شهدت المقاهي خلال «الأورو» انتعاشة قصوى ماديّا وبشريّا ونفسيا وجماليّا, فقد ظلّت طيلة المسابقة عامرة كلّ يوم بعشاق كرة الكرم بين السابعة والحادية عشر مساء وقد أفادنا أحد المحاسبين أنّ بعض المقاهي قد بلغت فيها المداخيل عشرة أضعاف ما كانت تغنمه في الأيّام العاديّة إلاّ أنّ هذا المكسب سبقته مغامرة ماديّة كبرى تمثلت في اقتناء بعض أصحاب المقاهي بهذه المناسبة شاشات عملاقة بل إنّ أحدهم تحيّن المسابقة لفتح مقهى جديد جهّزه بكراسي وثيرة وخمس شاشات فحيثما وليّت وجهك داخل المحلّ ظفرت بالصّورة في منتهى الصّفاء
المقاعد الأولى والحجز المسبق
نظرا إلى الإقبال الغفير على « مقاهي الأورو» يعمد بعض الروّاد على الحجز المسبق للمقاعد الأماميّة إذ ينبهك النادل بكلّ لياقة إلى أنّ تلك الطاولة على ذمّة مجموعة فتختار غيرها فيشير إليك أحد الجالسين إلى أنّ هذا الكرسي على ذمّة صديق له قادم بعد دقائق، وهكذا حتى تغصّ المقهى بالحاضرين, فيضطرّ البعض إلى متابعة المباراة وقوفا أو على عتبات المحلّ أو من وراء النوافذ.
الطريف أنّ بعض المقاهي تمتلئ قبل أن يمتلئ ملعب المباراة الأصلي ببولندا أو أوكرانيا، فالمُشاهد يتابع عرض الجزيرة لأجواء ما قبل ساعة من بداية المباراة، فيتفطّن إلى مئات المقاعد الشاغرة ويلتفت حوله في المقهى فيجدها عامرة.
اللافت أنّ الحضور المتواتر لنفس الوجوه أثمر ألفةً بينها كما كان يحدث في مجموعات فيراج الإفريقي والترجي ومتى تغيّب واحد تفطّن إليه البقيّة وسألوا عنه. وشيئا فشيئا نشأت علاقات بين هذه الفئة من الجماهير فإذا الفضاء يتحوّل قبل المباراة وبين الشوطين وبعدها إلى منبر للتحليل وإبداء الرأي والتقييم كما لا يخلو المشهد من تعصّب لهذا المنتخب أو لذاك حتى يتخيل غير المتعود على متابعة لقاءات الأورو في المقاهي أن المقابلة تجمع بين الافريقي والترجي بالاضافة إلى الولع المفرط ببعض النجوم في مقدّمتهم كرستيانو رونالدو ونياستا وأيكر كاسياس..
صيحات للفنيات وآهات للحسناوات
يدرك التفاعل مع مباريات «الأورو» ذروته خاصّة في المنافسات التي تكون فيها اسبانيا وألمانيا والبرتغال وإيطاليا طرفا، ويتشكّل هذا التفاعل من خلال الصيحات التي تنبعث عند كلّ لقطة فنيّة أو فرصة أو هدف، إلّا أنّ الإخراج التلفزي الذي يركّز أحيانا على الحسناوات من الجماهير أثمر ضربا جديدا من الحماس يخرج في شكل آهات إعجاب فإذا انفعالات«جماهير مقهى الأورو» تتوزّع بين صيحات للفنيّات وآهات للحسناوات.
فراغ البطولة الوطنيّة أورث هجرة الجماهير إلى الكرة الأروبية
فسّر الأستاذ سامي المانع إقبال الجماهير المفرط على متابعة « الأورو» بما تشهده المسابقات الوطنيّة من برود أرجعه إلى ثلاثة أسباب، الأوّل حسب رأيه، يتمثّل في تردّي مستوى النادي الإفريقي خلال الأشهر السابقة من حيث التسيير والنتائج ولأنه صاحب القاعدة الجماهيريّة الأوسع فقد كان لذلك انعكاس واضح على المشهد الرياضي عامّة, الثاني مداره استفحال ظاهرة العنف في الملاعب ممّا أورث لدى الجماهير حالة من الاستياء تشتدّ كلّما شاهدت الانضباط واللياقة في الملاعب الأروبيّة، الثالث يرتبط بتواصل قرار اللّعب بلا جمهور نظرا إلى هشاشة الوضع الأمني ووقوع فئة كبيرة من الجماهير تحت طائلة التّعصّب.