في الوقت الذي ينتظر فيه المئات من المعطلين من حملة الشهائد العليا فرص العمل في المؤسسات الحكوميّة ، فضل عدد آخر من شباب عقارب البحث عن مورد رزق خاص عن طريق بعث المشاريع، لكنهم اصطدموا بعديد الصعوبات.. ففي مدينة عقارب من ولاية صفاقس التقينا ببعض الشباب الحالمين بمشاريع هامّة ومتنوعة يمكن أن تفتح في وجوههم أبواب الرزق وتوفّر فرص العمل لهم ولبعض المعطّلين علاوة على طابعها الخدماتي الاجتماعي إلّا أنّ هذه المشاريع لم تجد الأرضيّة المناسبة حتى الآن لسبب لآخر فتعطّلت وبقيت حبيسة الرّفوف.
فالشاب سالم بن رقيقة مثلا معطّل عن العمل حامل الأستاذيّة وبعد أن يئس من وظيفة اختار بعث مشروع يتمثّل في إنشاء مخبزة بالمدينة بعد أن ساعده والده بقطعة أرض أنشأ عليها بناية مناسبة لمشروعه وبعد أن أعدّ المستلزمات والوثائق اللازمة اصطدم بإجراءات روتينيّة إدارية خلنا أنّ الثورة كنستها تمثلت في حرمانه من الترخيص بتعلّة أنّ المدينة لا تحتمل مخبزة جديدة وعدد المخابز كاف ووالحال أنّ بعد الرابعة زوال من مساء كلّ يوم لا نجد أثرا للرغيف في هذه المدينة.
وعلى عكس سالم بن رقيقة فإنّ السيّدة عواطف بن مسميّة تمكنت من الحصول على ترخيص في فتح محل للخدمات الإعلاميّة يناسب مؤهّلاتها العلميّة إلّا أنّ حالتها الاجتماعيّة بحكم عدم القدرة على تجهيز هذا المحلّ دفعها إلى تأجيل المشروع إلى حين الحصول على الدعم. غير أنّها في المقابل ساعية للحصول على وظيفة بحكم أنّ مشروعها معطّل وهي تحتاج فرصة عمل.
الحبيب التريكي بدوره شاب معطّل حامل للأستاذيّة في الرياضيات وشهائد أخرى في الإعلامية والملتيميديا والتصرّف وإنشاء المؤسسات، بلغ عتبة الأربعين من عمر بدأ يتسارع في غياب شغل قار أو وظيفة، أطلق بدوره نداء استغاثة عبر الشروق بعد أن تحرّك يمينا ويسارا دون جدوى رغم مؤهّلاته العلميّة وصعوبة ظروفه الاجتماعيّة .
ويؤكد الحبيب أنّه عاش تجربة مريرة بعد أن بعث مشروعا خاصا في عقارب يتمثّل في محلّ أيضا للخدمات الإعلامية بحكم امتلاكه شهائد علميّة في هذا الاختصاص وولعه الشديد بهذا الميدان إلاّ أنّ «أولاد الحلال» في عهد المخلوع عرقلوا مشروعه بعد أن فتحه بل منعوا عنه الدعم وطالبوه بتمويل ذاتي كبير مقارنة بالمبلغ المطلوب رغم تعدّد الصّناديق التي أنشئت باسم الشّباب. لكن الحبيب التريكي لازال يحلم بإعادة تأهيل مشروعه متى توفّر التشجيع والدعم اللّازم من السلط حتى لا يحرم بعد الثورة كما حرم سابقا إذا اعتبرنا فرص الوظيفة ضئيلة بعد بلوغه الأربعين.
من جهة أخرى يستعدّ الفنان التشكيلي علي بن محمّد وهوشاب مجاز ومعطّل أيضا إلى بعث مشروع بيئي عملاق يتمثّل في تحويل المواد البلاستيكيّة يمكن أن يساعد على الحدّ من ظاهرة التلوّث التي تخنق مدينة عقارب إذا وجد التمويل والدعم خصوصا من المؤسسات الحكوميّة والصناعيّة التي تساهم في هذا التلوّث، واللّافت للنظر أنّ مثل هذه المشاريع قادرة على خدمة المجتمع وتوفير مواطن شغل للمعطّلين.