إزاء تفاقم قضايا الفساد المالي بعد الثورة تعتزم وزارة العدل بعث مجمع قضائي مختص في التحقيق والتتبع في القضايا المالية والاقتصادية ومحاسبة كل من يثبت تورّطه في ذلك الفساد. وعن مقتضيات إحداث المجمع القضائي أفادنا مصدر من وزارة العدل أن قضايا الفساد المالي تتسم بالتعقيد وهو تعقيد مرتبط بتشعّب المسالك التي يتوخاها الجناة قصد حجب المصادر غير المشروعة للأموال المتأتية من الجرائم والسعي الى طمس آثارها وذلك باللجوء الي خدمات المختصين في الشؤون القانونية والبنكية والمالية قصد مساعدتهم على تأسيس شركات واجهة وإقامة مستندات تتعلّق بمعاملات تجارية وهمية تهدف الى إدخال الأموال المتأتية من الفساد في الدورة الاقتصادية بهدف غسلها وإظهارها في شكل أموال مشروعة.
وأضاف مصدرنا أن الملفات الواردة على القضاء التي تعهدت بها اللجان المتخصّصة المحدثة بعد الثورة أثبتت حجم الفساد الذي نخر جميع الميادين زمن النظام السابق حسم الأمر في بعضها ومازالت عديد الملفات منشورة أمام قضاة التحقيق والنيابة العمومية.
ما الذي يعطّل سير قضايا الفساد ؟
أكد مصدرنا أن الامكانيات البشرية والمادية والفنية بالمحكمة الابتدائية بتونس غير كافية للنظر في جلّ القضايا المطروحة إضافة الى عدد القضايا بمختلف أنواعها، إذ بيّنت الاحصائيات أن عدد القضايا المنشورة ببعض مكاتب التحقيق يفوق 150 قضية بالمكتب الواحد وهو عدد ضخم لا يسمح بفصل القضايا بسرعة.
كما أن قلّة عدد قضاة التحقيق (24 قاضيا بمحكمة تونس الابتدائية) وأعضاء النيابة العمومية مقارنة بحجم الملفات المتعلقة بالفساد المالي، وعدم وجود مكاتب تحقيق متخصّصة في القضايا المالية ساهم في عرقلة سير القضايا منها 398 قضية منشورة أمام مكاتب التحقيق بابتدائية تونس.
وأضاف أن البطء في إنجاز الاختبارات الفنية بسبب تعهد الخبراء العدليين بمهام أخرى منها الاشراف علي الشركات المصادرة كمتصرّفين قضائيين عطّل بدوره الحسم في هذه القضايا.
وفي جانب آخر علّل مصدرنا التأخير بتشعّب الاجراءات المرتبطة ببطاقات الجلب الدولية التي تحرّر ضد المتهمين المحالين بحالة فرار. وبالإنابات القضائية الدولية وكثرة الأطراف المعنية في عديد القضايا، مع النقص في التكوين في المجال الاقتصادي والمالي.