيد اهتمامه الشديد بما حدث في تونس ومصر ملحًّا على أهميّة «اليوم التالي» في تحديد نجاح الثورات أو فشلها.

اتّضح هوس كارلوس فوينتس بالثورة منذ روايته الأولى حيث جعل أبطال روايته يعبّرون عن خيبة أملهم وهم يرون شعارات الثورة تنهار على أيدي انتهازيّين لا هَمَّ لهم إلاّ الحلول محلّ سابقيهم وكأنْ «لا نتيجة للثورة إلاّ ظهور شريحة جديدة من ذوي الامتيازات وهيمنة الولايات المتّحدة على البلاد وشلل كلّ محاولات التغيير الحقيقيّ».

هذه النظرة النقديّة ظلّت تتخلّل مُجمل أعماله وكأنّها جرس منبّه يشير إلى المزالق المحيطة بالثورات في تواريخ معيّنة وعلى امتداد التاريخ في المُطلق. وها هو في إحدى رواياته الأخيرة «الإرادة والثروة» يعود إلى الموضوع نفسه مجريًا على لسان رأسٍ بلا جسد كلامًا شديد المرارة، في كناية ساخرة عمّا آلت إليه الأمور في المكسيك من عنف يولّد العنف.

لم تدفعه هذه النظرة النقديّة إلى اليأس، ولم تمنعه من أن يظلّ في كلّ أعماله مدافعًا شرسًا عن الأمل على الرغم من كلّ ما يشهده العالم من فساد واستبداد وتضليل. كما لم تمنعه من أن يظلّ مدافعًا شرسًا عن دَوْر الثقافة والإبداع في المحافظة على هذا الأمل وفي الوصول به إلى التحقّق.

كان يرى في الكتابة ضرورة قصوى لا ترفًا وكان يرى في الكتاب شرطًا من شروط التحرّر والخلاص بدونه لا ذاكرة ولا هويّة ولا ماضي ولا مستقبل ولا حريّة لا مناص من العودة إلى مرتبة الحيوان.

وأذكر أنّي قرأت له قبل أشهر فقرة وردت في أحد حواراته الصحفيّة الكثيرة، شعرتُ للحظةٍ بأنّها قيلت فينا وتخصّنا في مرحلتنا هذه تحديدًا، وممّا جاء فيها قوله: «إنّ الأدب من أوّل الأمور التي تسعى الأنظمة الشموليّة إلى محاربتها. وإذا رأيت حكومة تسعى إلى فرض خيالها ولغتها على الشعب فاعلم أنّها بداية الديكتاتوريّة».

ولعلّي لا أجد لإجمال القول أفضل ممّا ذهب إليه أحد دارسيه حين قال: «كان كارلوس فوينتس يطمح إلى كتابة تاريخ الإنسانيّة في بعده التخييليّ ويريد لأعماله أن تشكّل ذاكرة الزمن. كان يرى للثقافة والإبداع دورًا مركزيًّا يتمثّل في ترتيب ال«كاووس» واقتراح بدائل عن اليأس وإضفاء معنًى على الكلمات. كان بمثابة دون كيشوت في مواجهة هاملت. يقول هاملت إنّ الأدب مجرّد كلمات بلا معنًى فيقول دون كيشوت إنّ في وسع الكلمات أن تغيّر الحياة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.