يستمر اهتمام التونسيين في الموقع الاجتماعي بمؤتمر النهضة، فيتجند أنصار الحركة لنقل وقائعه بالصوت والصورة وامتداح الديمقراطية السائدة في أشغاله، فيما يتهم نشطاء المعارضة الحركة بتوظيف موارد الدولة لانجاز المؤتمر «تماما كما كان يحدث في مؤتمرات التجمع». في الأثناء، ينشغل الكثير من التونسيين باستمرار موجة الحر ونقص المياه وتراكم الأوساخ في الأماكن العامة، كما لاحظنا حملة غضب بسبب محتوى حملة اشهارية ذات ايحاء جنسي، اذ بعد «ما نعملو شيء»، جاءت «اشتهيتو»، غير أني شخصيا أخجل من كتابة العبارة الثالثة لأنها حقيقة لا يمكن فهمها خارج المفردات الجنسية الفاضحة. وكتبت احدى الزميلات تعليقا غاضبا جاء فيه: «ياخي التونسي ما نجلب انتباهه كان بالايحاءات الجنسية الرخيصة ؟» وكتبت ناشطة حقوقية من الجيل القديم: «حتى الاشهار هبط للميدان»، فيما اعتبرت العشرات من التعاليق أن مثل هذا الخطاب ليس سوى استفزازا جديدا للتيارات الدينية ومبررا آخر لمعركة جديدة تضيع وقت وجهد البلاد والعباد.
غير أن مؤتمر النهضة يبقى أكثر موضوع يشغل الناشطين في الصفحات التونسية، خصوصا بعد أن نشر ناشط معروف يوم أمس خبرا يقول ان مصدره «موظف سام» في الوزارة الأولى، وجاء في الخبر أن 3742 موظفا وعاملا بالوظيفة العمومية قدموا «رخصة ثقافية» أي اجازة مدفوعة الأجر لمدة 6 أيام لحضور مؤتمر حركة النهضة وأن مثل هذه الاجازات كلفت خزينة الدولة أكثر من 582 ألف دينار و598.265 مليما دون احتساب أجور من سيعوضهم وتعطيل شؤون المواطنين. لكن ناشر هذا الخبر الذي تناقلته المئات من الصفحات لم يذكر لنا مصدره، ولم يعززه بأي دليل عملي، خصوصا في ظل ما ينشره نشطاء النهضة من أن الحركة لم تستغل أي مرفق عمومي مجانا، وأن منخرطيها هم الذين يدفعون تكاليف المؤتمر.
وفي هذا الاطار، نشر ناشط حقوقي خبرا جاء فيه أن حركة النهضة سخرت أكثر من 53 حافلة لنقل المؤتمرين، حتى أن ناشطين من المعارضة تداولوا تعليقا ساخرا جاء فيه: «ما ينقصها كان اللواجات والتاكسيات تحمل الأعلام والمواطنين مجانا كما كان يفعل التجمع». لكن صفحة من صفحات النهضة كذبت خبر تسخير حافلات النقل العمومي لنقل المؤتمرين، وأكدت أن العملية تمت وفق القانون وبوثائق رسمية، لكن دون أن يفسر لنا ان كانت الحركة قد دفعت فعلا ثمن استئجار وسائل النقل العمومي أم لا. وربما بسبب هذا الغموض السائد في خصوص علاقة مؤتمر الحركة بموارد الدولة هو الذي جعل العديد من الناشطين يطالبون نواب المجلس بمساءلة وزير النقل عن هذه النقطة. وعن المجلس أيضا، تم تداول خبر عن تعطل أشغال اللجان منذ يوم الجمعة لأن السادة نواب النهضة يشاركون في المؤتمر، وهو موضوع آخر تستغله صفحات المعارضة للهجوم على «الحزب الحاكم» كما تسميه.
ومن خلال استعراض صفحات النهضة في الموقع الاجتماعي، لم نجد ذكرا لمسألة التداخل بين الحركة ومؤسسات الدولة، أو توضيحا أو تكذيبا لما يتم نشره في الموقع عن هذه المسألة، انما لاحظنا مرة أخرى الوسائل الضخمة التي يوظفها نشطاء الحركة لتوفير تغطية اعلامية جبارة.
وبعيدا عن العراك السياسي والعقائدي التقليدي بين طرفي النزاع في تونس، قرأنا تعليقا جيدا نشره أستاذ جامعي من العاصمة عن مؤتمر النهضة جاء فيه: «كنت أنتظر أن تفتح ملفات سياسية وفكرية حساسة في هذا المؤتمر، مثل موقف الحركة من التيارات السلفية والجهادية، موقفها من علاقة الدين بالدولة، كما كنت أتوقع أن يكون أول مؤتمر علني لهذه الحركة فرصة لنقاش سياسي عام في البلاد فاكتشفت أنه مؤتمر يكاد يكون مغلقا على منخرطي الحركة وأصدقائها».