ما رشح عن لقاء الاسد عنان يشي بوجود بارقة أمل بشأن حل سياسي يوقف انهيار الأوضاع في هذا البلد الشقيق بما يفتح الطريق الى اتفاق يوقف شلال الدم ويرسي أسس اصلاحات سياسية حقيقية ويحمي سوريا بالنتيجة من تبعات هذه المؤامرة الخطيرة التي تركب الحراك الشعبي ومطالب الاصلاح المقبولة وتمضي بسوريا بعيدا الى أتون الاقتتال والفتنة. بالتأكيد مفاتيح الحل توجد في سوريا... ويمتلكها السوريون سلطة ومعارضة، لكن الطرفين لا يملكان كل المفاتيح... فالجوار الاقليمي يملك البعض من هذه المفاتيح... والقوى الدولية الكبرى تملك البعض الآخر... وإذا كان المبعوث الأممي كوفي عنان الذي يجدّ ويسعى بحثا عن حل توافقي يريد لمساعيه ان تكلل بالنجاح فإنه يجد نفسه أمام مسؤولية طرق كل أبواب الحل بدءا بالداخل السوري وانتهاء بالقوى الدولية الفاعلة مرورا بالجوار الاقليمي. وفي هذا الباب فإن حواره البناء والصريح مع الرئيس السوري بشار الاسد يحتاج، لكي يثمر، الى حوار صريح وبناء مع المعارضة السورية ومع الجوار الاقليمي والدول الغربية بالخصوص الداعمة لفصائل المعارضة.
ذلك أن الحوار لن يثمر والحل لن يجد طريقه الى أرض الواقع إذا ما لم تكتمل حلقاته، وما لم يصارح المبعوث الاممي الاطراف المقابلة للسلطة السورية بكل الحقائق وما لم يضعها امام مسؤولياتها... فكيف يمكن وقف الحريق إذا كانت هذه الاطراف تصر على صب الزيت على النار؟ وكيف يتهيأ مناخ إيجابي للحل إذا كانت هذه الاطراف تصر على تمويل وتسليح مجموعات شحنت بالحقد الطائفي وتصرّ على إعطاء طابع طائفي لحراك انطلق من أجل الاصلاح ومن أجل مطالب سياسية؟
ان السيد كوفي عنان، ولكي يضع حدّا لهذه الحلقة المفرغة التي تدور فيها جهوده ومساعيه الخيّرة، مطالب بأن يضع كل الاطراف أمام مسؤولياتها بغية وقف النزيف أولا ومن ثم إيجاد حل توافقي يمكّن من انطلاق مسار ينتهي بانتخابات حرة ونزيهة تبقى الكفيلة بحسم الصراع... وهي تتطلب أول ما تتطلب استتباب الأمن والاستقرار وانهاء هذا التمرد المسلح الذي تغذيه أجندات إقليمية ودولية يدرك السيد عنان كل أبعادها وخفاياها.