تونس الصباح : تنتشر إعلاناتهم على صفحات الجرائد وعلى الجدران أحيانا، هم سماسرة اختصوا عشوائيا في قطاع المعينات المنزلية، وهو قطاع رغم الاقبال عليه وازدياد حاجة العائلات إلى خدماته ظل للاسف من القطاعات غير المقننة، مما فتح الباب للعديد من التجاوزات، بعضها يرتكب في حق المقبلين على خدماته والجزء الاكبر من التجاوزات يكون في حق العاملات فيه. فرضت التحولات الاجتماعية لا سيما تلك المرتبطة بخروج المرأة إلى العمل وقضاء كامل اليوم خارج المنزل، تزايد الحاجة إلى وجود معينة منزلية تهتم بشؤون المنزل ويُعهد لها في الكثير من الاحيان بمهمة رعاية الاطفال. ولعل أكثر ما يؤرق النساء العاملات اليوم هو الحصول على معينة منزلية تريحها أو بالتعبير العامي "تهنّيها على البيت والاولاد" طيلة غيابها وزوجها عن المنزل. يستغل كثيرون حاجة العائلات المتنامية وبحثهم المستمر عن معينة منزلية ليمتهنوا مهنة السمسرة في قطاع المعينات المنزلية ويؤسس الكثير من هؤلاء مكاتب ومقار رسمية لهم ويقدمون على نشر إعلانات على أعمدة الصحف مما يوحي بأن نشاطهم هذا قانوني. في المقابل يؤكد السيد منجي عبد الرحيم كاتب عام جامعة المهن والخدمات باتحاد الشغل أن هذه المكاتب والشركات العاملة في مجال توظيف العاملات في المنازل نشاطهم غير قانوني وهو مخالف للفصل 280 من مجلة الشغل. نشير في هذا السياق إلى أن وزارتي الشؤون الاجتماعية والتضامن والتونسيين بالخارج والتشغيل والادماج المهني للشباب كانت قد أصدرت سابقا بلاغا جاء فيه: "أنه إثر معاينة وجود مؤسّسات خاصة تنشط في مجال الوساطة في انتداب اليد العاملة وخاصة المعينات المنزلية، فإن هذا النشاط مخالف لاحكام الفصول 280 و284 و285 من مجلة الشغل وأن المصالح العمومية للتشغيل المتمثّلة في مكاتب التشغيل التابعة للوكالة التونسية للتشغيل والعمل المستقل هي المخوّل لها قانونيا إسداء الخدمات المتعلّقة بمعالجة طلبات وعروض الشغل". تجاوزات عدم قانونية نشاط الشركات والمكاتب في قطاع المعينات المنزلية أدى إلى ظهور الكثير من التجاوزات. تطرق كاتب عام جامعة المهن والخدمات إلى بعضها مشيرا بالاساس إلى التجاوزات المرتكبة في حق العاملات في القطاع من قبيل غياب التغطية الاجتماعية وسوء المعاملة وتشغيل فتيات دون السن القانوني وتعرضهن إلى التحيل في الاجر من طرف المشغل والسمسار... كما بين السيد منجي عبد الرحيم إلى تعرض العاملات في المنازل إلى العنف والتحرش الجنسي. نستحضر في هذا الاطار نتائج دراسة ميدانية أجرتها جمعية النساء التونسيات من أجل التنمية وقدمت بمناسبة اليوم العالمي للمرأة وتناولت "العاملات بالمنازل كامل الوقت" تحت عنوان "حالات العنف المسلط على العاملات بالمنازل كامل الوقت وانعكاساتها على استقلاليتهن". شملت الدراسة عينة من 130 معينة منزلية بمنطقة تونس الكبرى. وأظهرت نتائجها أن 88 بالمائة من المستجوبات هن أميات وأن 94 بالمائة منهن لا يحصلن على تغطية اجتماعية كما يفرضها القانون، بالاضافة إلى أن 99 بالمائة منهن يشتغلن دون عقد عمل. كما كشفت الدراسة على أن 52 بالمائة من المستجوبات لا يتجاوز سنهن 16 سنة، كما أن 71 بالمائة منهن يعملن على مدار السنة دون عطلة سنوية أو راحة خلال ساعات العمل. كما اشتكت نسبة هامة من المستجوبات من العنف حيث أشارت 23 بالمائة إلى العنف الجسدي و11 بالمائة من التحرش الجنسي. وتتقاضى معظمهن أجورا أقل من 150 دينارا، أي أقل من الحد الادنى للاجور بمبلغ 100 دينار. ترتكب أيضا التجاوزات في قطاع المعينات المنزلية في حق العائلات المقبلة على خدمات بعض السماسرة فقد تدفع العائلة "تسبقة" للسمسار وتأتي المعينة ليوم واحد ثم تغادر دون سابق إعلام. وتبين مصادر منظمة الدفاع عن المستهلك أن الكثير من العائلات تجد نفسها عرضة لخسارة اموالها وعدم الحصول على مبتغاها من الشركات العاملة في مجال توفير المعينات وفي اغلب الاحيان لا يتم تعويضها بمعينة اخرى ولا تحصل على الاموال التي دفعتها... تنظيم القطاع يقول السيد الحبيب العجيمي عن منظمة الدفاع عن المستهلك أن غياب شفافية المعاملات وعدم وضوح العلاقة التشغيلية والاطر القانونية المنظمة والضامنة لشروط وحقوق الطرفين ولصلاحيات والتزامات اطراف الوساطة أي الشركات التي توفر المعينات هو المتسبب الرئيسي في ظهور كل هذه التجاوزات. من جهته يؤكد كاتب عام جامعة المهن والخدمات أن المطلوب اليوم للحد من التجاوزات في قطاع المعينات المنزلية، ادراج القطاع ضمن قطاع التنظيف فلا فرق بين امرأة تعمل في تنظيف منزل أو أخرى تعمل في تنظيف مؤسسة. والعمل على ابرام اتفاقيات مشتركة والتصدى لنشاط السمسرة في هذا القطاع وفرض الانتداب عن طريق مكاتب التشغيل التابعة للوكالة التونسية للتشغيل..