إلى السيد وزير الثقافة والمحافظة على التراث الدكتور مهدي المبروك :
سيدي الوزير،
إني الممضي أسفله أحمد أمين بن سعد ممثل وأستاذ مسرح ومناضل ميداني لا أنتمي إلا إلى الفكر الحرّ وهذا الوطن الذي نريده حرا. كان لنا ولعلك تذكر، أكثر من لقاء وأنا أذكر جيدا عندما زرت مؤازرة المسرحين في اعتصامهم في قاعة الفن الرابع وخلافا لعديد الزملاء قلت لك ما خلاصته أني لا أعتبرك وزير أي جهة سياسية، بل أنت وزير المثقفين والفنانين، وأمضي في الدفاع عن الحرية حتى يطردوننا معا، وضحكت، سيدي الوزير، وصفق الحضور، ولم يراودني الشك ولو للحظة في فهمك الكامل والعميق لكلامي المتواضع. اليوم ولأني طريح الفراش لأسباب صحية عابرة لا يسعني إلا أن أوجه لك هذه الرسالة.
اليوم، وللمرة الثانية على التوالي يعتدي سلفيون في مدينة الكاف على المسرحي المناضل رجب مقري، ولكن هذه المرة نتيجة الاعتداء أجبرت زوجته على نقله على جناح السرعة إلى إحدى مصحات العاصمة وهو هناك طريح الفراش ولعلك على علم أن مجموعة مشابهة هددت الفنانين التشكيلين في «العبدلية» منذ يومين.
الغريب والجلي في نفس الوقت هذه المرة ليس عنف السلفيين، بل التواطؤ الغريب الذي تتعامل به الجهات القائمة على تنظيم الأمور داخل الدولة وبين المواطنين من خلال تطبيق القانون فكل المواطنين اليوم مهددون من قبل هذه الجماعات لأن الداخلية تحميها والعدل يحميها وحركة النهضة تراعيها أو تحابيها أو ترى أن في إعتداء أنصارها وصمام أمانها الانتخابي على المواطنين وخاصة الفنانين بإعتبارهم مستهدفين أكثر، مسألة لا تستحق التحرك، وفي تصوري لو مات رجب اليوم لما حركت الداخلية ساكنا وسيجد السيد علي العريض مخرجا ومع كل هذا الضحك على الذقون. ناضلنا طويلا ضد الغبي بن علي ولن يضحك على ذقوننا أناس كثيرا ما دافعنا عنهم من منطق أن الحرية لا تتجزأ، يخرج علينا السيد نور الدين البحيري وزير العدل ليقول أن القانون سيأخذ مجراه ولا شيء يحصل، بل أني أشك أن علاقة ما بين الحزب الحاكم فعليا وهذه الجماعات قد تصل حد التنسيق وتبادل الخدمات مادام العدو واحدا وهو الحرية والثقافة والعلم والمعرفة والتقدم والعدالة المنشودة في كل مستوياتها هذه الجماعات التي استقطبت الأن داخلها ليس فقط أخطر خريجي السجون ولكن كذلك أولئك الذين كانوا «بوليس بن علي » يستأجرهم ليعتدوا على علي العريض وأحمد نجيب الشابي وتوفيق بن بريك و حمة الهمامي وعدنان الحاجي وشكري بالعيد ومهدي المبروك...
سيدي الوزير،
أنهم يتاجرون بتاريخك وبموقعك وبثقة الناس في إسمك ويردونك معهم في نفس السلة حتى يذكرك التاريخ في نفس القائمة والرديء أنك في ذيلها أتركهم اليوم قبل أن تجد نفسك غدا منخرطا أو متورطا في تهيجن الثقافة وحبس العلوم وتبرير الاغتيالات والجرائم الأخرى القادمة بعنوان الشريعة وبمباركة من حركة النهضة وبصمت من الديكور التحالفي المحيط بها.
إنهم يسحبون الوطن نحو الدم وهم دمويون بطبعهم ولك سيدي أن تختار أن تكون في صفنا فنستشهد جميعا دفاعا عن الحرية وعن تاريخ ومستقبل هذا الوطن وأنت تعلم أن موتنا مسألة مؤجلة لأسباب تقنية من بينها أن قناص بن علي أخطأ مرمى الرصاصة أو أن تتشبت بمنصب لم تستطع ولن تستطيع من خلاله أن تغير معطيات كثيرة ولكنك وإن لن نعتبرك في صف القتلة لأننا نعرف أنك لا تعتدي سنعتبرك في صف الذين سكتوا وصمتوا عن الخطاب المزدوج ومعسول الكلام الممزوج بدماء الشهداء الذين ذهبوا اللّه أجعلنا من الشهداء القادمين زر رجب في مستشفاه وأعلن استقالتك من حكومة السلفيين وديكورهم التحالفي.