لا أحد يمكن أن يناقشني في أن تونس بلد العجائب بامتياز... فبفضل مواهبنا التي يشهد بها القاصي والداني، أصبحنا مادة خصبة للتندر والروايات المتبعة على الفايسبوك والتويتر... ومن شدة مواهبنا في صنع العجائب أننا طوعنا «كارل ماركس» بطم طميمه وأدخلناه حظيرة «رأس المال»... يا «بوقلب».. ومن شدة وهول الصدمة ان «الرفيق» حمة الهمامي بعد 24 ساعة فقط اتخذ قرارا بإسقاط كلمة «الشيوعي» من تسمية حزبه بعد أن سقط «عراب» الشيوعية الى مليارات سليم الرياحي.هذه الصورة تبقى في حدود التندر، لكن الزاوية التي تخيف في الحكاية هي هذه الهوة التي في طريقها للاتساع بين أندية الأثرياء وأندية الفقراء فانتدابات الترجي والنجم والافريقي وحدها تضاهي ميزانيات كل أندية الوطني «أ» و«ب» مجتمعة.. وفي الوقت الذي يضرب لاعبو أغلب أنديتنا لعدم خلاص مستحقاتهم تتجرأ أندية أخرى على انتداب لاعبين ستكون جراياتهم في حدود ال50 وال100 ألف دينار شهريا!!؟من المؤكد ان البعض هنا سيشنف آذاننا بحكاية الاستثمار الرياضي وغيرها من الخزعبلات وهو كلام مردود على أصحابه فكيف نتحدث عن استثمار يغطى فيه منطق الخسارة منذ البداية! ف«جابو» مثلا تكلف على خزينة الافريقي حوالي 4 مليارات ولن يشارك سوى لموسمين لن يكون له فيها اي مشاركة قارية مع الافريقي وفي حال فوز الافارقة بكل الألقاب محليا وقاريا فإنها لن تدر على خزينة الفريق ما يعادل هذا الرقم... إلا في حال حصوله على كأس العالم للأندية...نفس المنطق ينسحب على الترجي الذي حقق انجازا استثنائيا ببيع المساكني بصفقة تاريخية، الا ان المنافسة المغلوطة في المزايدة في سوق اللاعبين قد تجعله يفرط في هذه العائدات لأجل انتدابات خارجية لا طائل من ورائها.هذا النزيف قابل للتطور والارقام فاقت حرارتها حرارة «شهيلي» هذه الأيام، والمحير هو غياب سلطة الاشراف حتى بالاشارة لكبح جماح جنون «رأس المال» الى جحيم صراع السياسة والمال.