«أوقفوا العنف المسلط على عاملات المنازل» كانت هذه صيحة فزع أطلقتها الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات أمس خلال ندوة صحفية سلطت الاضواء على هذه الفئة من النساء وانعدام آليات الحماية. وخلال الندوة تم التطرق الى أنواع العنف المعنوي والجسدي والجنسي وهو نوع من أنواع العنف المسكوت عنه. وطالبت الجمعية اتحاد الشغل بتبني مطالبهن المشروعة في انتظار انخراطهن في نقابات وجمعيات تحميهن.
استغلال
وقد عاينت الجمعية عبر ضحايا العنف الواردة على مركز الانصات وتوجيه النساء عديد الحالات المتعلقة بالعاملات المنزليات اللاتي تقاسين ظروفا صعبة جدا. كما تطرقت عديد الدراسات الى أهمية العنف الاقتصادي والاجتماعي الذي تعاني منه هذه الفئة منها دراسة جمعية النساء التونسيات للبحث حول التنمية والمسح الوطني حول أشكال العنف الذي أنجزه الديوان الوطني للأسرة والعمران البشري.
هذه الفئة تعيش ظروفا هشة ولا تتمتع بحماية قانونية كافية في ما يتعلق بالأجر الأدنى والتغطية الاجتماعية وعدد ساعات العمل. كما لا يتمتعن في تونس بما يقتضيه احترام حقوق الانسان للعاملات المنزليات وفق ما تنص على ذلك الاتفاقية الدولية عدد 189.
المؤبّد
وفي اطار عرض الخروقات والمظالم التي تتعرض لها عاملات المنازل استعرضت أم المعينة المنزلية رشيدة الكوكي ما تعرضت له ابنتها من بطش انتهى بها الى الحكم المؤبد في السجون التونسية وكل ذنبها أنها عملت لدى عائلة من «آل الطرابلسي» ورشيدة الكوكي تبلغ اليوم من العمر 29 سنة،تم استغلالها منذ كانت في التاسعة من العمر في هذه المهمة.
وقد تعرضت لكل أشكال العنف والإهانة كما حرمت طيلة سنوات من زيارة أهلها حسب شهادة والدتها ومحاميتها بل بلغ الأمر الى حد «استعبادها» بطريقة مقنعة، ولما انتفضت ضد وضعها وعبّرت عن رغبتها في الخروج من هذه «العبودية» وجدت نفسها في السجن مدى الحياة بتهمة محاولة حرق منزل مسؤول وقد اعترفت بالتهمة حسب قول أمها حتى تخرج من ذلك المنزل ولو كان ذلك الخروج سيكون الى السجن وليس الى منزل والديها... وتأمل الجمعية في أن يشمل عفو رئاسي هذه الفتاة التي ذاقت كل أنواع العذاب...
شهادات
لكن بالإضافة الى هذه الشهادة جمعت «الشروق» شهادات أخرى من عدد من المعينات يُفضّلن عدم ذكر أسمائهن..وتختلف تجاربهن بين سوء معاملة من المشغلين وسرعة اتهامهن بالسرقة في كل ما يختفي من المنزل الى التعنيف وحتى التحرش الجنسي... لكن هؤلاء النسوة لا يشتكين ولا يقاضين مشغليهن لأنه لا وجود لعقود عمل تحفظ حقهن او اي دليل على أنه تربطهن بالمشغّل علاقة عمل. كما ان تكوينهن العلمي البسيط يجعلهن لا يعرفن حقوقهن ولا كيفية المطالبة بها بالإضافة الى أنه ليس لديهن امكانيات مادية لرفع قضايا في الغرض.
لكن المهم انه بعد الثورة لابد من تقنين هذه المهنة ومنح عاملات المنازل حقوقهن وعدم استغلال حاجاتهن المادية«لاستعبادهن» بطرق معاصرة.