درّاجي... درّاجينو... دراجي الترجي... هو دراجينا... دراجي تونس كلها... حرام ان يخسر نفسه، وأن نخسره نحن جميعا (الترجي والمنتخب) بسبب زلّة، وسوء تصرف إن دلّ على شيء فإنما يدل على أن الحلقة المفقودة في حسن تأطيره هي التي ظللته السبيل وجانبت به الصواب... فتاه أو كاد، وأخطأ في حق نفسه قبل فريقه ومنتخب بلاده. هذا الفتى الذي وبشهادة كل العارفين بصم وأمضى على تأشيرة عديد الألقاب، المحلية وكذا القارية، التي وشّحت أروقة الحديقة «ب» حيث ترعرع ونما وفَقه أبجديات الكرة تحت رعاية رجالات شيخ الأندية التونسية. ولا مجال لنكران ذلك..
هذا الفتى الذهبي الذي رسم البسمة وأدخل البهجة في نفوس كل عشاق الكرة وحتى غير عشاق الكرة في أكثر من محفل وأكثر من مناسبة وأن ننسى فلا ننسى ما فعله في احدى أمسيات رمضان قبل الماضي حين أطلق قذيفة قضت على آمال النيجيريين في عقر دارهم... مطلقا بذلك شماريخ فرحة لا توصف عمت كامل ربوع البلاد دون استثناء ليخرج اثر ذلك كل متتبعي الكرة الى الشوارع والمقاهي للتنويه والإشادة بخصال الدراجي ومقدرته وفنياته الكروية الرهيبة والهتاف بالصوت العالي «دراجي... دراجي».
هذا الفتى الذي جلب لتونس وهو معطل عن «العمل» عفوا عن اللعب لقبا لطالما لهث وراءه الكبار من اللاعبين... لقب أحسن لاعب عربي.. وسط ذلك الزخم الهائل والمنافسة الشديدة ومن المبجلين من بلاد البترودولار.. فهذا اللقب تراءت له ابداعات الدراجي ولامست ذاكرته فأيقظتها ليعرف صاحبه الحقيقي ويتحسس طريقه لوحده نحو مستحقه «دراجينو» الذي كان في قمة التواضع مع ان نجوميته عبرت الحدود وتجاوزت البحار دون ان ينتابه داء الغرور والتعالي.. وعليه، فكل عاقل ومتابع للشأن الكروي ببلادنا لا نعتقد انه يرتضي أن يأفل نجم الدراجي او يندثر وهو في عزّ العطاء، وبهذه السرعة المذهلة، وبهذه الطريقة المحفوفة بسوء التصرف وحتى الرداءة.
فإن كانت هناك رياح غادرة عصفت بفتى الترجي فإن بيت الترجي أقوى من أن تزعزعه أو حتى تربكه أعتى العواصف لتنال من اي من أبنائه... ودراجي الترجي، ما دام على ذمة الترجي فلا بأس من رأب الصدع، وتدخل ذوي النوايا الطيبة بالكلمة الطيبة والمبادرة الطيبة من رجال الترجي الأوفياء ومن جماهيره التي طالما أسعدها الدراجي فعشقته... ولا نظن الجميع مرتاحا لرحيل الدراجي الذي ترك غيابه عن تشكيلة المكشخة فراغا لم يقع سده فعلا رغم كل الانتدابات... ولا نخال كل الأطراف الا متسامحة متفهمة للحالة حتى يتحفّز الكل من أجل عودة الابن الضال الى حظيرة ناديه ومهده الأصلي... خاصة بعودة معلول على رأس الإطار الفني لفريق باب سويقة الذي تنتظره مواعيد جدّ هامة محليا وقاريا... وهو في حاجة الآن بعد ان انتابه الارهاق حقا الى جرعات أوكسيجين إضافية تعيده الى سكة الابداع والتألق كما تعوّد... ربما كانت البداية بعودة ابن الترجي الممرن، لتشمل فيما بعد الابن الآخر وصانع ألعابه الذي لا ترضى له جماهيره المخلصة ومحبّوه الأوفياء ان يهمّش من قبل هؤلاء الزبانية والمتاجرين بمواهبنا الصاعدة والذين أغروه في فترة ضعف وإحباط ربما ليلتفّوا عليه ببضع عشرات من الملايين التي لا تعدو ان تكون مجرد «تفتوفة» إذا ما رأي مسؤولو الترجي مبدأ استرداد الدراجي ولو ببعض التنازلات العابرة .