طالب أمس الاول المرصد التونسي لاستقلال القضاء بضرورة تفعيل دور السلطة القضائية لانجاح مسار العدالة الانتقالية وتحقيق أهداف الثورة وذلك بمقاطعة التصور السائد الذي همش القضاء واعتبره مجرد جهاز تابع للسلطة التنفيذية. وكان ذلك خلال ندوة علمية انعقدت أمس بأحد النزل بمدينة بنزرت. صرحت القاضية هدى التوزري وهي مستشارة بالمحكمة الادارية ان القضاء الاداري يضطلع بدور جوهري في ارساء العدالة الانتقالية وذلك بالبت في شرعية القرارات الادارية التي تصدرها مختلف الادارات على غرار قرارات الاحالة على التقاعد الوجوبي لبعض الاطارات.
مثلما حدث في سلك الديوانة التونسية على خلفية اتهامهم بالتورط في قضايا فساد ورشوة وذلك ينضوي طبق أحكام الفصل 17 من قانون المحكمة الادارية وبينت هدى التوزري أن فتح ملفات الفساد والتقصي في خلفياتها وملابساتها هو الباب الذي ينير الطريق أمام العدالة التي تناشد تعويض ضحايا القمع والاستبداد طوال عقود خلت. ونوهت بالوظيفة الاستشارية للقضاة الاداريين اذ تعتمد عليهم الحكومة بخصوص بعض مشاريع وتستشيرهم اللجان على غرار لجنة تقصي الحقائق حول الفساد والرشوة ولجنة المصادرة باعتبارهم خبراء يدركون مواضع الخلل وملابسات النزاع الاداري، وجملة هذه الوظائف من شأنها ان تثري العدالة الانتقالية بمفهومها العميق.
بحث القضاء في ملفات الانتهاكات
تطرق المنذر الشارني الكاتب العام للمنظمة التونسية لمناهضة التعذيب الى ضرورة فتح ملف الانتهاكات التي طالت حقوق الانسان وجرياته طوال عقود مريرة خلت سواء كان الانتقالية جماعيا بصدوره عن الدولة أو تنظيم أو مجموعة أو فرديا بصدوره عن شخص يتصرف باسمها وناشد الشارني مواصلة اتخاذ الاجراءات الردعية والوقائية العاجلة لانصاف المتضررين وطي صفحة الظلم.
المحامي والعدالة الانتقالية
صرح المحامي أنور القوصري عضو الهيئة المديرة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الانسان أن قطاع المحاماة قطاع نخره الفساد خلال العهد البائد وتجاوبا مع العدالة الانقتالية وحب تطهير هذا السلك من الداخل باشراف المساهمين في انجاح الثورة والذين نددوا بالتجاوزات وسعوا الى فتح ملفات المحامين المتورطين في قضايا الرشوة والسمسرة وخدمة مصالح المخلوع والمقربين منه.
جبر ضرر الضحايا
شدد وسام الجراية وهو قاض بالمحكمة الابتدائية بتونس على ضرورة اعتماد آلية حبر الضرر في فترة العدالة الإنتقالية نظرا لعمق أبعادها التي تتعدى التعويض المادي إلى التعويض الرمزي ودعا إلى صياغة النصوص المتعلقة بالموضوع وإيجاد نظام قانوني خاص بتعويض المتضررين من النظام الإستبدادي القديم لما لذلك من دور في تدعيم المرونة بالمحاكم التونسية ويضفي عليها دورا فعالا يستند إلى الواقع لا إلى التنظير فحسب...
وتمسك وسام الجرّاية بوضع مقاييس تعويض موحدة ومضبوطة وتصنيفها طبق طبيعة الانتهاكات وفداحة الأضرار اللاحقة عنها والحرص على إرضاء المتضررين بإعمال معايير تمكنهم من الحصول على حقوقهم دون تمييز وانتهى إلى التحذير من استعمال مسألة التعويضات لشراء صمت الضحايا ومدخلا للإفلات من العقاب؟!!
توصيات
أجمع أحمد الرحموني رئيس المرصد التونسي لاستقلال القضاء وعمر الوسلاتي وبليغ العياسي وهما قاضيان وعضوان بالمرصد التونسي لإستقلال القضاء على وجوب الإعتراف بدور المرفق العدلي في العدالة الانتقالية بكافة المراحل وتدعيم الكشف عن الحقيقة ومحاسبة المتورطين وتعويض الضحايا وفتح صفحة مصالحة بين المواطن والقضاء لأنه الإطار الطبيعي لتعري التجاوزات ومسار فتح ملفات فساد لم تكشف بعد...
وأعرب أحمد الرحموني عن استنكاره لما سماه بقوى الشد إلى الوراء واستدرك بالتنويه بشرعية بحث القضاة عن الحقيقة وفق اجراءات قانونية تقطع مع الضبابية وخدمة السلطة التنفيذية.
وناشد «الرحموني» تضافر كل الجهود للإسراع في تطهير القضاء وفق آليات العدالة الانتقالية التي تفسح المجال نحو إعادة الاعتبار للمواطن الذي كبلت حرياته وحفظت انتهاكاته في رفوف مكاتب الفاسدين...