الأمن هو نعمة من نعم الله العظيمة يعطيها من يشاء من عباده لا يستشعرها الاّ من فقدها. وهو مسؤولية الجميع: جهاز أمني ومجتمع مدني وأحزاب سياسية ونقابات وغيرها من مكوّنات المجتمع المدني. فرجال الأمن يعملون جاهدين لتحقيق الأمن والأمان، ويتجلى ذلك في ملاحقة المنحرفين والمجرمين والمخربين والمفسدين وقطاع الطرق، وخاصة الخائنين لوطنهم، كما يعملون على تحقيق العدل بين النّاس، والحِفاظ على النفس البشرية والأعراض من المساس بها أو انتهاكها فهم يحافظون على أموال الدولة من الضياع والاختلاس والسرقة والتبديد، حتى تستقر الأوضاع بين الأفراد والمجتمع، وتسمو الدولة في أعين الأمم الأخرى.
أصحاب رسالة
ومن واجبات رجال الأمن الحفاظ على النظام العام بمنع الاضرابات العشوائية التي تتحوّل في أغلب الأحيان الى فوضى عارمة، حرق وتكسير وتهشيم وسرقة... و الاعتصامات التي تخرّب الاقتصاد الوطني وتنفر المستثمرين من الاستثمار ..
فرجال الأمن لا بد أن يؤمنوا أنّهم أصحاب رسالة وأمانة، هذه الأمانة التي أبين أن يحملها السموات والأرض والجبال وأشفقن منها، قال تعالى {اِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْاِنسَانُ} (الأحزاب 72).
ينبغي تأديتها على الوجه التام، والله تعالى معهم يكلؤهم بعين رعايته، فهم يتصدون برباطة جأش، وقوّة عزيمة، غير مكترثين بما قد ينتج عن عملهم من خطر وهلاك. قال تعالى {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ اِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُواْ لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ اِيمَاناً وَقَالُواْ حَسْبُنَا اللّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} (آل عمران 173). من الذين يريدون حياة الغوغاء وقانون الغاب لهدف ضرب كل الخيرات في البلاد وبث الرعب في المجتمع{وَاِذَا قِيلَ لَهُمْ لاَ تُفْسِدُواْ فِي الأَرْضِ قَالُواْ اِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ أَلا اِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِن لاَّ يَشْعُرُونَ} (البقرة 11 و 12).
ورجال الأمن هم أول من يمثل الأمن قبل الدولة ويمثلون الوطن وحفظ الحقوق بالعدل لا يميزون بين الفقير والغني، ينطقون بالحق، ويتفانون في محاولة القضاء على العناصر الفاسدة في المجتمع، وتطهيره من الرذيلة، وهم يبذلون النفس والنفيس في جلب الراحة والأمان والسعادة والاطمئنان لتشمل المدن والقرى، فتنام أعين النّاس في راحة وأمان. فهم دائما العيون الساهرة لذلك زكاهم النّبيّ صلى الله عليه وسلّم في قوله: «عينان لا تمسهما النّار، عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس في سبيل الله». (رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي).
مهمة قوامها العدل
ومتى توفر الأمن للفرد والمجتمع تحقق الخير والرخاء في كافة مجالات الحياة. قال تعالى {وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ} (سبأ 18) ومن هنا ندرك أن مهمة رجال الأمن مهمة جليلة، قوامها العدل والسعي الى تحقيق الأمن والطمأنينة, ولهذا فان على كل مواطن أن يساهم ويتعاون مع رجال الأمن في تحقيق غاياتهم، ليسود العدل، وينتشر الأمن في ربوع البلاد، فهذا واجب وطني يمليه على الانسان حرصه على سلامة وطنه من عناصر الضلال، والاسهام في تقدمه بانتشار الأمن فيه والأمان. وينبغي مساعدة رجال الأمن في الكشف عن المجرمين والمخالفين للقوانين الموضوعة.
فرجل الأمن مُكلف بضبط القاتل واللصوص، وضبط المتاجرين والمتعاطين للمواد المسكرة والمخدرات والأسلحة. وعلى المواطن الابلاغ عن أي شخص يحاول اخلال الأمن في البلاد.
فالمسلم الحق هو الذي يحترم رجل الأمن، ويساعده على القيام بواجبه الوطني. حيث أنّه يلتزم بالتقوى والاخلاص والاستقامة في السلوك حتى يأمنه النّاس، وحسن الأخلاق حتى لا يؤذي أحدا، ويلتزم بالنظام.
والله ان نحن التزمنا بما جاء في قرآننا وسنة نبينا صلى الله عليه وسلّم واحترمنا القوانين نبذنا المشاحنات والمخالفات، فلا شجار ولا تعدٍّ على الحقوق، ولا سرقة أو انتهاك، الكل يعمل باخلاص واستقامة وأمانة، والقانون يسود الجميع.
تحيّة تقدير واكبار لرجال الأمن الذين يسهرون على أمن المجتمع، فتنام أعين المستقيمين بأمان، وينعم الجميع بالسكينة والاطمئنان. أسأل الله أن يحفظ تونس من كلّ الفتن ما ظاهر منها وما باطن ويؤمن شعبها ويجنب شبابها الطائفية ويجمع شملنا ويؤلف بين قلوبنا ويرحم ضعفنا ويوفّق كلّ مصلح ونقيّ صدورنا من الغلّ والحقد والحسد، كما أسأل الله العلي القدير أن يردّ على تونس وبلاد المسلمين الأمن والأمان والاستقرار.