شهد سوق بيع المساكن في بلادنا شططا كبيرا في الاسعار اعتبره المهندس حبيب مهني (عمادة المهندسين المعماريين) يتجاوز بكثير الكلفة الحقيقية للبناء. ذلك أن كلفة المتر المربع من المساحة المغطاّة كانت تباع بما يناهز 300 أو 400 دينار أما بعد الثورة فقد تضاعف ثمنها ليتراوح ما بين 500 و600 دينار. هذا ما ذكره المهندس حبيب مهني ل «الشروق» على هامش الندوة الصحفية التي عقدها أمس المركز الفني لمواد البناء والخزف والبلور تحت شعار شهر الجبس. وأضاف المهندس أن ارتفاع أسعار المواد الاولية وكلفة اليد العاملة تسببا أيضا في هذا الغلاء الذي يتذمّر منه التونسي باستمرار.
ولاحظ أن اعتماد الجبس في البناءات بدلا عن الاسمنت في «الليقة» وعوضا عن الآجر خلال البناء بامكانه ان يوفّر نحو 30٪ من كلفة البناء بالاضافة الى ضمان جودة ورفاهية أكبر في المسكن، ذلك أنه من خصائص الجبس أنه يتحمّل حرارة الحرائق اكثر من الآجر وبيئيا لا يفرز عند تصنيعه مواد ملوثة كما لا يفرز عند استعماله في البناء مواد نووية ويمتص الرطوبة في المناطق الرطبة كما يبعث الرطوبة في المناطق شديدة الحرارة ومن حيث الصلابة لا يختلف عن الآجر أو غيره من المواد المستعملة حديثا.
ويضيف المهندس أن الاعتماد على مادة الجبس كان يقتصر على الديكور في أسقف المباني فحسب لكن تطوّر استعماله حاليا، لذلك يمكن أن يصبح بديلا للاجر والاسمنت خاصة أن اعتماده يوفّر ربحا في وقت الانجاز بنحو 10 مرات أقل من الطريقة التقليدية وتقليصا هاما في الكلفة. 400 سنة...
من جهته ذكر رئيس المركز الفني لمواد البناء والخزف والبلور السيد منير البحري أن اعتماد الجبس يمكنه ان يكون الحل لتقليص كلفة البناءات ووقت انجازها ولمقاومة احتكار مواد البناء الاخرى.
وأضاف أن لدينا مخزونا من هذه المادة بتطاوين وسيدي بوزيد يكفي لحاجياتنا مدّة 400 سنة قادمة كما أن بلادنا تحتل المرتبة الثانية عالميا في انتاج الجبس ولا تستغل السوق الداخلية سوى 2٪ من الانتاج. ولاحظ أنه من ايجابياته أنه مقتصد في الطاقة (40٪ من استهلاك الطاقة في قطاع الصناعة يوجه نحو صناعة مواد البناء) ويعدّل الرطوبة ويسبّب الرفاهية في المنزل ولا يستهلك الكثير من الطاقة خلال التدفئة أو التبريد.
تشغيل
ومن الايجابيات الاخرى لادراج هذه المادة في بناءاتنا تشغيل اليد العاملة في الجهات فالشركة الواحدة لا تكلّف أكثر من 20 ألف دينار في البداية. وقد تم فعلا الانطلاق في تكوين مختصين في هذا المجال سواء في مجال «الليقة» أو صنع الألواح الجبسية (التي تستورد حاليا في حين يمكن صنعها محليا وتستعمل بدل الاجر في البناء). وقد تم تكوين أفواج من الشباب الذين انطلق بعضهم في احداث مشاريعه. كما تعمل وزارة التجهيز على ادراج استعمال الجبس ضمن كراس الشروط للمباني المدنية، ويهدف التكوين الى ايجاد شركة انتاج جبس في كل ولاية.
3 مصانع
تحدّثت «الشروق» أيضا الى حافظ الحمامي (صاحب مصنع جبس). وقد ذكر ان بلادنا تضم حاليا 3 مصانع للجبس انتاجها موجه بنسبة 80٪ الى الخارج. ولا يستعمل حاليا سوى لديكور الأسقف لكن بفضل تطوّر استعمالاته في العالم تم التفكير في تونس لاعتماده ضمن الاستعمالات الموسعة خاصة أنه يقتصد نحو 10 مرات في الوقت الذي يتطلبه الانجاز.