كانت تلك آخر منطوق الأستاذ عبد الستار بن موسى رئيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان من روائع «أبي القاسم الشابي» تلتها وقفة في مقام هبة من الحضور لإنشاد النشيد الوطني التونسي. رئيس الرابطة الذي لم يغفل التنويه بكل الرؤساء الذين سبقوه على رأس هذا الهيكل الحقوقي والذي مثل ملاذ المناضلين سنوات الجمر، خصّ الرئيس المؤقت للجمهورية بترحيب متميّز على اعتبار أنه ترأس الرابطة في ردهة من الزمن (التسعينات) فقال إنها المرة الأولى منذ تأسيس الرابطة التي يحضر في فعالياتها رئيس للجمهورية.
بدت الاحتفالية بمرور 35 سنة على تأسيس الرابطة التونسية لحقوق الإنسان بمثابة الجرد الغني بالمحطات النضالية من أجل مناصرة حقوق الإنسان والحريات في تونس وكذلك من أجل استقلالية هذا الهيكل الذي أكد كل من المرزوقي الرئيس(رئيس الجمهورية توّا والرابطة سابقا) وعبد الستار بن موسى الذي انتخبه المؤتمر السابق مؤخرا ليرأس هذه المنارة التي قللت من عتمة المشهد السياسي والحقوقي آخر سبعينات القرن الماضي ومدت شمعة تسبح باتجاه المشهد المغاربي وكذا العربي.. كل هذه المحطات التأسيسية منها والفترة التي نعتها أكثر من رابطي ومناضل حقوقي بأنها «سنوات الجمر» فترة حكم بن علي، كانت حاضرة أمس الأول بأحد نزل العاصمة فكان الحضور التشريفاتي واضحا والحضور النضالي أشدّ وضوحا...إلى جانب اللقاءات الجانبيّة التي جعلت من الرابطيين وبحركة فهمتها العيون والعقول مفادها أن تونس اليوم تطلب من الجميع أن ينسوا خلافاتهم الجانبية (وليس المبدئية) ويتغاظوا عن رؤاهم المتناقضة من أجل التماهي مع أهداف ثورة 14 جانفي في الحريات والحقوق والكرامة... لم يتوان عبد الستار بن موسى عن تأكيد جملة من الشعارات والمطالب التي ما إن يطلق الواحد منها حتى يعمّ التصفيق القوي قاعة الحضور، من قبيل «الرابطة ليست حليفة للسلطة ولا هي معارضة لها» أو كذلك «نحن لسنا قوة احتجاج فقط...بل قوة اقتراح كذلك» وأيضا : «..لا مجال لمصادرة أهداف الثورة ومصادرة حقوق الناس»..
عبد الستار بن موسى الذي ألقى كلمته في حضور رئاستي المجلس التأسيسي والجمهورية ضمن كلمته تنويها بالإتحاد العام التونسي للشغل، الذي ما فتئ يمثل الحاضنة للنضال النقابي والحقوقي الشيء الذي نفاه أو قد يكون غفل عنه الرئيس المرزوقي عند إلقائه كلمته حيث قال إن المشهد السياسي قبل 14 جانفي كان فقد قوتين تتجاذبه أو هي فاعلة فيه، البوليس السياسي والرابطة التونسية لحقوق الإنسان فما كان من الحضور سوى الاحتجاج وارتفعت الأصوات تذكر بدور الاتحاد العام التونسي للشغل، مرددين شعارات حول «حشاد» والاتحاد...
بين كلمتي المرزوقي وبن موسى، سبحت نضالات ومواقف الرابطيين الذين أسسوا أمس الأول و هم يحيون الذكرى 35لتأسيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بين فترات المدّ وفترات الانكسار في حين توّج بن موسى هذه الفعالية التي شفعت بوقفة استقبال قصيرة في بهو النزل كانت مجالا للمناضلين للجدل والحديث والتنسيق وإعادة الصلات وفق الظرف المستجد الآن والذي جاء منها جزء في كلمة بن موسى، حول واقع الحريات في ظل حكم «الترويكا» الآن ومسائل التكفير والتراجعات التي يمكن أن تمثل ناقوس خطر على ما أسماه بن موسى «مدنية البلاد» رئيس الرابطة الحالي أعلن عودة فتح باب الانخراط في هذا الهيكل الحقوقي، مؤكدا أنه «يمنع الجمع بين الانخراط الرابطي والحزبي» من حيث تحمل المسؤوليات.